المزيد من الأخبار






عبد الله بوصوف.. الريفي الذي عاودت "الغرفة 305" ولادته الثانية ليروي تجربة إنسانية موغلة في وجع السرطان


عبد الله بوصوف.. الريفي الذي عاودت "الغرفة 305" ولادته الثانية ليروي تجربة إنسانية موغلة في وجع السرطان
وليد بدري

منْ جَـاوَرَ حدود "الموت" صار يقيناً بمعاناتهِ ذَا قلبٍ أكثر من رحيم؛ ذلكم القلب الذي شرّع الكاتب أبوابه للقرّاء ذات تلويحة بَوحٍ، لكي يصل الآخرين

إن المـرضَ يُرغم المرءَ على وضعِ إحدى رجليْه داخل دائرةِ الموت، لكن عندما قيض للرجل المنحدر من الريف عبد الله بوصوف أنْ يمرض، حَسَم في أمرهِ ومشَى رأساً بخطى حثيثة بإثنتيْه، على طول الخطّ المُفضي إلى جزيرة الموت المعزولة التي يرفض أنْ يسكنها أحد؛ والمدهش حقاً أنه فعـل ذلك بكل أريحية وأناة، وبذراعٍ مفتوحة تُعانق الأمل وبقلبٍ خالٍ من التحسّر على مقادير السّماء، وعامرٍ بالإيمان بقضاء الله وقدره، وهيهات أن يَحسِم الواحد منّا، في مسألةِ المسير دونما نكوص، إلى لِقاءِ حتفهِ برأسٍ مرفوعة!

هـكذا سينطبع ذهن القارئ وهو منهمكٌ حدّ الغوص، في قراءَةِ السيرة الذاتية الصادرة حديثا للدكتور عبد الله بوصوف، الذي عهدناه شخصية رسمية تعلو وجهه بشاشة نابعة من الدواخل، ذاك الوجه الريفيُّ التقاسيم، الذي تطالعنا به قصّاصات أخبار مغاربة المهجر والعالم، باعتباره أمينا عاما لمجلس الجالية، دون أن يخطر على بال أنَّ وراءَ تجاعيد ذاك الوجه، قصّةً درامية وحكاية إنسانية عميقة تخفي تفاصيلها الابتسامات الطيّبة الدائمة للرّجل القادم من تلك القرية التاريخية المهملة على مشارف الناظور، آيث سيدال.

لا غُـرْوَ في القول، إن بوصوف واحدٌ من القلائِل الّذين شحَذتْ تجربة الاِشرئباب على "الموت" شخصياتهم وحيواتهم بالشيءَ الكثير وصقلتها بفيضٍ من النّبل، فمنْ جَـاوَرَ حدود "الفناء" صار يقيناً بمعاناتهِ ذَا قلبٍ أكثر من رحيمٍ؛ ذلكم القلب الذي شرّع أبوابه للقراء ذات تلويحة بَوحٍ لكي يصل الآخرين، على اِعتبار أن المقال في هذا المقام، ليس يتعلق بسليل آيث سيدال الذي عهدناه، بل بصاحب تجربة إنسانية صرفة من الأجدر أنْ تُسرد وتُروى.

فـالقارئ للسيرة الذاتية "الغرفة 305.. مخاض الولادة الثانية"، يخرج باِنطباع أوحد، ألا وهو أنّ الرّجل عاش ولم يتفك به مرضٌ عضال نادراً جداً ما يمنح للمصابين به نسبة ضئيلة من اِحتمالية النجاة منه، لكي يُطلعنا على قسوة وطأة أنْ تكون طريح الفراش، تسكن غرفة بمستشفى إنكولوجي، إذْ كلّ ما بدواخلك يَنْزَع هرباً منكِ أنتِ الماكثُ داخلها أياما وشهوراً ويطول بكَ المقام على مدى زمن بحالهِ، لا يُسعفك خلالها سوى صوت الآذان ينبعث إليكَ من مسجدٍ، مخترقاً للمسامع وشاحناً للذّات المعتلّة الملغاة، وتسري في النفس نفحات تزيد إيمانك بالله الذي أبرأ بوصوف الذي لم يبكِيه السّقم، لأن الرجال في الّريف لا يبكون..

لـيس سرد تفاصيل تجربته الانسانية مع المرض، هي لوحدها الأشد ألماً ووجعاً، ضمن السيرة الذاتية "الغرفة 305"، بل ما ينفك القارئ ليجد نفسه غائصاً داخل فصولٍ أخرى أبلغ أثرا ووقعا على النفس، عندما يكتشف بين ثناياها تجربة حياتية متفردة للكاتب، حين آثر في مرحلة الشباب الهجرة إلى عاصمة الأنوار أواسط الثمانينات من القرن الماضي، لمتابعة مشوار الدراسة المعمّقة في شعبة التاريخ، بعدما باعت والدته الكريمة حليّها الذهبية لمسايرة سعادة فلذة كبدها.

كـما سيقف القارئ على حقيقة بواعث ذاك الراشد الذي كرَّس عمراً بحاله من حياتهِ، سعيا وراء تحقيق حلمه في تشييد "بيت الله" وسط حاضرة ستراسبورغ، وهي المهمة الصعبة التي حملها على كاهله وأفلح في تكلّلها بنجاح رغم مجابهته الصعاب والاكراهات، ومنافحته بعد ذلك بواسطة الكلمة المسموعة والمكتوبة بغية إيصال "الإسلام السمح المعتدل القابل للتعايش مع جميع الأديان" كما كان ضرورياً أن يقول الكاتب "إن الإسلام لا يهدد الغرب، كما أن الغرب لا يرفض الإسلام..".

عبد الله بوصوف.. الريفي الذي عاودت "الغرفة 305" ولادته الثانية ليروي تجربة إنسانية موغلة في وجع السرطان




1.أرسلت من قبل amaghrabi في 06/05/2017 21:02
بسم الله الرحمان الرحيم.شكرا للاستاذ المحترم بدر أعراب على تناول موضوع جد مهم يعرفنا على الكريم بن الكريم عبد الله بن محمادي بوسوف الساكن في بني سيدال قرب سوق الاربعاء.رأيته في حياتي ربما مرتيةن اوثلاث مرات وهو كان شابا في الثانوية ولا أتذكر في اية ثانوية رغم اني لي قرابة لابيه الا وهي زوجة أبيه الاولى ممعنانو هي أخت امي رحمة الله عليهما التي ماتت رحمها الله وتركت كفلين صغيرين وتزوج أبوه وأنجب اولاد احخرين أعرف منهما عمر الموجود في المانيا وعبد الله الموجود اليوم في المغرب.فصراحة أبوه كانت له ثقافة اسلامية وله اهتمام بالثقافة العصرية بحيث كان رجلا متفتحا جدا ويجادل العلماء والفقهاء وكنت أهتم بأفكاره وانا مازلت طفلا وأشعر أنه كان يخرج دائما منتصرا بأرائه الجميلة.اضافة الى هذا كان رجلا كريما رغم أنه كان متوسط الحال وليس من الاغنياء الكبار,وكان مظهره أنيق بشوش ,وابنه هذا ما اسمع عنه انه ورث اخلاق ابيه بتفتحه على العصرنة وتمسكه بالاصالة الثابتة لا يفرط فيها,وهذا كان سبب نجاحه ووصوله الى ذلك المكانة التي وصل اليها وخصوصا أنه كان من المؤسسين لمسجد شتراسبورج.فهذا المغربي الريفي واعي جدا وهادئ جدا ومثقف كبير وله تتبع لما يجري حوله وما يجري في العالم بشكل دقيق ويعمل في صمت وهدوء.فهذا نموذج رائع للمغاربة الناجحين في المهجر.وأرجو من الله ان يجعل اعماله خالصة لوجه الله وان يجعلها في ميزان حسناته وان يشفيه شفاء لا يغادر سقما ,فمثل هؤلاء يرفعون رؤوس الريفيين خاصة ورؤوس المغاربة عامة ونرجو من الله ان يكثر امثالهم في بلدي الحبيب المغرب العريق بلد الجذور القوية والمتينة في اعماق التاريخ البشري والانساني فهنيئا لم يعتز بمغربيته واسفا شديدا لمن يضجر بمغربيته

2.أرسلت من قبل vرضوان في 08/05/2017 07:32
شافاك الله وامثالك كثيرون في كل مناطق الريف وانا لله وانا اليه راجعون والعمر كتاب ولا احد يعرف اجله

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح