المزيد من الأخبار






ذاكرة مرسى يكتبها سعيد دلوح لناظورسيتي: الدلفين الاسود أخر مسمار يدق في نعش المرسى


ذاكرة مرسى يكتبها سعيد دلوح لناظورسيتي: الدلفين الاسود أخر مسمار يدق في نعش المرسى
ناظورسيتي

شهادة زوجة بحار، تدمي القلب، حول الأوضاع التي تعيشها اسر البحارة. وكل العمال.، الذين كانوا يعتشون من هذا المرسى.. السيدة جارتي اعتادت ان تمر من امام محلي.. وهي من زبنائي.. كنت قد سألتها. كيف الأحوال؟؟.. قالت بعد اخذت نفسا عميقا.. ماذا نقول.. لقد انتهى كل شيء.. زوجي في مدينة القنيطرة.. يسكن في المركب، لما يكون البحر هائجا.. رياس المراكب يعودون بسيارتهم الي الحسيمة، اما البحارة يبقون هناك.. في المراكب.. الرجل فيه مرض القلب، ويلح علي ان ارسل اليه الدواء.. اليوم يوم الاحد، الصيدليات مغلقة، لا اعرف الصيدلية التي هي في الحراسة.. كانوا في الماضي.. البحارة يصعدون من المرسي بما تيسر من أكياس السمك.. نأكل ويأكل معنا الجيران.. وشيئ من الفلوس في الجيب، مهما كانت قليلة، يمكن ان تفي بالغرض.. الرجال يعودون الي بيوتهم.. يأكلون، ويغتسلون ويرتاحون، يجدون كل شيئ جاهز في حضن الدافئ في بيوتهم، وبين أبنائهم..
شهادة السيدة، غيض من فيض، من معاناة البحارة، الذين يدفعونهم الي الرحيل، الي بيع بيوتهم.. لن يستطيعوا البحارة تحمل هذا التشريد الذي فرض عليهم.. ، هناك رجال في سنوات الأخيرة من التقاعد.. هذه المعاناة لا تشمل. فقط البحارة وعوائلهم، بل كل بيوت المدينة، كل اهل المدينة.. سواء البحارة،عمال قطاع البناء ، او الحرفيون المهنيون، او التجار.. العمال..الجميع تضرر، الي حد الإفلاس، بسبب أزمة المرسى.. بل هذه الازمة بالنسبة المدينة، هي سكتة قلبية، هي الموت الزوئام.. لن تستمر المدينة كما كانت..
كانت الأنشطة الأخرى، تعتمد بشكل كبير علي حيوية وحركة المرسى، فهو الذي يضخ السيولة في السوق، وتتحرك بذلك عجلة الاقتصاد في كل المدينة.. المحلات التجارية تمتلئ بالمواد المختلفة.. من المواد الغذائية.. الي الملابس، الي الاثاث.. حتي الكماليات.. من مواد الزينة والجمال..
الصناع والحرفيون.. ورشاتهم دائمة الحركة.. هدير الالات.. يسمع من بعيد.. وحركات السيارات في نقل المواد المصنوعة، لا تهدأ .. كما ان إحياء بكاملها.. تبني، وتقام، نسأل متي ارتفعت هذه الأبنية.. في غفلة منا..العمال المياومون بدورهم، كانوا يجدون فرص العمل في المدينة،.. كانت المدينة قبلة لليد العاملة القادمة من مناطق أخرى.. تعمل في قطاع البناء، وقطاعات أخرى... كانت الف اطنان من السلع تصل يوميا من الدار البيضاء، والمدن الأخرى.. الي سوق الحسيمة.. والبلدات المجاورة..
لكن هذه الحركة أصبحت اثر بعد عين.. شلل اقتصادي كبير، أجواء قاتمة، تلبد سماء المدينة.. التجار، الحرفيون، العمال، وقبلهم البحارة.. كلهم مصطفون في طابور واحد.. يفكرون في الرحيل، بعد ان رحل الكثير منهم.. عندما لم يستطيعوا ان يستمروا في هذه الظروف..


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح