المزيد من الأخبار






بلال مرابط يكتب: سن 18.. متى تبدأ المسؤولية؟


بلال مرابط يكتب: سن 18.. متى تبدأ المسؤولية؟
بقلم: بلال مرابط

ومما لا ريب فيه أن جل القوانين الوضعية التي تعتمدها الدول تبنى على أساس السن، ولا سيما القوانين الجنائية منها. وإن كان القاصرون ليسوا استثناء من الخضوع للنصوص القانونية، إلا أن الطابع القانوني في التعامل معهم يكون إصلاحيا دون أن يكتسي الصفة الزجرية، بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة للراشد. ومن هذا المنطلق، فإن تأطير المجتمع يعتمد حتما على سنه، غير أن المعضلة الكبرى تكمن في السؤال: متى يبدأ سن الرشد الحقيقي؟

هل من كان في السابعة عشرة و364 يوما يعد قاصرا؟ ثم يتحول، بمجرد مرور منتصف الليل، إلى راشد كامل الأهلية؟

متى يجب اعتبار المغتصب مجرما في نظر القانون؟ ومتى تتوارى عنه هذه الصفة لاعتباره قاصرا أو حدثا غير مميز؟

متى يعد القاتل مجرما؟ ومتى تنصرف عنه هذه الصفة لانعدام الأهلية أو النية، لكون الحدث مجردا منها؟

ومتى يمكن اعتبار السارق مجرما؟ ومتى لا يكون الأمر كذلك؟

أسئلة كثيرة خلص القانون الوضعي في تعليقها في سن الثامنة عشرة، مع بعض الاستثناءات، قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.

إن الفكر السياسي لم يعتمد في تاريخه القديم سنا محددة للرشد، بل ذهبت معظم المدارس إلى ربطه بالوعي. فقد رأت الليبرالية الكلاسيكية، متمثلة في فلاسفتها كجون لوك وروسو، أن الحرية تمارس حين يملك الإنسان القدرة على الاختيار، واعتبرت أن الشخص يصبح راشدا عندما يمتلك القدرة على اتخاذ القرار. كما رأت المدرسة ذاتها أن القاصر هو من لم يكتمل وعيه العاطفي والسياسي.

وفي هذا الصدد، يبرز جان جاك روسو في مؤلفه الشهير «العقد الاجتماعي» فكرة جوهرية مفادها أن المجتمع هو الذي يصوغ المواطن ويمنحه وعيه السياسي، فالفرد لا يولد ناضجا سياسيا بالفطرة، بل يكتسب هذا النضج عبر التفاعل مع مؤسساته وقيمه وتجاربه الجماعية. ومن ثم، فإن الانتماء السياسي والعقل المدني ليسا مسألة وراثة بيولوجية، بل ثمرة تربية اجتماعية وثقافية تهذب الغرائز الطبيعية وتوجهها نحو الصالح العام.

في المقابل، يرى الفكر الوضعي، كما عند أوجست كونت وسان سيمون، أن الإنسان يقاس بنضجه الاجتماعي، بمعنى أن سن الرشد يحدد بقدرة الشخص على التفاعل مع المجتمع وفهم وإدارة العلاقات والمواقف الاجتماعية بكفاءة ومسؤولية. ومن هذا المنطلق، برزت فكرة تحديد سن مناسب للعمل والتعليم، والانخراط في مختلف مجالات الحياة، بما يضمن تكوين فرد قادر على المساهمة الفعالة.

غير أن طائفة من الفلاسفة والأطباء قدموا تفسيرا آخر لسن الرشد، إذ رأى عدد من الأطباء أن البيئة المناخية والتي تتكون من درجة الحرارة والرطوبة والضغط الجوي وسرعة الرياح، تؤثر مباشرة على سن البلوغ. ومن أبرز هؤلاء الطبيب اليوناني جالينوس، الذي ذهب إلى أن المناخ الحار يؤثر في الأخلاط الجسدية، كالدم والصفراء، مما يسرع من نضج الجسم ويؤدي إلى بلوغ مبكر، إذ قد يبلغ الإنسان في المناخ الحار في سن العاشرة.

وفي السياق ذاته، رأى الطبيب والفيلسوف الفارسي أبو بكر الرازي في القرن العاشر للميلاد أن المناخ يؤثر تأثيرا مباشرا على سن البلوغ، وخلص إلى أن الفتيات في المناطق الحارة، كالجزيرة العربية "الخليج العربي"، يبلغن في سن التاسعة بسبب الحرارة التي تنشط الدورة الدموية والهرمونية، بينما يتأخر الأمر في أوروبا الباردة إلى نحو الرابعة عشرة أو أكثر. بل ذهب بعض المفكرين أبعد من ذلك، كالطبيب وعالم الجريمة الإيطالي الشهير سيزار لومبروزو مثلا، الذي رأى أن للمناخ علاقة بنوعية الجرائم حتى، فجرائم العنف حسب سيزار تكثر في الأجواء الحارة، بينما تنتشر جرائم الأموال في الأجواء الباردة.

ورغم أن العلم الحديث تجاوز كثيرا من تلك الفرضيات الفلسفية الطبية، إلا أن تأثير المناخ قد تلحظه بالعين المجردة. فمن عاش في البادية وسأل جده أو جدته عن سبب فساد بعض البيض في العش رغم أن غيره فقس طبيعيا، سيجيبك حتما ب: «ضربها البرد أو ثخصا»، أي أن المناخ والمتمثل في الحرارة المنخفضة هنا كان السبب في توقف نموها. ومن هذه النقطة يتضح أن الحرارة –بزيادتها أو نقصانها– كانت دوما عامل مؤثر، لدرجة الحيا أو الموت، وقد أدرك الأجداد ذلك بأسلوب الملاحظة، وهو من أقدم أساليب المناهج العلمية التي نعتمدها حتى اليوم. فنحن لا نحتاج إلى الأقمار الصناعية لنعرف أن الشمس تشرق من الشرق وتغرب في الغرب، لكن أدركنا ذلك من خلال "أسلوب الملاحظة" اليومية، وكذلك أجدادنا كانوا يفعلون.

ومما يعزز هذا الاتجاه "إلى جانب فرضيات العلماء" عدد من الدراسات العلمية الحديثة، منها دراسة نشرت في الموقع الرسمي للمركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية (NCBI) التابع للمكتبة الوطنية الأمريكية للطب (NLM)، وهي جزء من المعاهد الوطنية للصحة (NIH) في الولايات المتحدة، بعنوان: (Heat Exposure Predicts Earlier Childhood Pubertal Initiation, Behavioral Problems, and Tobacco Use)، أي «التعرض للحرارة المرتفعة يتنبأ ببلوغ مبكر، ومشكلات سلوكية، واستخدام التبغ عند الأطفال».

وقد أجريت هذه الدراسة على أكثر من 11,800 طفل، وخلصت إلى أن تعرض الجسم لدرجات الحرارة المرتفعة يزيد من احتمال البلوغ المبكر بنحو نصف سنة في المتوسط. كما أشارت الدراسة إلى أن ضعف البنية التحتية وسوء التغذية في الأحياء الفقيرة –التي تكون أكثر تعرضا للحرارة– يساهم بدوره في تسريع سن البلوغ.

وفي سياق ذي صلة، تناولت دراسة سردية –وهي من نوع الدراسات التي تلخص وتحلل نتائج بحوث سابقة– بعنوان: (Factors Affecting Menstrual Cycle Developmental Trajectory in Adolescents) «العوامل المؤثرة في مسار تطور دورة الحيض لدى المراهقات» نشرت في المجلة الدولية للغدد الصماء والأيض (International Journal of Endocrinology and Metabolism)، موضوع العوامل المؤثرة في مسار الدورة الشهرية لدى المراهقات. وقد أشارت إلى أن البيئة الجغرافية والمناخية –كالرطوبة والحرارة– ونمط الغذاء (خاصة البروتين الحيواني والنباتي) تؤثر تأثيرا أساسيا في سن البلوغ.

غير أن هذا البلوغ المتأثر بعوامل مختلفة، عاد ليتقلص مجددا وفقا لدراسات مختلفة، ضمنها دراسة نشرت في مجلة Clinical Epidemiology and Global Health بعنوان: “Study on Age of Menarche Between Generations and the Factors Associated with It” «دراسة حول سن الحيض بين الأجيال والعوامل المرتبطة به»، حيث قارنت بين سن الحيض لدى الفتيات وأمهاتهن، فوجدت انخفاضا ملحوظا، إذ بلغ متوسط سن الحيض لدى الفتيات 12.5 سنة، مقابل 14 سنة لدى الأمهات، وعزت الدراسة هذا التراجع إلى نمط الحياة الخامل وكثرة استهلاك الوجبات الجاهزة.

وتعزز هذه النتائج وقائع واقعية في المغرب كنموذج، حيث شهدت البلاد على مر السنين حالات اغتصاب نتج عنها حمل لدى فتيات لم يبلغن الثامنة عشرة، بل يكدن ألا يتجاوزن الثانية عشرة في بعض الحالات، وهو سن تنعدم فيه المسؤولية الجنائية كليا وفق القانون المغربي، فالفصل 138 من مجموعة القانون الجنائي ينص صراحة على أن «الحدث الذي لم يبلغ اثنتي عشرة سنة كاملة يعتبر غير مسؤول جنائيا لانعدام تمييزه».

ومن أبرز الأمثلة حالة الفتاة التي تعرضت للاغتصاب في جرسيف مطلع سنة 2021، ثم استغل ابن عمها الوضع وواقعها، مما أسفر عن حمل أجهض بعد أسبوع. وهنا، إضافة إلى فداحة الجريمة التي تستلزم الزجر سواء كانت الضحية غير مميز، أو بلغت من الكبر عتيا، وكذلك الجاني، يطرح سؤال آخر: كيف لقاصر أن تحمل؟

ولعل كل ماسبق، كان السبب في أن الإسلام لم يحدد سنا ثابتة للرشد، لا في القرآن ولا في السنة، بل ترك المعيار مرتبطا بالبلوغ والنضج. إذ يقول تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنكُمُ الحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ [النور: 59]، فالآية الكريمة، جعلت الاحتلام أو الحيض معيارا للتكليف، دون أن تلتفت للسن، وفي الحديث الشريف، لما رفعت امرأة صبيا إلى النبي صل الله عليه وسلم فقالت: «ألهذا حج؟» قال: «نعم، ولك أجر» (صحيح مسلم). فلم يسألها عليه السلام عن عمره، بل اعتبر القدرة معيارا للفعل والمشاركة، لا الرقم.

وفي حديث آخر لابن عمر رضي الله عنهما قال: «عُرضت على النبي عليه السلام، يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني» (متفق عليه). وفي رواية البيهقي: «فلم يجزني ولم يرني بلغت»، وصححه ابن خزيمة. وهذا يدل صراحة، على أن المعيار لم يكن السن، بل النضج والقدرة التي رآها النبي عليه السلام، والتي تختلف من شخص لآخر.

ورغم اختلاف العلماء المتقدمين والمتأخرين في تحديد سن البلوغ، فإن القرآن والسنة لم يحددا سنا رقمية لذلك، مع أن النبي صل الله عليه وسلم كان قادرا على فعل ذلك، أو على الأقل أن يحدد مدى تقريبي، كما فعل حين قال في حديثه: «أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين وقليل من يتجاوز ذلك» (رواه الترمذي) لكنه لم يفعل.

إن العلم الأدبي يبنى على ما قبله، بخلاف العلم التجريبي الذي يبنى على أنقاض ما سبقه، وهذا ما حدث هنا. فنتيجة للتراكمات الفلسفية والسياسية والطبية، جاءت الاتفاقيات الدولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، لترسخ سن الأهلية القانونية، ثم اتفاقية حقوق الطفل (1989)، التي نصت في مادتها الأولى على أن "الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره إلا إذا بلغ سنّ الرشد قبل ذلك بموجب القانون الوطني". وبناء على هذه الاتفاقيات وغيرها، تأثر المشرع المغربي بالغ التأثر، ليحدد سن الرشد في المادة 209 من مدونة الأسرة بـ«ثماني عشرة سنة شمسية كاملة».

إن الحقول المعرفية التي تناولت مسألة تحديد سن الرشد وعلامات البلوغ، رغم تباين منطلقاتها ومناهجها، من الوعي والمسؤولية في الفكر السياسي، إلى تأثير المناخ في الفلسفة، وجودة التغذية في الطب، ثم مفهوم القدرة في التصور الإسلامي، إلا أنها تتلاقى جميعا عند حقيقة واحدة مفادها أن الرشد الإنساني لا يمكن أن يتم اختزله في رقم أو سن محدد، بل هو ثمرة تفاعل معقد بين العوامل البيولوجية والاجتماعية والفكرية والروحية، تختلف باختلاف الإنسان والبيئة التي ينشأ فيها.

إن الطبيعة البشرية، وإن أردنا تناولها من منظور فلسفي، تفرض وجود المسؤولية كغريزة أصيلة وشرط ضروري لاستمرار الحياة. فالإنسان يولد مزودا بها دون حاجة إلى دروس تقوية أو دورات تكوينية، إذ يكفي أن نراقب الطفل لحظة قدومه إلى العالم، وهو يصرخ طلبا للطعام أو شكاية من الألم، فيمارس بذلك أول أشكال “المسؤولية الفطرية” عن ذاته. إن ذاك الصراخ العفوي ليس مجرد انفعال جسدي، بل هو إعلان وجود ودفاع غريزي عن حقه في البقاء. بل إن الأمر يتجاوز ذلك حين نراه يمسك بثدي أمه دون وعي مسبق أو تجربة بنا عليها، كأن الفطرة نفسها تتولى زمام المبادرة، وتعلمه أن الحياة لا تمنح، بل تنتزع منذ اللحظة الأولى للصراخ، دون أن تنتظر من يقدم لك الحصانة "الطعام" دون أن تطالب به، وهو أول أشكال تحمل المسؤولية.

إن سن الثامنة عشرة ليس نقطة تحرر كما يخيل لمعظم الناس، بل هو في كثير من الأحيان وهم خادع، يوهم الشاب بأنه غير مسؤول بعد، فيؤجل وعيه، ويمدد طفولته إلى أجل غير مسمى. وهكذا يتراكم على المجتمع عبء جيل لم يمنح الفرصة ليكتشف وزر المسؤولية مبكرا، ولا لذة النضج الحقيقي الذي لا تمنحه الأرقام بل التجارب. وما أبعد هذا عن المسؤولة الفطرية للإنسان التي أشرنا إليها.

فالإنسان لا يستيقظ في صباح عيد ميلاده الثامن عشر ليجد عقله قد اكتمل، أو ضميره قد نضج. بل إن هذا التقويم الزمني أشبه بحد إداري وضع لضبط القوانين، لا لقياس الإدراك. ومع ذلك، فقد صار هذا الحد قيدا نفسيا واجتماعيا يمنع كثيرين من تحمل مسؤوليتهم قبل الموعد المرسوم.

وفي هذا السياق، كشفت دراسة نشرت في مجلة Journal of Youth and Adolescence عام 2022 أن القاصرين الذين يعلمون بأن عقوبتهم ستكون أخف من عقوبة البالغين، أو تنعدم أحيانا، يظهرون سلوكا أكثر تهورا بنسبة 28%. هذا المعطى العلمي يسلط الضوء على فكرة مألوفة في مجتمعاتنا: “رعقر نربز، أو رعقر وحنجا أمزيان”، أي عقل فتى صغير "مبررا ما صدر عنه". لكن هل هو فعلا نقص في العقل؟ أم أن المسألة تتعلق بـ”الحصانة” التي تمنحها الأسرة والقانون والمجتمع، فتجعل الشاب يتصرف باندفاع لأنه يعلم أن يوجد من سيتكفل بعواقبه، أو ستتم مسامحته لأنه "ذاميزان".

ففي غياب هذه “المظلة”، كما في غياب الجدة التي تحمي الحفيد من غضب والديه، أو الأم التي تبرر أخطاء ابنها أمام العالم، ربما كان ذلك الشاب سيعيد التفكير ألف مرة قبل أن يتهور، سواء في أخذ قلم ليس ملكه، وصولا لأفضع الأعمال. إن المسؤولية لا تولد مع الإنسان، بل تمنح له حين يؤخذ منه الأمان الزائد، وذلك قبل أن يستقر عوده في 18 هذه، على أفعال ألفت عليه نفسه.

فهل من المنطقي أن يعيش المرء 76 سنة كمتوسط العمر في المغرب، بحسب تقرير صادر عن منصة “Vironoi” المتخصّصة في البيانات والإحصاء لهذه السنة، ثم أن يقضي الإنسان قرابة الثلث من عمره الأول في دائرة الحماية، دون أن يكون لشخصه الأثر المباشر على المجتمع.

إنه لمن الصعب، أن يقضي الشخص ربع قرن تقريبا بين جدران "الحصانات المختلفة" معزول عن اختبارات الواقع، ثم نطالبه لاحقا بأن يكون مواطنا ناضجا واعيا بمسؤوليته السياسية والاجتماعية. وإن تأخير وعي الفرد يعني تأخير وعي الأمة، فالطفولة الممتدة ليست ترفا تربويا، بل قيد حضاري يقتل روح المبادرة، ويحول الكبار إلى أطفال يملكون بطاقات هوية راشدة.

حين نغذي في الفرد فكرة أنه “غير مستعد بعد”، فإننا نصنع إنسانا يتردد في كل قرار يخصه، ولعل هذه الذهنية تفسر "من دون دراسة هذه المرة" تراجع نسب الزواج، لأن الشاب الذي لم يتعلم تحمل مسؤوليته في أبسط أمور حياته، لن يعرف الطريق إلى بناء أسرة، وبأي مقومات يبني هذه الأسرة وربما مايزال تحت كنف من يدلل طفولته، ويصفق لها على أنها شيء مجيد.

ولعله من جديد، المجتمع الذي يطالب بتأجيل الزواج بحجة “عدم النضج” هو نفسه الذي لم يرب أبناءه على النضج المبكر. إنها دائرة مغلقة من الوصاية والتبرير، يدور فيها الجميع دون أن ينتبه أحد منا أن الخلل لم يكن في العمر، بل في التربية على المسؤولية منذ الصغر.

ربما آن الأوان لإعادة النظر في مفهوم “سن الرشد”، ليس كرقم قانوني وفقط، بل كحالة وعي متراكمة. فالمجتمعات تبنى بتربية العقول على اتخاذ القرار، وعلى تحمل عواقبه، وإن الشاب الذي يسمح له بأن يخطئ مبكرا سيتعلم مبكرا، أما الذي يحاط بالعذر والوصاية حتى العشرينات، فسيبقى يتعلم متأخرا، في زمن لا يحابي المتأخرين.

ولعل السؤال الأجدر بالطرح ليس: من هو القاصر؟
بل: بأي معيار يكون الإنسان قاصرا؟


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح