المزيد من الأخبار






الأستاذ ياسين بيشو يكتب.. التاريخ رجل خذل مطالسة


الأستاذ ياسين بيشو يكتب.. التاريخ رجل خذل مطالسة
ياسين بيشو

أذكركم بذاك الإنسان والمجتمع الصغير الذي اختار العزلة والأرض القاحلة ليجعلها موطنا له وينبت بين تشققات التربة قوت يومه ويصنع من حجر الجبال وطين الجروف منزلا له، محاولة منه الحفاظ عن هويته وثقافته بما فيها عاداته وتقاليده ومعتقداته ...

قبيلة مطالسة أو "ابدارصن" كما سمتهم القبائل الأخرى أو بالأحرى كما أحبوا ان يلقبو بها، تلك التي أصبحت في زاوية النكران والنسيان حيث طعنها الجيران قبل الأعداء فهل حقا التاريخ رجل لا ينسى أم أن رجولته لم تكتمل مع عزم هؤلاء في الاستمرار أمام كل أنواع الصدمات والضغوط.

إن الوضع الراهن لهذه القبائل يعيش نوع من الانحطاط والركود إن صح التعبير من ناحية التعريف بهذا المجتمع المتشتت جغرافيا، بحيث تنعدم المراجع التاريخية وبالكاد نجد اسم هذه القبيلة في مواقع البحث والتدوين، فمن زاوية التحليل المنطقي يلاحظ أن هناك نوع من اليأس وفقدان الأمل ،إذ أن تلك القوة التي كان يمتلكها أبناء هذه القبيلة للاستمرار أمام كل محاولات الإقصاء وطمس هوية هذا الكائن المتخلى عنه، أصبحت تضعف بوتيرة كبيرة في السنوات الأخيرة وغلب عليها الصمت، فهل هو سكوت الرضا أم أنه استسلام وضرب في التضحيات؟.

فالوسط الجغرافي الذي تتوزع عليه قبائل مطالسة ليس بالصدفة وان عزمها على الانغلاق ورفض كل محاولات الانفتاح على الأخر ليس من العبث أو الجهل، إذ أن هذا الإنسان مازال ينظر إليه بعين الاحتقار ودائما يظل ذلك الشخص الجاهل لكل ما هو حضاري والقاسي في التعامل مع المواقف بكل عقلانية وانه في بعض الأحيان يستحيل الوصول معه إلى حوار، دون أن نغفل ذلك التشتت على مستوى التموقع الجغرافي..

كل هذا لا يمكن أن ينبع من فراغ، ربما الافتقار إلى تدوين الأزمات والتضحيات التاريخية التي عطلت تطور هذه القبائل قد ساهم في بروز هذه المفاهيم وما يزيد الطين بلة أنها مازالت قائمة رغم وجود كفاءات قادرة على التعامل ورد الاعتبار للوسط الذي عاشت فيه.

فغياب هذا المجتمع الكبير الصغير عن المشهد السياسي والاجتماعي لا يفسر بكونه لا يمتلك من هو قادر على الخوض في هذه المجالات بقدر ما هو تقصير في رد الجميل ودفع هذه الشريحة إلى عجلة التغيير والتطور الاجتماعي من طرف أبناءها، لان هذه القبائل قدمت تضحيات وخاضت معارك واستشهد أبناءها وكافحت من أجل البقاء متمسكة بنمط عيشها الثقافي والاجتماعي وبالأحرى قد ساهمت في إكمال رسم لوحة التاريخ للرفيين عامة ومازالت إلى يومنا هذا، وبالتالي هي الأخرى تستحق أن تشغل بال الفئة الواعية، تستحق النبش في زواياها التاريخية لعمق تاريخها المتناسي، وكل هذا النسيان لا يمكن أن يبرر إلا بتخاذلنا وتقاعسنا جميعا في رد الجميل.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح