المزيد من الأخبار






هل تنهار دولة الرفاهية الأوروبية؟ صندوق النقد يطلب التقشف الآن


هل تنهار دولة الرفاهية الأوروبية؟ صندوق النقد يطلب التقشف الآن
ناظورسيتي: متابعة

في تقرير يثير قلق العواصم الأوروبية، حذر صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع من أن القارة العجوز تسير بخطى متسارعة نحو أزمة مالية جديدة، قد تجعل من الديون العامة قنبلة موقوتة تهدد استقرار منطقة اليورو خلال العقدين القادمين.

فوفقا للتقرير الأوروبي الصادر عن المؤسسة المالية الدولية، من المتوقع أن يقفز متوسط الدين العام في أوروبا إلى نحو 130% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040، أي ما يقارب ضعف المستوى الحالي. تحذير لم يأت من فراغ، بل جاء مدعوما بأرقام مقلقة تظهر أن أنظمة الرفاهية الاجتماعية الأوروبية باتت غير قابلة للاستمرار بنفس الوتيرة.


مدير الإدارة الأوروبية في صندوق النقد الدولي، ألفريد كامر، لم يخف تشاؤمه، قائلا بوضوح:

"القارة تواجه سؤالا وجوديا: كيف يمكن تمويل أشياء لم تعد قادرة على تحمل تكلفتها؟".

وأوضح كامر أن التحديات السكانية، وفي مقدمتها تسارع الشيخوخة، ستؤدي إلى تضخم الإنفاق العمومي على الرعاية الصحية والمعاشات والتقاعد وأمن الطاقة والدفاع. التقديرات تشير إلى أن هذه النفقات الإضافية قد تصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال 15 سنة فقط.

وفق التقرير، فإن هذا المسار سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأوروبي بمعدل نصف نقطة مئوية سنويا، في وقت لا يتجاوز فيه النمو الحالي 1.25%، وهو ما يجعل القارة مهددة بفقدان قدرتها التنافسية على المستوى العالمي.

من هنا، دعا الصندوق إلى اعتماد برنامج تقشف شامل يحقق وفورات تعادل 3.5% من الناتج المحلي خلال خمس سنوات، عبر خفض الإنفاق الاجتماعي وإصلاح أنظمة الدعم وإعادة النظر في دور “دولة الرفاهية” التي ميزت أوروبا لعقود.

أشار التقرير إلى أن دولا مثل فرنسا وبلجيكا مطالَبة بخفض نفقاتها العمومية بشكل عاجل، بينما طلب من دول أوروبا الشرقية، كالمجر، رفع الضرائب على الشركات والدخل لتحسين مداخيلها المالية.

كما حذر الصندوق من أن أي تأخير في تطبيق هذه الإجراءات سيجعل أنظمة الحماية الاجتماعية غير قابلة للاستمرار، ما قد يدفع الحكومات إلى فرض رسوم على زيارات الأطباء أو تقليص الإعانات الأسرية أو حتى خصخصة بعض الخدمات العمومية، وهي سيناريوهات كانت إلى وقت قريب “خطوطا حمراء” في الوعي الأوروبي.

وفي ختام تقريره، شدد صندوق النقد الدولي على ضرورة إعادة هيكلة الإنفاق الاجتماعي من خلال:

رفع تدريجي لسن التقاعد.

تقليص الدعم الموجه للطاقة والتعليم.

تشجيع الادخار الشخصي كبديل جزئي عن الاعتماد الكامل على الدولة.

وإن كان التقرير يعكس رؤية مالية صارمة، إلا أنه يطرح سؤالا يهم ملايين الأوروبيين الشباب: هل سيكون الجيل القادم قادرا على تحمّل تركة الديون دون أن يفقد الأمان الاجتماعي الذي ميز أوروبا لعقود؟


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح