المزيد من الأخبار






في حضرة الولي "سيدي شعيب أونفتاح".. تعرفوا على حكاية رجل صالح شغل الناس بتمسمان


في حضرة الولي "سيدي شعيب أونفتاح".. تعرفوا على حكاية رجل صالح شغل الناس بتمسمان
منعم الأزرق

تقول حكاية متواترة لدى أهالي تمسمان إن شعيبا حل ببلادهم، قادما من آيت سعيد، في زمن لا يذكرونه بالتحديد. كان متزوجا قبل أن ينزل ببلاد "النار والماء"، صحبة كلبته السلوقية (ثوشَّايث). اشتغل، في البدء، راعيا لقطعان أبقارهم ومواشيهم لردح من الزمن، وحدث، بعد ذلك، أن غاب عنهم لغرض خاص به، ولما طال غيابه واستيأسوا من إيابه عزم أهل البلاد على ذبح عجل شعيب (الذي كان هدية منهم إليه!). اعترض بعض الحكماء والمتريثين، لكن الكثيرين لم يجدوا ضيرا في ذبح العجل بذريعة "استحالة رجوعه إلى تمسمان".

ولما أجمعوا على أمرهم، ذبحوا العجل وسلخوه، وبينما هم يقدون لحمه ويقسمونه حصصا بين ىكافة أسر المدشر، طلع عليهم شعيب.. وبوقاحة سافرة اقترح عليه أحد الجفاة العتاة أن يأخذ نصيبه من عجله الخاص! طلب شعيب من الحضور أن يلملموا قطع العجل، ولما أتموا تكويمها صاح بها: " ي الله آوليدي كار بد../ هيا يا ولدي انتصب واقفا"، وما كان من كتلة اللحم إلا أن دبت على قوائمها وقصدت مرعاها الأقرب إليها أمام دهشة الجميع.

وتقول حكاية أخرى: كانت السلوقية لا تفارقه، وقد حدث أن نزل الإسبان بشاطئ تمسمان فاختطفوا طفلة صغيرة، ثم ركبوا قاربهم ولاذوا بالفرار. جاءت أمها المفجوعة تشكو حالها للولي الذي شاعت كراماته بين الناس، ملتمسة منه إرجاع ابنتها إإليها. قصد شعيب البحر بمعية سلوقيته، ولما أدركا الشاطئ أشار لها أن تشق عباب البحر: كانت في البدء توصوص مترددة، لكن البحر انشق أمامها مفسحا لها الطريق.. انطلقت تركض بسرعة قصوى، واستمرت على ذلك الحال حتى بلغت الضفة الأخرى، حيث انتزعت الطفلة من مختطفيها، وكانوا قد أدركوا البر بالكاد، ووضعتها على ظهرها، ثم عادت لتوها متبوعة بالأعداء الذين كانوا يطاردونها قبل أن تنطبق عليهم ألسنة المياه.

وبمجرد بلوغها بر تمسمان وقعت على الأرض ولفظت آخر أنفاسها، لكن ليس قبل أن تضع الطفلة أمام أمها الشاكرة، ولا قبل أن تنال عين الرضى من سيدها. وتخليدا لهذه السلوقية فقد دفنت على مرمى حجر من ضريح سيدي شعيب، وهي تُزار بدورها من لدن الوافدين على الضريح للتبرك والشفاء.

ارتبطت زيارة ضريح سيدي شعيب بعيد المولد النبوي الشريف، حيث يتوافد عليه الناس من كل قبائل الريف، وإذا كانت زيارته، في اعتقادهم، تمنح البركة للوافدين وتشفي عللهم وتحقق آمالهم، فإن شعيبا تميز عن غيره من الأولياء بكونه عاش راعيا، أعزبا، ومحبا للسماع الصوفي. وهذا ما كان يجعل البالغين يؤمونه "ليفتح عليهم بحب مشكور وزواج مبرور".

كما أن هذا الولي يمنح أيضا بركته لكل سالك درب "تامديازت" ومعارج السماع والغناء، فكل من توسم في نفسه الرغبة والاستعداد للعزف على آلة من الآلات الموسيقية كان لا بد له من الإقامة والمجاورة بضريح "سيذي شعيب أومفتاح" لمدة من الوقت قبل أن ينال "إجازته" وتتفتق موهبته، وتسري شهرة صناعته بين الناس، فيستدعى بالتالي للأفراح والأعراس.

هذه الصفة هي التي جعلت الولي سيدي شعيب ينال حصة الأسد من متن الإيزلي الريفي المخصص للتبرك بأولياء الله. وهو ما قاد أيضا خطى جل المغنين المعروفين ببلاد الريف إلى قبته البيضاء، ليشهدوا بعد ذلك، بكامل الفخر والامتلاء أنهم "قد مروا "من هناك"! يروي لنا شاب شاركنا في وجبة الكسكس المحلب بالضريح: " كلهم مروا من هنا، المرحوم سلام الريفي لن يكون آخرهم طبعا... إن ذلك الطقس للأسف لم يعد موجودا بنفس النغمة إن لم نقل بأنه سائر للزوال.. مضى كل شيء والبركة تكاد أن... ولكن الحمد لله دائما مادمنا أحياء ".


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح