المزيد من الأخبار






عشرون سنة من الأمجاد والمنجزات من زاوية مغاربة العالم


عشرون سنة من الأمجاد والمنجزات من زاوية مغاربة العالم
بقلم محمد الشرادي - بروكسيل -

يستعد الشعب المغربي وكعادته في كل سنة تخليد ذكرى عيد العرش المجيد كما يتهيأ لاستقبال عيد الأضحى المبارك أعاده الله على جميع المؤمنين باليمن والخير والبركات وجعل أيامه الكريمة مطلع سعد وسؤدد دائم لأمير المؤمنين نصره الله ولشعبه الوفي المتعلق بأهداب العرش العلوي المجيد.
ولعله ليس صدفة أن تقترن فرحة الشعب المغربي بعيد العرش المجيد مع احتفاله بطلعة عيد الأضحى المبارك ، فعبر تاريخ هذا البلد الأمين الممتد في شعاب الحضارة الإنسانية وجذورها الراسخة ، قرونا طويلة وأحقابا متواصلة، كان التمسك بديننا الحنيف والوفاء للملكية ، شيمتان متلازمتان تشكلان عنصرا أساسيا من العناصر المقدسة للهوية المغربية المتميزة ولشخصية هذه الأمة التي شاءت الأقدار أن تجعل منها أمة وسط ، وجسرا لتلاقي التيارات الحضارية الراقية ، مما أتاح لها أن تضطلع بحمل الأمانة الفكرية والدينية واستمرارها كمشعل ساهم ولا يزال في نشر الوعي والمحبة والسلام بين الشعوب والأمم.
إن الاحتفال بذكري عيد العرش ليس تقليدا عاديا مثله مثل الاحتفال بالمناسبات الوطنية الأخرى ، فذلك سلوك حضاري درجت عليه جميع الشعوب والأمم لتخليد اللحظات الخالدة في تاريخها، لكن الاحتفال بعيد العرش المجيد يتجاوز هذا الإطار التقليدي ويفوقه قيمة و معنى ، ذلك أن عيد العرش يجسد في مضامينه الروحية السامية ومعانيه التاريخية الخالدة أسمى درجات التوحد والالتحام بين ملك نذر حياته من أجل نهضة أمته وازدهار بلاده ورقي شعبه ،وبين شعب يتمثل أرفع مراتب العشق والتعلق بشخص قائده ويجسد في أقوى الصور استعداده الدائم للبذل والعطاء والتضحية مجندا وراء عاهله المفدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
لقد شكلت العشرون سنة الأخيرة من عمر الدولة المغربية الممتد إلى عدة قرون في التاريخ ، شكلت فترة من أزهى الفترات وأخصبها بالنسبة لنضالات هذه الأمة الأبية ،فالعقدين الأخيرين كانا بحق وعن جدارة واستحقاق هي سنوات المجد والعز والكرامة ، لأنها شهدت ميلاد مغرب الإنجاز والنماء ، مغرب الديمقراطية والبناء ، مغرب الإنسان المتحرر من كل عقد الخوف والتردد والمنطلق نحو المستقبل بكل ثقة وثبات.
فالسنوات الغر التي تولى فيها الملك محمد السادس حفظه الله قيادة دفة سفينة البلاد كانت سنوات الخضر العامرة بسنابل الخير والأمل والغد الموعود بكل البشرى والتفاؤل والازدهار، لأن ما تحقق في العشرين سنة الأخيرة يعتبر بكل المقاييس من الإنجازات الرائعة التي حققها العاهل الكريم وهو رائد مدرسة التحدي التي علمت الشعب المغربي قهر الصعاب واجتراح المستحيل ، ولأن ما أنجز حتى الآن في هذه الفترة القصيرة بعمر الزمن يعد معلمة ومفخرة ودرسا لكل الشعوب الساعية إلى بناء دولة حديثة وإرساء معالم سياسة عصرية شاملة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
وكان جلالة الملك محمد السادس خير خلف لخير سلف واستطاع خلال هذه السنوات القليلة من عهده الزاهر أن يجعل من بلدنا دولة لها مكانتها المتميزة بين الدول المتقدمة كما أتاح للشعب المغربي أن يعبر عن عبقريته الحضارية ليتبوأ مرتبته اللائقة بين شعوب الأمم والمعمور ،وإذا كان الأمر يتعلق بجرد أو حصر لما تحقق في العشرين سنة ، فإن المجال لا يسع لذلك، لكن وعلى سبيل المثال فإن المغرب اليوم بفضل حنكة جلالة الملك وسياسته الحكيمة تمكن من أن يصبح بلدا له وزنه السياسي الملحوظ الذي لا يمكن تجاوزه لما يضطلع به من دور قيادي هام على صعيد المجموعات الجهوية والإقليمية والدولية سواء على المستولى المغاربي أو العربي أو الإفريقي أو الدولي.
وكانت الأدوار والمواقف التي ميزت السياسة الخارجية المغربية منذ تولي جلالة الملك محمد السادس لمقاليد الأمور في البلاد عنصرا هاما جعل من المغرب محاورا رئيسيا وقطبا يتم التشاور معه في كل صغيرة وكبيرة تهم شؤون محيطه الدولي سياسيا واقتصاديا ، وتمكن المغرب بفضل هذا التقدير من أن يصبح قبلة للحوار والتلاقي بين مختلف الشعوب والدول وخاصة عبر القارة الإفريقية وذلك في كل مساعي السلام ونشر الاستقرار والتعاون بين الأمم والجماعات.
إذا نحن نظرنا إلى هذه السنوات العشرين بمنظار تقييم التجربة في أبعادها الحضارية لوجدنا أن هذه الفترة تعتبر تلخيصا لأحقاب وقرون من عمر المسيرة المغربية في أزهى مظاهر عنفوانها ، وأرقى خلاصات تجاربها بكل ما تحمله من قيم وجهود تسعى إلى إعلاء مكانة هذا البلد وتبويئه المراتب الرفيعة التي يستحقها بين الشعوب والأمم المجيدة.
إن من الصعب الحديث عن كل تفاصيل مسيرة الخير والأمجاد والتقدم التي خاضها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله خلال العشرين سنة الأخيرة فالحديث عن التحولات الاقتصادية والإنجازات السياسية تعني الدخول في رصد تاريخي معمق ومطول لكل ما تحقق، لكنني أريد أن أتوقف كواحد من أفراد الجالية المغربية المقيمة بديار المهجر عند حدث لا شك أنه شكل علامة مضيئة وخطا بارزا لما أمكن تحقيقه بفضل عبقرية جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وقد تميزت سنوات تقلد جلالة الملك لمقاليد الحكم بحدث بارز إلى جانب العديد من الأحداث والمنجزات الهامة الأخرى، غير أن اختياري لحدث تأسيس مجلس الجالية المغربية في الخارج سنة 2007 يأتي انطلاقا من كونه يشكل ركيزة لكل المساعي المبذولة من أجل ترسيخ الحقوق الدستورية والمشاركة السياسية لكل مغاربة العالم في إدارة شؤون بلادهم والدفاع عن سمعتها في بلدان الإقامة خاصة .
لقد بادر جلالة الملك أعزه الله إلى إنشاء مجلس الجالية المغربية في الخارج ، ثم تخصيه باهتمام كبير في دستور 2011 ودون شك فإن بادرة كهذه تعتبر التفاتة مولوية سامية من صاحب الجلالة لتكريم مغاربة العالم وضمان مستقبل أفضل لهم وحياة أجمل.
وقد كان إنشاء مجلس الجالية المغربية في الخارج الذي يرأسه باستحقاق الدكتور عبد الله بوصوف الذي حضي بالثقة المولوية الكريمة وضم مجموعة خيرة من أفضل أبناء المغرب الأوفياء، فرصة جديدة لتكريم إضافي لأفراد الجالية، حيث ما فتئ جلالة الملك يوصي بضرورة الاعتناء بجاليتنا في الخارج وتوفير كل أسباب الراحة النفسية لهم ولأبنائهم وتسهيل مأمورياتهم عند زياراتهم وعودتهم لأرض الوطن وذلك إدراكا من صاحب الجلالة لأهمية بقاء واستمرار الصلة الروحية والمعنوية لمهاجرينا في دول العالم بجذورهم وتراب وطنهم وحتى يكونوا أحسن سفراء لبلدهم في ديار المهجر ، خاصة وأن تواجدهم هناك مهما طالت مدته فهو مجرد تواجد مؤقت لابد وأن ينتهي بانتهاء أسبابه خاصة وأن المغرب أصبح يعرف تحولات جد مهمة في مختلف المجالات وخاصة ما يتعلق بالاستثمار.
إن تأسيس مجلس الجالية المغربية في الخارج ، يترجم اهتمام العاهل الكريم بأفراد الجالية من هذا الشعب الوفي ، ولا شك أن المهمات التي باشرها هذا المجلس منذ نشأته الفتية وكما يريدها جلالة الملك أكبر من مجرد الاهتمام بهم في مواسم العبور ، فللمجلس دور كبير في صياغة استراتيجية تهدف إلى المشاركة الفاعلة لكل مغاربة العالم في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد لأن تأطير وفتح آفاق المستقبل أمام هؤلاء يعني إيجاد الأرضية الثابتة لهم ليشاركوا بدورهم في تأطير قطاعات واسعة وكبيرة من مجتمعنا ليؤدوا بذلك رسالة وطنية نبيلة وكذلك من أجل تهييئهم لتحمل مسؤولية الغد في إدارة شؤون البلاد.
إننا ونحن نخلد ذكرى عيد العرش المجيد بما تحمله من دلالات وطنية وروحية سامية تشكل بالدرجة الأولى فرصة سانحة نمنح لنا كل سنة كأفراد الجالية للتعبير عن مظاهر الولاء عبر تجديد البيعة للعاهل الكريم سيما وأن البيعة تبقى على الدوام بمثابة العروة الوثقى بين العرش والشعب فهي حية ما بقيت حضارة المغرب ومتواصلة بحياة المغاربة أجمعين، ميثاقا بين عاهل البلاد المفدى ورعاياه الأوفياء عهد متبادل على المحبة والوفاء والتزام مشترك على الإخلاص والتفاني على درب رقعة الوطن وكرامته ومن أجل عزة المواطن ورفاهيته.
إنها بعض الملامح المتفرقة لمعاني الفرح المغربي في ذكرى التلاحم والوفاء بين العرش والشعب الذي يخلد ذكرى تربع عاهلنا المفدى على عرش أسلافه الميامين.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح