المزيد من الأخبار






عائلة سورية تروي معاناتها خلال إقامتها بالناظور.. ناموا في حديقة 3 أيام وشخص سرق هاتفهم ومبلغ 700 يورو


عائلة سورية تروي معاناتها خلال إقامتها بالناظور.. ناموا في حديقة 3 أيام وشخص سرق هاتفهم ومبلغ 700 يورو
عن المهاجر نيوز

من درعا إلى بيروت فالعاصمة الموريتانية نواكشوط وصحراء مالي مروراً بالجزائر وصولا إلى الناظور في المغرب... رحلة غير اعتيادية قطعتها عفاف وزوجها وأولادهما هربا من الحرب في سوريا. في الناظور وبعد تشرذم، عادت العائلة لتجتمع في مدينة مليلية الاسبانية...

في مركز تقديم طلبات اللجوء في مدينة مليلية، الجيب الإسباني في المغرب، جلست عفاف تنتظر دورها. وقبل أن تسمع صوتا يناديها لتسجيل اسمها كطالبة لجوء ويعطيها البطاقة الخضراء، بدأت تتوارد إلى ذهنها صور رحلة فرارها الشاقة من منزلها في مدينة درعا السورية للوصول إلى أوروبا. لقد باعت كل ما تملك من ذهب لتغطية التكاليف، فمستقبل أبناؤها، كما تقول، هو الدافع الرئيسي لهذا الخيار. وقررت وزوجها أن يبدآ رحلة الفرار من مطار بيروت إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط فالمغرب. لكن ما هو غير اعتيادي، هو الوصول إلى المغرب عبر صحراء مالي فالجزائر، وصولا لمدينة الناظور المحاذية للجيب الاسباني مليلية.

عفاف، سيدة في العقد الرابع من العمر، متزوجة ولديها ثلاثة أولاد، عبير (14 عاماً)، معين (10 أعوام)، وأريج (7 أعوام).

بعد ستة أشهر تقريبا من خروجها من منزلها، ها هي تنتظر عند مكتب تسجيل المهاجرين لإتمام معاملات طلب اللجوء. فبعد هذا الانتظار، سينتهي ما ذاقته من عذاب مرير ليبقى سجين ماضيها، أملا بحياة جديدة سعيدة تشعر معها بحقوقها كإنسان يريد العيش بأمان.



عفاف تقفز عن حائط بوابة العبور

"أخيراً اجتمع شملنا ودخل أولادي المدرسة. مساء يوم الجمعة الفائت اجتمعت بعائلتي. كنت آخر فرد منها يصل إلى مليلية. لم أتخيل يوماً أنني سأتمكن من القفز عن حائط طوله سبعة أمتار. لقد دفعت 200 يورو كي أغامر بالدخول إلى مليلية. مبلغ جمعه فاعل خير وأعطاني إياه. خلال الأسبوعين الماضيين، كنت أجلس يومياً عند بوابة معبر بني الأنصار وأطلب من الناس مساعدتي. فجاءني أحدهم وساعدني على الصعود على سلم وضع عند حائط البوابة، وحين وصلت الى أعلى الحائط، قفزت وجريت بسرعة فائقة حتى وصلت إلى مكتب الإسبان. وهناك سلّمت جواز سفري السوري ووقّعت على أوراق باللغة الإسبانية، ثم سلموني البطاقة الصفراء واقتادوني إلى مركز الإقامة المؤقت للمهاجرين.

منذ وصولنا إلى مدينة الناظور المغربية أواخر شهر كانون الثاني/يناير، نحاول دخول الأراضي الأسبانية. لكننا لم نتمكن أبداً سوياً. فأخذ عقدنا ينفرط. زوجي اجتاز أولاً بوابة ‏فرخانة سيراً على الأقدام، متسللاً مع مجموعة من العمال. ثم لحقت به ابنتي عبير، متسللة أيضاً، لكن مع إحدى العائلات عبر بوابة بني الأنصار. كان ذلك في شهر شباط/فبراير. فبقيت وحدي في الناظور مع ولديّ أريج ومعين. كل منهما دخل لوحده مع أحد الأشخاص إلى مليلية.

طيلة تلك الفترة، كنت أحاول يوميا عبور الحدود إما عند بوابة فرخانة وإما عند بوابة بني الأنصار. وكل مرة كنت أتعرض فيها للضرب والشتم. عذاب أليم تجذر في عروقي. رأيت ابني يقبَّل رِجل الضابط الواقف عند الحدود المغربية. رأيته وهو يسترحمه ليدعنا نغادر، لكنه لم يلق سوى الرفس. لا أريد ان أذكر تلك المواقف الموجعة. لا تقدير لديهم لا للنساء ولا للأطفال. وحين أسأل الضابط لماذا أتعرض للضرب أو الصفع، ينفي ما قام به، ولا يتوانى عن إهانتي ووصفي بأقبح الكلمات. في أحد الأيام حاولنا دخول إسبانيا من بوابة باريو تشينو، لكن الضابط المغربي المسؤول كشف أمرنا واحتجزنا ثلاث ساعات. كانت تلك المعابر نقطة التقاءنا ببعض، خاصة بعد أن دخل زوجي وعبير إلى إسبانيا. كنا نراهما واقفين في الجهة المقابلة ينتظران وصولنا. لكن سرعان ما تذوب هذه الرؤية حين يعيدنا حرس الحدود أدراجنا بعنف. كم سالت دموعنا خلال تلك الأيام! لم يستمع لي أحد عندما كنت أطالبهم بالالتحاق بابنتي القاصر كي أكون بقربها.



رحلة شاقة غير اعتيادية دامت أكثر من شهر للوصول الى أوروبا

‏"من أجل مستقبل أولادنا وتعليمهم خرجنا من درعا أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي. لولا الحرب لما خرجنا من سوريا. أول محطة لنا كانت مطار بيروت ‏حيث استقلينا الطائرة إلى موريتانيا. ‏ومن ‏هناك، بدأت رحلة عذابنا الحقيقية. عانينا من البرد والأمطار والجوع والعطش. رحلتنا هذه دامت شهراً وعشرة ‏أيام. ‏كنا نسير أحياناً ثم نستقل سيارة أجرة أحياناً ‏أخرى. قطعنا صحراء مالي بلا ماء، تحمّل أولادي العطش. وصلنا الحدود الجزائرية وأقدامنا مشققة تسيل منها الدماء.‏ عند أول مدينة ركبنا حافلة باتجاه مدينة تمنراست. ‏هناك نزلنا ‏في فندق ليومين ‏كي نستريح. كنا بحاجة للماء والاستحمام والراحة، خاصة ‏الأولاد. بعدها، توجهنا في حافلة إلى الحدود المغربية. ولعبور تلك الحدود والوصول إلى مدينة وجدة كان علينا السير مدة سبع ساعات. ومن تلك المدينة، أوصلتنا سيارة مقابل 300 دولار‏ إلى مدينة الناظور".‏

الإقامة في مدينة الناظور بالمغرب

‏"في الناظور، أقمنا في حديقة مدة ثلاثة أيام. ثلاثة أيام ذقنا فيها البرد والصقيع. الطقس كان سيئاً جيداً. استأجرنا غرفة في ‏شقة مكونة من غرفتين. الغرفة الثانية يعيش فيه ثلاثة مهاجرين يمنيين.‏ هؤلاء الشبان صادفناهم في رحلتنا عبر الصحراء. كما كان يسكن في المبنى نفسه مهاجرون آخرون بينهم مهاجرون سوريون.

لم يكن بالي ليهدأ قبل أن نجتمع سوياً. تعرضت للسرقة. كنت أحمل هاتفي، خبأت داخل غطائه مبلغ 700 يورو. لكن أحدهم، ادعى أنه سيساعدني على دخول مليلية، خطفه من يدي وفرّ هارباً ولم أعد أملك شيئاً.

خلال إقامتي كنت أكتفي بما يقدمه لي فاعلو الخير وبعض الجمعيات الإنسانية والخيرية، وحتى الشبان اليمنيون كانوا يساعدوننا ويؤمنوا لنا ما نأكله".
]cy

مركز إيواء المهاجرين المؤقت مرحلة التحول الجديد

منذ شهر كانون الأول/ديسمبر، وأنا غارقة في الخوف والحزن العميقين. أما اليوم فأنا مع أولادي. نعيش في غرفة مع امرأتين وبناتهما. جميعنا فر من سوريا.

أطفالي عبير ومعين وأريج يذهبون إلى المدرسة، بعد أن حرموا منها خلال السنتين الماضيين. فالمدارس لم تكن مؤمنة بشكل كامل.

في الناظور، ذهبت مراراً إلى الجمعيات التي تقوم بتسجيل أسماء المهاجرين، لكن ذلك لم يجد نفعاً. أواخر شهر نيسان/ابريل، عدت وذهبت إلى تلك الجمعيات. فقيل لي إن الأسماء رفعت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع. لذلك، لم يبق لي سوى المغامرة والقفز فوق الجدار، والسماح لأولادي بعبور الحدود لوحدهم مع ما في ذلك من خطر.

الفرج يأتي بعد الضيق؟ حتماً سيكون هذا الانتظار اليوم آخر الضيق. كم أتمنى أن يطوي آخر صفحة من كتاب معاناتنا ويفتح كتاباً آخر مليء بيوميات هانئة".



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح