المزيد من الأخبار






القضاء الإسباني يرفض إنشاء فضاء خاص للدفن الإسلامي في الجزيرة الخضراء


ناظورسيتي: متابعة

في تطور قضائي أثار اهتمام الأوساط الدينية والقانونية بإسبانيا، أصدرت المحكمة العليا للأندلس حكمًا يقضي بإلغاء القرار السابق الذي كان يُلزم بلدية الجزيرة الخضراء بتخصيص فضاء خاص داخل المقبرة البلدية لدفن المسلمين وفق الشعائر الإسلامية، معتبرة أن المجلس البلدي لم ينتهك أيًّا من الحقوق الدستورية، بما فيها حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية.

القرار، الصادر في 29 أكتوبر المنصرم، أنهى نزاعًا امتد لأشهر بين بلدية المدينة ومسجد “الرحمة”، الذي طالب في وقتٍ سابق بإنشاء ركنٍ مخصص للمسلمين في مقبرة “بوتافويغوس”، استنادًا إلى اتفاقية التعاون الموقعة سنة 1992 بين الدولة الإسبانية والهيئات الإسلامية، والتي تنص على احترام خصوصية الطقوس الإسلامية في الدفن.

وبموجب هذا الحكم، ألغت المحكمة العليا للأندلس القرار الصادر في مارس الماضي الذي كان قد اعتبر رفض البلدية إخلالًا بحرية المعتقد، مشيرة إلى أن القضية لا تتعلق بانتهاك الحقوق الأساسية، بل تخضع لمقتضيات القوانين الإدارية والتنظيمات الصحية والبيئية.

من جهتها، شددت بلدية الجزيرة الخضراء على أن المقابر العمومية في المدينة ذات طابع لاديني وتستقبل جميع المواطنين على اختلاف دياناتهم، في انسجام مع مبادئ التنوع الثقافي والتعايش الديني الذي يميز المدينة الواقعة بأقصى جنوب إسبانيا. وأوضح المجلس البلدي أن مقبرة “بوتافويغوس” تضم بالفعل فضاءات لدفن أتباع ديانات مختلفة، وفق المعايير الصحية الصارمة التي تفرضها القوانين الإسبانية.


كما أشارت البلدية إلى أن التشريعات الأندلسية الخاصة بـ“الشرطة الصحية الجنائزية” تضع شروطًا دقيقة للدفن في التراب دون نعش — وهي من الممارسات الشائعة في الدفن الإسلامي — مما يجعل إنشاء مقبرة إسلامية مستقلة أمرًا معقدًا من الناحية التقنية والبيئية.

وفي تعليقٍ له، رحّب عمدة الجزيرة الخضراء، خوسيه إغناسيو لاندالوثي، بالحكم الجديد واعتبره “تأكيدًا على قانونية موقف البلدية”، مضيفًا أن “المدينة تحترم جميع الأديان دون استثناء، لكنها ملزمة بتطبيق القوانين التي تضمن سلامة البيئة والصحة العامة”.

وكان القانون الإسباني رقم 49 لسنة 1978 قد وضع حدًّا لأي تمييز ديني في المقابر العامة، مؤكّدًا حق جميع المواطنين في الدفن وفق معتقداتهم، في إطار احترام الشروط التنظيمية. كما يسمح المرسوم الأندلسي رقم 95/2001 بالدفن دون نعش لأسباب دينية، شرط الحصول على ترخيص مسبق من السلطات المحلية.

ويرى مراقبون أن هذا الحكم يسلّط الضوء على التحديات التي تواجهها الجاليات المسلمة في إسبانيا في ممارسة شعائرها الجنائزية، وسط قيودٍ قانونية وصحية متزايدة. وفي المقابل، يُستشهد بالمغرب كنموذجٍ للتعايش الديني، إذ تحتضن مدنه منذ عقود مقابر خاصة باليهود والمسيحيين تُدار باحترام كامل للكرامة الإنسانية، دون أن تُثار حولها أي اعتبارات بيئية أو إدارية.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح