المزيد من الأخبار






وشم الذاكرة: إنتفاضة 84.. ذبح للناظور من الوريد إلى الوريد


وشم الذاكرة: إنتفاضة 84.. ذبح للناظور من الوريد إلى الوريد
بدر أعراب

إنّ ما أقدمت عليه الماكينة المخزنية، في حاضرة الناظور ونواحيها على وجه التحديد، وشمال المغرب ومنه الريف بشكل أعّم، خلال شهر يناير من عـام 1984، من إمطارٍ للرصاص على نحو عرمرم، فوق سماء المدينة مُستهدفة شوارعها وأزقتها ومداشرها المجاورة، ممّا أدى إلى إسقاط أرواح الأبريـاء، جـرى طمرهم تحت الثرى فرادى وجماعات، بعد كنسهم من الأرض المضرجة بالدماء، واستقدامهم إلى الخلاء بواسطة الشاحنات، كما لو كانوا كلابا سائبة ضالة جرت في حقها حملة إبادة واسعة..

وما لحق ذلك مـن محاكات صورية زجّت بالعشرات ممّـن لم يقترفوا جريرةً عظمـى يستحقون عليها سنوات من العمر يقضونها وسط عتمات الزنازن، خرجوا منها بعدما ذبلت زهـرة العمر بأمراض نخرت عظامهم الهشّة وعقدٍ نفسيةٍ لازمتهم طوال حياتهم، وبعاهاتٍ مستديمة استنبتت في الهوامش القصية بدواخلهم، كافرين بالوطـن مؤمنين باللـه، إنْ لَهُـو صِدقاً يستدعـي وقفـة تأمـل عميق عميقٍ جداً، لا مجرد تأثيـثٍ لذكـرى جرحٍ قديـم لم يندمـل يعدُ رغم البلاسم..

نستحضر من خلال ركن "وشـم الذاكرة"، وشماً وإنْ كان فعلاً للذكرى، فإنـه ليس ألبتّة كباقـي الوُشوم، ذلك لـأنّ الدمـاء وحدهـا، وَ القتـل وَ الإعتقالات وَ التنكيل وَ التعذيب وَ الترهيب، وَ الفجيعة، والمأسـاة، هـي ما تَسِم وتنطبع عليه يَافطة وَشَمِ اليـوم، اليوم الذي سيظلّ موشوماً أبداً في الذاكرة الجماعية لـأبناء هذا الربع الجريح حدّ النـزف، من الوطـن..


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح