المزيد من الأخبار






مدريد تعلن انسحابها من برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية.. قرار يثير تساؤلات في صفوف الجالية


مدريد تعلن انسحابها من برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية.. قرار يثير تساؤلات في صفوف الجالية
ناظورسيتي: متابعة

قررت جهة مدريد، اليوم الخميس، الانسحاب رسميًا من برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية ابتداءً من الموسم الدراسي المقبل 2025/2026، وذلك في مراسلة وجهتها إلى وزارة التعليم والتكوين المهني والرياضة الإسبانية، بدعوى "غياب الضمانات الكافية لسير البرنامج بشكل مناسب"، على حد تعبيرها.

ويأتي هذا القرار المفاجئ ليُنهي مسارًا امتد لقرابة ثلاثة عقود، منذ انخراط الجهة في البرنامج خلال الموسم الدراسي 1994/1995، في إطار اتفاق ثنائي بين المملكة المغربية والحكومة الإسبانية، يهدف إلى دعم أبناء الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا في الحفاظ على لغتهم الأم وهويتهم الثقافية، بما يضمن اندماجًا متوازنًا داخل المجتمع الإسباني متعدد الثقافات.

وبينما برّرت حكومة مدريد الجهوية انسحابها بـ"صعوبات تنظيمية وملاحظات تقنية"، أكدت مصادر إعلامية أن القرار جاء أيضًا استجابة لضغوط متكررة من حزب فوكس اليميني، الذي كان قد طالب بإلغاء البرنامج بدعوى أنه "لا يحقق الاندماج" و"يكرّس التمايز الثقافي".

ورغم أن الحكومة الجهوية أثارت إشكاليات تتعلق باختيار الأساتذة من طرف السلطات المغربية، وكذا ظروف استقبالهم وتكوينهم، إلا أن السلطات المغربية، ومن خلال البرنامج، كانت دومًا حريصة على احترام مقتضيات الاتفاقية الثنائية، وضمان جودة التعليم عبر إيفاد أساتذة مؤهلين، مع التعاون الكامل مع المصالح التربوية الإسبانية.

وقد خلّف القرار موجة استياء وتخوف في صفوف أفراد الجالية المغربية بالعاصمة الإسبانية، الذين يعتبرون أن البرنامج يشكّل أحد أهم الجسور التربوية والثقافية التي تربط أبناءهم بجذورهم الحضارية، ويُساهم في اندماج سليم قائم على التعدد والانفتاح.

من جهتها، عبّرت فعاليات مدنية مغربية في إسبانيا عن أملها في أن تعيد السلطات الجهوية النظر في القرار، أو أن يتم فتح قنوات حوار مؤسساتي لتدارك الإشكالات المطروحة، وتحيين آليات التنفيذ دون المساس بروح التعاون الثقافي بين البلدين.

وتجدر الإشارة إلى أن برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية يُعد من أنجح النماذج التعليمية الموجهة لأبناء الجالية المغربية في الخارج، ويستفيد منه آلاف التلاميذ في عدد من الأقاليم الإسبانية منذ عقود، بتنسيق مباشر بين وزارتي التعليم المغربية والإسبانية، وبدعم من السفارات والقنصليات المغربية.

وفي ظل هذا المعطى الجديد، يبقى الرهان معقودًا على الحكمة الدبلوماسية وعلى الروابط الثقافية العريقة التي تجمع البلدين، من أجل الحفاظ على هذا المكسب التربوي وضمان استمراريته بما يخدم مصلحة الأجيال الصاعدة ويُكرّس ثقافة التعايش والاحترام المتبادل.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح