المزيد من الأخبار






لفتيت يطلق جيلا جديدا من برامج التنمية ويحذر من التوظيف الانتخابي


لفتيت يطلق جيلا جديدا من برامج التنمية ويحذر من التوظيف الانتخابي
ناظورسيتي: متابعة

في خطوة تحمل أبعادا استراتيجية ورسائل سياسية واضحة، دعا وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الولاة والعمال إلى الشروع في إعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة، مستندا إلى التوجيهات الملكية التي وردت في خطاب العرش ليوم 29 يوليوز 2025. غير أن الوزير شدد منذ البداية على ضرورة تحصين هذا الورش من أي محاولة للركوب عليه أو استغلاله في حسابات انتخابية ضيقة، في إشارة تعكس حساسية المرحلة التي تسبق الاستحقاقات التشريعية لسنة 2026.

الورش الجديد يقوم على مقاربة مغايرة لما سبق، إذ يضع في قلب أولوياته تثمين الخصوصيات المحلية، وتفعيل الجهوية المتقدمة، وتعزيز التضامن بين مختلف الجماعات الترابية. وهو تصور يروم تعميم ثمار التنمية بشكل أكثر عدلا، بحيث لا يبقى أي مواطن أو منطقة على هامش المسار الإصلاحي الذي دشن منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش، وأسهم في تقليص التفاوتات وبناء البنيات التحتية وتحسين ظروف العيش.


لكن الوزير أقر بوجود مناطق لم تستفد بالشكل المطلوب من هذه الدينامية، ما يجعل من الواجب إعادة توجيه المقاربات التنموية نحو خيارات أكثر دقة واستباقية، تلامس الحاجيات الفعلية للسكان وتحدث تغييرا ملموسا في حياتهم اليومية. من هنا جاءت الدعوة إلى تعبئة كافة الفاعلين المحليين، والانخراط في مشاورات واسعة، على أن تبنى البرامج على أسس واضحة تشمل التشغيل، تحسين الخدمات الاجتماعية، التدبير المستدام للموارد المائية، والتأهيل الترابي المتكامل.

اللافت أن وزارة الداخلية لم تكتف بالدعوة العامة، بل شددت على قواعد محددة لإنجاح الورش، أبرزها ضمان الانسجام مع النموذج التنموي الجديد والالتزام بالتوجيهات الملكية، إضافة إلى جعل العمالة والإقليم الإطار الأمثل للتخطيط بحكم قربهما من الواقع المحلي. كما أولت الدورية أهمية خاصة للمجالات القروية التي ما تزال تعاني من ضعف البنيات الأساسية والهشاشة الاجتماعية، وهو ما يفرض تركيز الجهود على تقليص الهوة بين المجالين الحضري والقروي.

وبالنظر إلى السياق السياسي والاجتماعي الراهن، فإن هذا البرنامج ليس مجرد خطة تقنية للتنمية، بل اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة على تنزيل رؤية مندمجة تراعي خصوصيات كل جهة، وتضمن في الوقت نفسه الشفافية والنزاهة في التدبير، بعيدا عن أي حسابات انتخابية. نجاح هذا المشروع سيعني الارتقاء بجاذبية الأقاليم وتحسين مؤشرات التنمية البشرية وخلق فرص عمل جديدة، بينما أي تعثر أو انحراف عن مساره قد يعمق الإحباط ويعيد إنتاج الفوارق.

بذلك، يظهر أن الجيل الجديد من برامج التنمية الترابية ليس مجرد تكرار لتجارب سابقة، بل ورش يحمل في طياته رهانات سياسية واقتصادية واجتماعية، سيكون له تأثير بالغ على ملامح المغرب في السنوات المقبلة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح