المزيد من الأخبار






رمسيس بولعيون يكتب.. الجزائر تصوت ضد غزة… والجمهور يضبط دبلوماسيته على وضع “الطيران المنخفض”


رمسيس بولعيون يكتب.. الجزائر تصوت ضد غزة… والجمهور يضبط دبلوماسيته على وضع “الطيران المنخفض”
بقلم: رمسيس بولعيون

لم تكن مشكلة الجزائريين مع القرار الأممي 2803.
المشكلة كانت مع اليد التي ارتفعت للتصويت… يدٌ كانت تُقسم أنها آخر ما تبقّى من “شرف المواقف”، فإذا بها تسلم مفاتيح غزة لقوة دولية وتقول: هاكم، دبروا راسكم.

الصدمة كانت قوية لدرجة أن البعض احتاج كوب ماء، والبعض الآخر احتاج “ديتوكس سياسي”، بينما احتاجت الدبلوماسية الجزائرية إلى مؤتمر صحفي ونشرة من وكالة الأنباء وحبتين باراسيتامول.


حركة مجتمع السلم مثلاً لم تكتب بيانًا… كتبت “رسالة عتاب”. الرسالة تقول باختصار:

“يا جماعة الخير، حتى لو أردتم التصويت… على الأقل قولوا لنا حتى نُحضِّر أنفسنا نفسيًا. هذا انقلاب عاطفي وليس فقط دبلوماسيًا.”

أما عبد الرزاق مقري فاختصر المشهد بجملة تصلح لتُكتب على جدار وزارة الخارجية:
“القرار هدية للاحتلال.”
يا لطيف! حتى الاحتلال نفسه لم يصدق اللقطة. كانوا ينتظرون “فيتو” فوجدوا “مرحبا”.

ثم تأتي وكالة الأنباء الجزائرية لتكمل الفيلم، وتبدأ في توبيخ الشعب:
“الدولة قوية، الدولة مستقلة، الدولة لا تتحرك بأهواء الحاسدين.”
وأنت تقرأ البيان تشعر وكأن الوكالة تقول:
“اصمتوا ودعونا نرتكب أخطاءنا بهدوء!”

العجيب أن المنتقدين ليسوا من “المعارضة المتطرفة” ولا من “قوى خارجية”، بل من البيت الداخلي نفسه!
يعني شجار عائلي… لكن مع ميكروفونات وبيانات ووجوه محتقنة.

ثم يظهر الوزير عطاف ليشرح الموقف:
“اعتبارات موضوعية، أهداف جوهرية، خلفيات كذا…”
عبارات من النوع الذي نسمعه حين يريد أحدهم أن يبرر شراء ثلاجة جديدة بينما القديمة مازالت تعمل.

أما السلطة الفلسطينية، فقد رحبت.
طبعًا… ما المشكلة؟
هناك من اعتاد أن يرحب بكل شيء، من القرارات إلى الكوارث.
لكن المقاومة قالت: “لا”.
وقالتها بطريقة تجعل المتابع يتساءل:
هل نحن أمام مشهد سياسي أم أمام وليمة عشاء فوضوية كل واحد يأكل من صحن غيره؟

ووسط هذا كله، يظهر بيان “مجهول المصدر”، فترد الجزائر:
“نحن لا نتعامل مع المجهولين.”
جميل.
لكن السؤال: هل تتعاملون مع المعروفين؟
أم أن المعروف اليوم يصبح مجهولًا غدًا حسب حرارة الطقس الدولي؟

في النهاية، القصة ليست في غزة وحدها…
القصة في الجزائر التي كانت تقول للعالم: “مواقفي صلبة”،
فإذا بها اليوم تقول:
“صلبة… لكن مرنة حسب التوقيت العالمي.”

باختصار:
الجزائر رفعت يدها في مجلس الأمن…
فرفعت معها حواجب جمهورها إلى السماء.
والفرق أن الأيدي يمكن إنزالها…
لكن الحواجب عندما ترتفع، لا تنزل بسهولة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح