المزيد من الأخبار






خمسة تساؤلات حول مردودية المعرض الجهوي للصناعة التقليدية


خمسة تساؤلات حول مردودية المعرض الجهوي للصناعة التقليدية
محمد المنتصر - فاعل محلي وباحث في اقتصاديات التنمية

يعيش إقليم الناظور منذ بضعة أيام فعاليات المعرض الجهوي للصناعة التقليدية، ويأتي ذلك في إطار الأنشطة المنظمة من الجهات الوصية على القطاع من أجل تسويق منتوجات الحرفيين، حيث أصبحت هاته التظاهرة موعدا سنويا دأب على تنظيمه المنتخبون مما جعل منه تقليدا لا يناقش، وسط صمت مطبق حول جدواه الفعلي ومدى نجاعته في تسويق المنتوجات وتمكين الحرفيين من بيع أعمالهم والرفع من رقم معاملاتهم

فعندما نتحدث عن سياسة التسويق عبر تنظيم التظاهرات التجارية، من الضروري مرافقتها كذلك بتقييم موضوعي لمردودتيها ونتائجها، والوقوف عند مدى تحقيق أهدافها وتأثيرها المباشر على تحسين وضعية الحرفيين اليدويين الاجتماعية والاقتصادية، خصوصا وأن الإطار المرجعي لهكذا معارض يتطلب تكثيف المجهودات وتعدد المتدخلين وذلك من جهة لكون مصدر تمويل المعرض الرئيسي هو المال العام، ومن جهة أخرى لسعيه إلى تثمين الرأسمال التاريخي والحفاظ على الموروث التقليدي

وفي غياب أية نتائج رسمية قائمة على تقييم حقيقي لمكاسب وحصيلة النسخ الماضية لذات المعرض يؤخذ فيها بعين الاعتبار الأغلفة المالية المرصودة له، وبعد مرور سنتين على انقضاء عمر الاستراتيجية الوطنية لتنمية القطاع (رؤية 2015) والتي هدفت إلى خلق 115 ألف فرصة شغل بالقطاع وخلق 4 ملايير درهم إضافية من الناتج الداخلي الإجمالي، أصبح من اللازم على الفاعلين المحليين أن يبادروا إلى تقييم السياسات العمومية المتعلقة بهذا المجال كطريقة عمل عصرية لتقويم وتطوير الأداء العمومي

في هذا الإطار، إن كان هدف تنظيم المعرض الجهوي للصناعة التقليدية هو دعم التسويق كأداة لبلوغ أهداف تنمية القطاع، أسئلة عديدة تبادر ذهننا حول مدى تأقلمها مع التطورات التي تعرفها السوق الدولية وتناسقها مع أهداف تنمية القطاع وتلائمها مع الخصائص التي تتميز بها جهتنا

لخصت هاته التساؤلات في خمس نقط أساسية :

أولا، اختيار آخر السنة كتوقيت لتنظيم المعرض يجعلنا نتساءل عن سبب عدم برمجته في الفترة الصيفية التي تشهد فيه جهتنا حضورا واسعا للجالية المغربية المقيمة في الخارج ذات القدرة الشرائية المرتفعة والمتعطشة لاقتناء المنتوجات التقليدية، مما يفوت على القطاع فرصة رفع الحصة التي تمثلها السوق الخارجية في الطلب والتي لا تتجاوز 20 في المائة حاليا

ثانيا، نظرا للهدف الرئيسي الذي سطر في إطار الرؤية التنموية للوزارة والهادف إلى مضاعفة الصادرات عشر مرات، نتساءل على الدافع وراء عدم نهج المنظمين لسياسات تسويقية ذكية تستعمل التكنلوجيا والأدوات الرقمية كاستراتيجية حديثة من أجل تقوية الحضور في السوق والرفع من حجم الفئة المستهدفة إلى الملايين بدل المئات التي تتنقل إلى المعرض

ثالثا، يطغى على المعرض تواجد حرفيين فرديين أو مجتمعين تحت لواء تعاونيات لا تحقق ما يكفي من القيمة المضافة من أجل النهوض بالقطاع، مما يجعلنا نتساءل على دور المؤسسات الوصية على الصناعة التقليدية بالجهة في تأهيل نسيج الحرفيين وتشجيع الناشطين على خلق مقاولات مهيكلة وتقوية نماذجها الاقتصادية، لتتمكن هاته الفئة الفاقدة للتنافسية من الرفع من حصتها في رقم المعاملات الإجمالي التي لا تتجاوز في الوقت الراهن 16 في المائة في حين أن إنتاجيتها تضاعف ثلاث مرات الصناع العاديين، مما يعيق قدرتها على الانفتاح على السوق الدولية

رابعا، غياب استراتيجية تسويقية خاصة بالمنتوجات التقليدية ذات المضمون الثقافي القوي يجعلنا نتساءل عن الأسباب وراء عدم بذل المنظمين المجهودات الكافية من أجل تقديمها كنموذج يحتذى به، فلهذا النوع من المنتوجات مكانة خاصة في البرنامج الوزاري وترصد له سنويا أغلفة مالية خاصة لدعمها وتأهيلها، فيما تغيب هاته الإرادة في المعرض الجهوي للصناعة التقليدية الذي لم يخصص ولو رواقا خاصا بها أو خطة تجارية حصرية تمكن عددا أكبر من الزوار من الولوج إليها

خامسا، اكتفاء المنظمين على استهداف زوار الكورنيش في حين أن القطاع في حاجة لصفقات دولية من شأنها رفع أرقام المعاملات وتسويق المنتوج المحلي بشكل فعلي يطرح أكثر من علامة استفهام، فالظروف المناسبة للنجاح متوفرة نظرا للمجهودات المبذولة في التعريف بماركة المغرب و تمكن الثقافة المغربية من اختراق دول العالم وإقبال متزايد للأجانب على الزخرفة واللمسة المغربية وازدهار قطاع السياحة الذي يوفر فرصا للمهنين في بناء وتزيين وحدات الاستقبال

فبناء على التساؤلات الخمسة التي تطرح نفسها بقوة، ننتظر من الجهات الوصية على القطاع أن تعيد النظر في الوسائل التقليدية التي تستعملها من أجل تحقيق أهداف كبرى من الصعب بلوغها بنفس الأساليب القديمة والمستهلكة، وإن دعا الأمر إلى تعويض سياسة المعارض ببدائل أخرى أقل تكلفة وأكثر فعالية وتأقلما مع متطلبات السوق وسلوك المستهلكين والتقدم التكنلوجي


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح