المزيد من الأخبار






خادم المصباح : تلفيق بودرهم


خادم المصباح : تلفيق بودرهم
ناظورسيتي: ياسين كمالي

البعض يأتي من معاهد الصحافة، والبعض يأتي من معاهد الموسيقى، فليس غريبا إذن أن نرى أقلاما تشبه الكمنجة، وأخرى تشبه الطعريجة، لكنها تحترف العزف لوجه المصباح فقط ، ونادرا ما نسمع أحدا يغني لوجه الشعب في علبة « أخبار الثوم » .

في بلادنا المشهورة بفن «العيطة »، لا ينبغي لأحد أن يكون مبالغا في توقعاته من أصحاب الأقلام الشاطحة، خصوصا إذا كانوا من أهل « أخبار الثوم ». وإذا كانت الصحافة في البلدان الديمقراطية ترتدي جلباب سلطة رابعة، ولا تكف عن الضغط بالمطرقة على رأس الأحزاب الحاكمة، فالقصة عندنا مغايرة تماما، لأن متطلبات السوق تفرض على الصحفي أن يتعرى من واجبه تجاه الشعب، وأن يكون طبالا يعزف على مقام المصباح، ويطلب البركة من أوليائه الصالحين ، ولا يهم إذا كانت أيدي حماة الدين ملطخة بدماء عيسوية .

لا شك أن السيد « تلفيق بودرهم » هو أحد أبرز الصحفيين المتمرسين على آلة الكمنجة، لكنه للأسف لا يحيي إلا حفلات المصباح، ويحرم باقي المغاربة من معزوفاته الملحمية، ولا أحد يدري هل يجني شيئا من وسخ الدنيا، أم أنه يحتسب أجره عند الله، بتلك المقالات الراقصة التي يلحس من خلالها أصابع سيد المصباح. في الحقيقة، لقد استطاع أن يثبت للمغاربة عبقريته في فنون الإعراب، فهو يعرف كيف يجر الفيلا وينصب صاحبها ، وإن كان الحسد يمنعنا من الاعتراف له بذلك، لكن لا يهم، مادامت الكتائب الإلكترونية للعدالة والتنمية تنوب عنا في التصفيق له، ثم الصراخ في وجه المغاربة : « موتوا بغيظكم ! »

ومهما يكن، فهو يعرف ماذا يفعل، ولا حرج عليه في أن يكون خادما للمصباح المظلم، ينظف عنه الغبار بمقالاته الناعمة، ويدافع عن زجاجه إزاء الأحجار النقدية التي تريد تهشيمه وفضح هشاشته وسواد قعره. وقد يعترض البعض على هذه الوظيفة ويقارنها بما تفعله الفتيات على الرصيف المقابل لفنادق خمس نجوم، لكن الأمر ليس كذلك، فالسيد «بودرهم » يملك ورقة عذراء وحبرا لا يخرج في فترة الحيض، ثم إنه ينتمي إلى عائلة صحفية محافظة، ولا شك أن تقاليدها لا تسمح بالتفريط في العفة دون عقد نكاح .

بما أن وظيفة واحدة لا تكفي في ظل غلاء الأسعار الناتج عن سياسات المصباح، بالإضافة إلى تسريح الأمير المنبوذ لبعض مستخدميه، فإن السيد « بودرهم » كان مضطرا إلى البحث عن عمل إضافي، ومن حسن الحظ أنه وجد وظيفة سهلة لا تحتاج إلى جهد كبير، وليس مطلوبا منه سوى أن يكون مخلصا لفاكهة الموز بنكهة الغاز الطبيعي، وأن يلتزم في سلوكه بسنة النفط المقدس .

قد يتساءل شخص خبيث : ماذا لو انكسر المصباح في الانتخابات القادمة أو التي تليها، هل سيحافظ الخادم على الولاء لسيده ؟ الأمر مستبعد تماما ولا يجوز أبدا في عقيدة أهل الاسترزاق، ولعلنا نراه عندئذ يعتكف في الزاوية، ويؤلف موسوعة علمية عن كرامات الشيخ ياسين، أو ربما يكفر بالموز تماما إذا انخفض سعر الغاز في الأسواق العالمية، ثم يشتري عباءة سعودية ويجلس تحت ظل النخل مستمتعا بالتمر الحجازي .

هنيئا للسيد « بودرهم » إذن بمكانته السامية كخادم للمصباح، ونتمنى منه ألا يكف عن إتحافنا بمقالاته الملحمية عن معجزات رئيس الحكومة، وعن شعبيته التي فاقت شعبية الداودية.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح