المزيد من الأخبار






بحيرة الملح بأركمان.. إرث محلي وملاذ طبيعي للطيور المهاجرة


بحيرة الملح بأركمان.. إرث محلي وملاذ طبيعي للطيور المهاجرة
ناظورسيتي: أيوب الصابري – ميمون بوجعادة

من بين أقدم الشواهد الطبيعية والإنسانية في إقليم الناظور، تبرز بحيرة "أموتار الملح" بأركمان، تلك الرقعة المائية التي ارتبط اسمها منذ عقود باستخراج الملح، وحملت في طياتها ذاكرة أجيال تعاقبت على استغلالها كمورد للعيش.

تعود تسمية البحيرة، وفق روايات محلية، إلى الحقبة الاستعمارية الإسبانية، حيث أنشئ أول معمل مخصص لاستخراج الملح مزود بآلات ومضخات حديثة آنذاك، ليتم تصديره عبر بواخر كانت ترسو بميناء أركمان. وحسب مؤرخي المنطقة، فإن هذه السفن كانت تدخل عبر "ربحار أمزيان"، قبل أن يطوي الزمن المعمل وتبقى الأطلال شاهدة على موروث الآباء والأجداد.


ورغم اندثار المعمل ووسائل الاستخراج العصرية، ما زالت البحيرة إلى اليوم تشكل مورد رزق لعشرات الأسر التي تعتمد على الطرق التقليدية لاستخراج الملح. عمل يتطلب جهدا بدنيا مضنيا وصبرا كبيرا، ليحصل العامل في نهاية يوم طويل على مبالغ زهيدة، غير أن الحاجة تبقيهم مرتبطين بهذه المهنة العريقة.

إلى جانب بعدها الاقتصادي والتاريخي، تكتسي بحيرة "أموتار الملح" أهمية بيئية خاصة، إذ تحولت إلى محطة رئيسية للطيور المهاجرة التي تتجمع بالآلاف في موسم هجرتها السنوي من أوروبا وآسيا نحو إفريقيا. الطيور تجد في مياه البحيرة وأجوائها الهادئة مكانا للراحة والتزود بالطاقة قبل استكمال رحلاتها الطويلة عبر القارات.

هكذا، تظل بحيرة أركمان فضاء يجمع بين قسوة العمل الإنساني وجمال الطبيعة، بين ذاكرة استعمارية ضاربة في القدم ومشهد حي متجدد للطبيعة التي لا تزال تحتفظ بسرها وجمالها، لتبقى "أموتار الملح" شاهدا على تلاقي التاريخ بالواقع، والرزق بالهجرة، في قلب الريف الشرقي.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح