المزيد من الأخبار






المحكمة الدستورية تحسم في قانون "تجريم التشكيك في الانتخابات"


ناظورسيتي: متابعة

حسمت المحكمة الدستورية الجدل القانوني والسياسي المثار بشأن القانون التنظيمي رقم 53.25 المعدّل للقانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، مؤكدة دستورية المقتضيات المرتبطة بتجريم بعض أشكال التشكيك في نزاهة الانتخابات، ومشددة على أن حماية صدق الاقتراع ومشروعية التمثيل الديمقراطي تظل من صميم الاختصاصات المخولة للمشرّع.

وأوضحت المحكمة أن احتدام التنافس الانتخابي، مهما بلغ، يجب ألا ينحرف عن ضوابط احترام كرامة الأشخاص وصون الثقة العامة في العملية الانتخابية، معتبرة أن حرية التعبير والنقد لا تبرر المساس بنزاهة الاقتراع أو التشكيك غير المشروع في نتائجه.

وفي هذا السياق، دافعت المحكمة عن دستورية المادة 51 المكررة، المثيرة للجدل، مؤكدة أنها حدّدت بدقة العناصر التكوينية للجرائم الانتخابية التي تستهدفها، وراعت القصد الجنائي، دون المساس بحرية الصحافة المكفولة دستوريا أو بالعمل الصحفي المهني القائم على حسن النية والتحقق من المعلومات.

واعتبرت أن هذه المقتضيات تندرج ضمن الغايات الدستورية الرامية إلى حماية الحياة الخاصة، وضمان نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية، بمختلف مراحلها ووسائل الدعاية المرتبطة بها، بما فيها الوسائط الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي.

وفي سياق متصل، أقرت المحكمة دستورية تشديد شروط الترشح للانتخابات، خاصة في ما يتعلق بمنع ترشح متابَعي قضايا الفساد والمال العام، مؤكدة أن البرلمان يستمد شرعيته من الأمة، وهو ما يفرض على المشرّع صون الثقة في العملية الانتخابية والوقاية من كل ما من شأنه تقويضها.



كما أكدت المحكمة دستورية منع الترشح في حق الأشخاص الذين صدر في حقهم حكم نهائي بالعزل من مسؤولية انتدابية، أو المحكوم عليهم بعقوبة حبس نافذة أو موقوفة التنفيذ، إضافة إلى المتابعين بعد ضبطهم في حالة تلبس بارتكاب جناية أو جنحة، وكذا من صدرت في حقهم أحكام استئنافية بالإدانة يترتب عنها فقدان الأهلية الانتخابية، أو أحكام ابتدائية من أجل جنايات.

وردّا على الانتقادات المرتبطة بمساس هذه المقتضيات بقرينة البراءة، شددت المحكمة على أن هذه القرينة تظل مكفولة أمام القضاء الزجري، غير أن شروط القابلية للانتخاب تندرج ضمن التنظيم التشريعي للحقوق السياسية، بما يتيح للمشرّع وضع موانع للترشح متى كان الهدف هو حماية مصداقية المسار الانتخابي.

وأكدت أن هذه التدابير لا تمس بضمانات المحاكمة العادلة، ولا تنتقص من حقوق الترشح والانتخاب لباقي المواطنين، بل تظل محصورة في حدود الوقاية من بواعث عدم الاطمئنان إلى نزاهة الاقتراع.

وفي ما يخص المادتين 7 و8 من القانون، المتعلقتين بمنع ترشح فئات من الموظفين العموميين، وفي مقدمتهم رجال وأعوان السلطة وموظفو وزارة الداخلية، اعتبرت المحكمة أن هذه القيود تستجيب لمتطلبات تكافؤ الفرص بين المترشحين، وتفادي أي تأثير محتمل على حرية اختيار الناخبين.

وأوضحت أن القيود المفروضة، سواء أثناء مزاولة المهام أو بعد انتهائها لفترة محددة، تُعد مشروعة وضرورية بالنظر إلى طبيعة الوظائف الحساسة التي يشغلها المعنيون ونفوذهم الترابي.

كما أقرت المحكمة بدستورية الشروط المؤطرة لترشح المستقلين غير المنتمين للأحزاب السياسية، معتبرة أنها لا تفرض قيودا غير متناسبة، بل تهدف إلى تعزيز الشفافية والجدية، دون تجاوز ما يُطلب من الأحزاب السياسية في ما يتعلق ببرامجها ومصادر تمويلها.

وصادقت المحكمة على دستورية الدعم المالي المخصص للشباب دون 35 سنة، مؤكدة أن اختيار الآليات التشريعية الكفيلة بتشجيع مشاركة الشباب السياسية يندرج ضمن السلطة التقديرية للمشرّع، طالما احترم الضوابط الدستورية، وهو ما تحقق في المقتضيات المعروضة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح