المزيد من الأخبار






الصحراء المغربية: الواقع والآفاق في الدرس الافتتاحي لماستر القانون الدولي والدبلوماسية الموازية


ناظورسيتي

ألقى عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، درسًا افتتاحيًا بماستر القانون الدولي والدبلوماسية الموازية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق بالدار البيضاء، وذلك بحضور أساتذة جامعيين وباحثين وطلبة التكوين. وتم تخصيص هذا الدرس لموضوع “الصحراء المغربية: الواقع والآفاق”، في سياق التحولات الإقليمية والدولية التي تعرفها القضية الوطنية.

وتم خلال هذا اللقاء الأكاديمي التوقف عند الخلفية التاريخية للصحراء المغربية قبل فترة الاستعمار، مع التأكيد على أن المنطقة كانت جزءًا لا يتجزأ من المجال المغربي لقرون طويلة، عبر روابط البيعة التي نظمت علاقة القبائل الصحراوية بالعرش، ورسّخت وحدة سياسية وروحية شكلت إحدى الخصوصيات الثابتة للدولة المغربية. كما تمت الإشارة إلى الدور المركزي للزوايا والطرق الصوفية، وطرق التجارة الصحراوية، والعلاقات العلمية والعمرانية التي ربطت الصحراء بمدن المغرب الشمالية والجنوبية، بما يعكس وحدة حضارية متجذرة قبل أي تدخل استعماري.

وانتقل الدرس إلى تناول المسار القانوني الدولي للقضية، بدءًا من رأي محكمة العدل الدولية سنة 1975 الذي أكد وجود روابط البيعة بين الصحراء والمغرب، وصولًا إلى سلسلة القرارات الأممية التي اعتبرت الحل السياسي التوافقي هو الإطار الأمثل لتسوية النزاع. وتم التركيز بشكل خاص على القرار الأخير لمجلس الأمن الذي جدّد التأكيد على جدية ومصداقية وواقعية مبادرة الحكم الذاتي، باعتبارها الإطار الوحيد القابل للتطبيق من أجل حل نهائي، وفي إطار السيادة المغربية الكاملة.

وأوضح الدرس الافتتاحي أن تنزيل الحكم الذاتي لا يمكن أن يعتمد فقط على هندسة سياسية تقليدية، بل يحتاج إلى هندسة ثقافية قادرة على مرافقة المشروع وترسيخ مقومات الهوية الصحراوية الحسانية داخل الهوية المغربية الجامعة. وتم التأكيد على أن الاعتراف الدستوري بالمكوّن الحساني، وإدراجه ضمن روافد الهوية الوطنية، يشكل قاعدة أساسية لبناء نموذج يزاوج بين الذاكرة الجماعية، والانفتاح على آليات التدبير الحديث.

وفي هذا الإطار، تمت الإشارة إلى أن الهندسة الثقافية تشمل تثمين التراث الحساني، إدراج الثقافة الصحراوية في المناهج التعليمية، دعم الإعلام المحلي، تشجيع الصناعات الثقافية، وتطوير برامج التوثيق والأرشفة للأدب والتاريخ الشفهي. ويواكب ذلك هندسة سياسية تمنح سلطات تقريرية واسعة لمؤسسات الحكم الذاتي، من خلال برلمان جهوي وحكومة محلية واختصاصات تنفيذية وقضائية في تدبير الشأن الترابي، بما ينسجم مع فلسفة الجهوية المتقدمة.

كما تم التطرق إلى التجارب الدولية في الحكم الذاتي، سواء في أوروبا أو آسيا أو إفريقيا، باعتبارها مختبرات يمكن الاستفادة منها لتطوير النموذج المغربي، مع التأكيد على أن الخصوصية المغربية—بما فيها استمرار مؤسسة البيعة، والامتداد التاريخي الموحد—تجعل التجربة المغربية مختلفة عن باقي النماذج، وأكثر قدرة على تحقيق توازن بين الخصوصية الثقافية والمشاركة السياسية والوحدة الترابية.

واختُتم اللقاء بالتأكيد على أن مشروع الحكم الذاتي يشكل اليوم أحد أعمدة المقاربة المغربية في تدبير هذا النزاع، وأن نجاحه يمر عبر تحقيق التنوع والتعدد في إطار الوحدة، وتعزيز التنمية بالأقاليم الجنوبية، وخلق نموذج ثقافي وسياسي يضمن مشاركة السكان واستمرارية الروابط التاريخية بين الدولة والمجتمع. كما تمت الإشارة إلى أن الرؤية الملكية تجعل من الصحراء فضاءً لنموذج جهوي متقدم يمكن أن يتحول إلى منصة للتعاون الدولي والتكامل الاقتصادي على مستوى شمال وغرب إفريقيا.

IMG-20251203-WA0003
IMG-20251203-WA0005
IMG-20251203-WA0004
IMG-20251203-WA0006
IMG-20251203-WA0008
IMG-20251203-WA0007


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح