المزيد من الأخبار






السياحة بجوهرة المتوسط: قطاع يتراجع ومشاريع حكومية تحتاج إلى التحقيق


السياحة بجوهرة المتوسط: قطاع يتراجع ومشاريع حكومية تحتاج إلى التحقيق
الحسيمة: فكري ولد علي

تحتضن الحسيمة خلال الفترة الممتدة بين 24 و26 من هذا الشهر، الدورة السادسة من ملتقى الحسيمة للثقافة والسياحة الذي ينظم خلال هذه السنة تحت شعار "السياحة التضامنية رافعة للتنمية المحلية والوطنية" يحضرها العديد من المهتمين بالشأن السياحي والثقافي المحلي من مهنيين وفعاليات المجتمع المدني والباحثين لتدارس إشكالية التنمية ومدى مساهمة السياحة – بالخصوص التضامنية منها- في التنمية والرفع من مقدراتها بالمنطقة.
وكان موضوع السياحة بالحسيمة محور العديد من اللقاءات الأكاديمية والأيام الدراسية والندوات التي احتضنتها المدينة على الأقل منذ سنة 2009، وجمعت مختلف المتدخلين في القطاع من مهنيين وخبراء وباحثين وإعلاميين ومجتمع مدني، في محاولة للإجابة على الإشكالات التي يعرفها القطاع بالمنطقة، والوقوف عند التشخيص الموضوعي والعلمي لقطاع يكاد يحصل الإجماع على أنه القاطرة الحقيقية للتنمية المحلية والوطنية، بالخصوص في منطقة تعيش على إيقاع مفارقة كبيرة منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وهي المفارقة التي ترتبط من جانب بمنطقة تزخر بالمؤهلات المتنوعة ومن جانب بالتراجع في الحركة السياحية.

فعلى سبيل المثال، عرفت المنطقة هذه السنة تراجعا مهما على مستوى الحركة السياحية حيث كشفت الإحصائيات أن ليالي المبيت وصلت 48650 غاية شهر غشت الماضي أي بتراجع وصل نسبة 10 في المائة بالمقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، وهي ليالي المبيت التي تشكل فيها 85.65 في المائة نسبة السياح المغاربة أي حوالي 41675 سائح بنسبة تراجع تصل تقريبا 6 في المائة بالمقارنة مع نفس المدة من السنة الماضية، هذا، فيما لا تشكل نسبة السياح الأجانب منهم سوى نسبة 14.34 في المائة من ليالي المبيت بمجموع ليالي مبيت تصل 6975 فقط وعلى رأسهم السياح الإسبان ب 1536 ليلة مبيت مقابل 1545 ليلة مبيت لسياح من اجنبي من جنسيات بلجيكية، ألمانية، عربية، إيطالية وأمريكية...

تراجع القطاع السياحي بمنطقة الحسيمة، أو على الأقل عدم مواكبته للحركة السياحية الوطنية والعالمية حصل عليه الإجماع –تقريبيا- بين مختلف المتدخلين والمهتمين، فيما مبرراته تختلف من طرف لأخر حيت تتعدد التفسيرات بحسب مواقع المسؤولية والمهنية بمنح الأولوية لهذا السبب أو ذاك في هذا التراجع الذي يشكل مفارقة حقيقي، لم يتم لحد الساعة التخلص منها (المفارقة) حتى يساهم هذا القطاع فعلا قاطرة في التنمية المحلية التي تعرف الكثير من مظاهر "الإعاقة"
فالبرغم من كون الجميع بهذا الربع الخالي من الوطن -مسؤولي المصالح الخارجية، المنتخبين، المهنيين من أرباب الفنادق والمطاعم، جمعيات المجتمع المهني، والإعلاميين- يصرح باستمرار بأن الإقليم يتوفر على مجموعة من المؤهلات البيئية، الثقافية والتاريخية التي من شأن تثمينها وتأهيلها أن يمنح للمنطقة منتوجات سياحية ستساهم بلا محالة في تنمية الجهة ككل عبر خلق وجلب الاستثمارات في القطاع السياحي، وتوفير المزيد من فرص التشغيل...فالواقع يظل مختلف تماما؟ والسؤال لماذا لم تتحقق هذه البرامج على أرض الواقع؟ ولماذا لم تتكاثف جهود جميع هؤلاء المتدخلين في القطاع السياحي بالجهة عبر أجندة محددة في الزمان والأهداف.

بل السؤال الرئيس يهم دور المندوبية الإقليمية للسياحة ومعها المجلس الإقليمي للسياحة، حيث تظل هذه المصالح الإدارية والمهنية هي الغائب الأكبر عن هذا النقاش الدائر عن السياحة بالإقليم، حيث المواطن والفاعل السياحي والمتتبع لم يعد يعرف حتى موقع مقر هذه المندوبية وبالأحرى برامجها ولا يعرف مهمة ودور المجلس في الدفاع عن القطاع ومصالح المهنيين، فالجميع يسجل الغياب المطلق وغير المبرر لهذه المصالح، حيث تحجم عن التواصل مع الفاعلين وبقية المتدخلين، وتغيب عن التعريف بالبرامج الوزارية المرتبطة بالقطاع السياحي، الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال حول استمرارها الذي لا يعمل سوى على التقليل من المؤهلات السياحية للمنطقة، ولا تتدخر جهدا في "الإجهاز" على كل المبادرات.

فالعديد من الفعاليات السياحية المدنية والمهنية بالحسيمة تعبر يوميا عن أسفها الشديد مثلا من غياب المصالح الخارجية لوزارة السياحة بالإقليم عن النقاش العمومي حول السياحة بالمغرب والمنطقة، حيث بات السؤال يطرح نفسه بإلحاح حول موقع هذه المندوبية ضمن الإجراءات التنفيذية للمبادرات الملكية وإستراتيجيات الوزارة المكلفة بالقطاع السياحي، واعتبرت ذات الفعاليات أن محاولة اختفاء مسؤولي مندوبية السياحة بالحسيمة وراء "غياب المهنيين والجمعيات السياحة" هو ضرب من ضروب افتقاد هذه المؤسسة للتدبير الحكيم والتشاركي للقطاع.
وارتباطا بذات الوضعية المتأزمة للقطاع السياحي بالإقليم كانت قد صرحت في وقت سابق العديد من الجمعيات السياحية بالمنطقة أن تنمية القطاع السياحي بالحسيمة يتطلب مبادرات جريئة، وقرارات تشاركية مبنية على "توحيد الجهود" "وضوح المعلومات" و"توحيد آليات التنسيق" " ترجمة الدراسات إلى برامج وخطط عمل" تسمح برصد الحركة السياحية بالمنطقة، وملاحظة المؤشرات التي تهم مثلا مستويات السياحة، التأثيرات، جهود الإدارة، والنتائج.... وكذا إيجاد الخطط الملائمة لتحويل المؤهلات الطبيعية، الثقافية والتاريخية إلى منتوجات سياحية والبحث فيما بعد عن سبل تسويقها كمرحلة ثانية.
كما كان نداء الحسيمة للثقافة والسياحة (2013) قد سجل انعدام أي وثيقة تعريفية أو إشهارية للمنطقة (دلائل، خرائط، مطويات، بطائق بريدية ..) بمندوبية السياحة ولا غيرها... إضافة إلى لامبالاة عدد من المصالح والمؤسسات في تعاطيها مع ملف السياحة والثقافة بالمنطقة، حيث التجاهل التام لبعض المسؤولين للمبادرات الجادة الصادرة من الجمعيات المشتغلة في الميدان، وعدم تشجيع العمل والمجهودات المبذولة بسبب انعدام التنسيق ببين المؤسسات المعنية والمتدخلة بالقطاع لأسباب ادارية وارتباطها الدائم بمراكز القرار.

فعاليات الملتقى االسياحي الأول والثاني (2009-2010) بدورها كانت قد طالبت بضرورة توحيد الجهود لربح المزيد من الوقت وابتداع آليات تنظيمية وتنسيقية جديدة، حيث اعتبرت أن العديد من المتدخلين في القطاع السياحي بالإقليم يتوفرون على دراسات تخص هذا الجانب أو ذاك، فيما الواقع يتطلب تفعيل هذه الدراسات وتطبيق ما جاءت به من إجراءات وتدابير، وليس إنجاز المزيد من الدراسات، والطامة الكبرى –تقول هذه الفعاليات- في غياب التنسيق، وبنهج يتسم ربما بتضييع المال العام والجهد الذي يجب أن يتم توفيره لتوظيفه بالشكل الذي يعود على القطاع بنتائج أكثر إيجابية من العمل المنفرد.

الواقع ينطق بلسان أخر...

إلى جانب هذه الوضعية التي يبقى ظاهرها تراجع ليالي المبيت فإن ثمة عناصر أخرى يثيرها العديد من المهتمين بالمجال السياحي بالمنطقة من قبيل عدم تنفيذ العديد من المشاريع والبرامج السياحية التي أعلنتها الدولة إما ضمن برامج واستراتيجيات وطنية وإما ضمن برامج محلية خاصة، من قبيل مشروع خلق وتعبئة منطقة سياحية جديدة بالحسيمة (2009)، وكذلك مخطط التنمية السياحية لإقليم الحسيمة أو ما كان يعرف ب "رؤية الحسيمة 2015" إلى جانب اتفاقية التنمية المندمجة للسياحة القروية التي كان من المفروض أن تتولى تنفيذها الشركة المغربية للهندسة السياحية.

في هذا الصدد يشير، الغلبزوري السكناوي -إعلامي مهتم بالمجال السياحي- إلى أن العديد من البرامج السياحية بالمنطقة لم تعرف طريقها إلى التنفيذ أو على الأقل عرفت تعثرات كبرى وتغيب عنها مبادئ الحكامة والتدبير الحسن، وكمثال على ذلك مشروع "كلايريس" الذي أعلن عنه سنة 2009 وكان من المفروض أن تنطلق الأشغال في شطره الأول سنة 2012، غير أن المشروع ألغي بدون الإعلان عن دوافع ومبررات هذا القرار.
وللإشارة فالمشروع –يقول متحدثنا- جاء في إطار خلق وتعبئة منطقة سياحية جديدة بالحسيمة NZT على مساحة 80 هكتار بطاقة استقبالية تصل 11184 سرير؛ وكان من المقرر أن يساهم هذا المشروع في خلق 1000 منصب شغل عند الاستغلال و2500 منصب أثناء أشغال البناء والتهيئة بميزانية تصل 6 مليار درهم؛ خصصت لتهيئة وبناء إقامات سياحية ومحلات ومطاعم وملاهي وملاعب متنوعة إلى جانب سبعة فنادق وميناء ترفيهي، ومعهد للفندقة ومصحة، مراكز تجارية، مركز للغوص....
ويضيف –نفس المتحدث- أن ثمة مشاريع وبرامج أخرى لم تعرف طريقها إلى التنفيذ أو تميزت ببطء الإنجاز ومنها "رؤية الحسيمة 2015 " التي كانت تسعى إلى جعل الحسيمة وجهة سياحية شاطئية من الطراز الرفيع، عبر عرض سياحي متنوع يشمل أنشطة مختلفة، تقديم خدمات ترفيهية متعددة، بالاعتماد على أربعة محاور تشمل الشواطئ المتوسطية، الترفيه والاستجمام، حسن الضيافة والاستقبال، الثقافة والطبيعة والرحلات، يقدم على المستوى النظري والبرمجة الكثير من الحلول لطبيعة المشاكل التي يعيشها القطاع السياحي بالإقليم خاصة حينما يركز على تنويع المنتوج، التسويق، دعم التكوين في الخدمات المرتبطة بالقطاع السياحي، الرفع من القدرة الإيوائية، وحماية البيئة...

مركز إعلامي مغلق ومهجور
وإذا كان المهتمون يركزون على أهمية المعلومة الصحيحة ونشرها على أوسع نطاق في مجال الترويج السياحي فإن للحسيمة "دارا" هي مغلقة منذ سنة 2012 والأمر يتعلق بدار فضاء الإستقبال السياحي التي كان قد عقد بشأنها اجتماع بمقر ولاية الحسيمة (آنذاك) يوم 07 يناير 2012؛ حضره رئيس الجهة آنذاك؛ وممثل عن وكالة إنعاش وتنمية عمالات وأقاليم الشمال؛ وبعض المجالس المنتخبة وجمعيات وفعاليات المجتمع المدني بالمنطقة، الإجتماع هم أساس تقديم المشروع من طرف الشركة المغربية للهندسة السياحية SMIT وتوضيح وظائفه الأساسية والشروط القانونية والتنظيمية لتسييره ومنذ حينها و"الدار" مغلقة وتحولت بعد كل هذه السنوات إلى شبه "خربة" جاثمة عند مدخل شاطئ كلابونيطا بالمدينة.
متحف الريف: مشروع ملكي تحول إلى "متحف"...
مشروع أخر -كان من المفروض أن يلعب دورا مهما في المساهمة للترويج للحسيمة كوجهة سياحية لها لها أكثر من عنصر جذب، ولم يعرف طريقه إلى التنفيذ لإعتبارات تظل حقيقتها مجهولة لحد الساعة- هو مشروع "متحف الريف" الذي تحول إلى أطلال بوسط المدينة بعد أن أعلن عن إحداثه سنة 2006 باتفاق تم آنذاك بين وزارة الثقافة؛ ولاية جهة تازة الحسينة تاونات؛ عمالة إقليم الحسيمة والمجلس البلدي للحسيمة ولكن ظل حبرا على ورق إلى غاية تنظيم ندوة علمية دولية حول موضوع "التراث الثقافي بالريف: أية تحـافـــة؟" سنة 2011 تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس.
فقد وقع في ختام هذه الندوة -التي خصها الملك برسالة سامية- المجلس البلدي لمدينة الحسيمة؛ مجلس جهة تازة الحسيمة تاونات؛ المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس الجالية المغربية بالخارج على اتفاقية شراكة لإحداث "متحف الريف" وبعد ثلاث سنوات، وبالضبط يوم الأربعاء 09 أكتوبر 2013 قام والي جهة تازة الحسيمة تاونات؛ محمد الحافي؛ بإعطاء انطلاقة بدأ أشغال المتحف بحضور رئيس الجهة؛ رئيسة المجلس البلدي؛ مدير الوكالة الحضرية والمهندس المكلف بالأشغال، ولكن للأسف منذ هذا التاريخ والمشروع متوقف دون أن تنتهي أشغاله؛ ودون أن يوضح صاحب المشروع -الذي هو المجلس الوطني لحقوق الإنسان- عن الأسباب التي حالت دون إتمام المشروع، ولم يوضح كيف تم التصرف في الميزانية/الميزانيات التي خصصت له سواء من الجهات الرسمية أو كدعم من الإتحاد الأروبي.
الاتفاقية المندمجة لتنمية السياحة القروية: المصير المجهول...

إدا كانت العديد من الوثائق تشير إلى أن السياحة الشاطئية بالحسيمة تشكل النواة الأساسية لأي إقلاع سياحي بالمنطقة، نظرا لما يتوفر عليه الإقليم من شواطئ وخلجان ذات جودة عالية من حيث الرمال وباقي المقومات الطبيعية، فإنه بات من الضروري اليوم تنويع العرض السياحي بمنتوجات جديدة تهم أساسا تلك المرتبطة بالبيئة والعالم القروي والثقافية.... والتي من شأنها استقطاب السياح بشكل قوي، على اعتبار أن هده المقومات تتضمن –كما يرى المختصون- عناصر جذب سياحي غير متنافس عليها، خاصة إذ ما تم الأخذ بعين الاعتبار تهيئة واستغلال المحيط الجهوي، الذي يستدعي وضع برنامج للتنمية الجهوية الشاملة قصد بلورة مدار سياحي متنوع يشمل كل هذه الأقاليم.

وفي هذا الإطار كانت الحسيمة قد استفادت من اتفاقية التنمية المندمجة للسياحة القروية غير أنه لم يتحقق أي شيء على أرض الواقع منذ انعقاد الإجتماع الأول الذي احتضنه مقر عمالة الإقليم يوم 10 فبراير 2015 خصص لتقديم تفاصيل هذه الإتفاقية، حيث أبرز حينها مدير العمليات ووحدة تسيير البرامج بالشركة المغربية للهندسة السياحية، موحا الريش، في عرضه المفصل أمام والي وعمال أقاليم الجهة، المنتخبون، مهنيي السياحة القروية وفعاليات المجتمع المدني أن المحاور الأساسية والخطوط العريضة لمشروع البرنامج المذكور بالجهة (حسب التقسيم القديم) تحتوي صيغته الأولية على 36 مشروعا بغلاف مالي إجمالي يناهز 177 مليون درهم منها 44 مليون درهم لإقليم الحسيمة.

وعلى خلفية هذا المسار، مسار المشاريع التي لم تتحقق رغم مرور سنين على إعلانها فإن العديد من المهنيين والمهتمين بالقطاع والمتتبعين لم ولن يأخذوا بجد الإجراءات التي أعلن عليها مؤخرا للترويج السياحي لوجهة الحسيمة، والتي أطلقها أخيرا المكتب الوطني المغربي للسياحة بعد زيارة الوزير محمد ساجد إلى الحسيمة؛ لأنه ببساطة هذا المكتب كان قد أطلق أكثر منها ومنذ سنوات. هي وعود لم تنفذ؛ فهذا المكتب سبق أن صرح ووعد بأن الحسيمة ستبرمج في الحملات الاشهارية والتواصلية والتعريفية منذ سنوات ولكنه وعد لم يتحقق.



1.أرسلت من قبل الرشيدي الحسن في 08/12/2017 18:59 من المحمول
هل ممكن معلومات عن الجهة المنضمة
لأهمية الموضوع اود المشاركة وشكرا

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح