المزيد من الأخبار






الجامعي الناظوري عكاشة بن المصطفى يكتب: ورقة مغارب حول الحراك في الريف.. الأزمة والحلول


الجامعي الناظوري عكاشة بن المصطفى يكتب: ورقة مغارب حول الحراك في الريف.. الأزمة والحلول
ذ. عكاشة بن المصطفى

تعتبر هذه الورقة الصادرة عن مجموعة تفكير تابعة لمركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني بالرباط، والتي تضم نخبة من المثقفين والمفكرين والأكاديميين في تخصصات علمية شتى، والتي تم تقديمها لوسائل الإعلام الوطنية حلا للأزمة التي تشهدها منطقة الريف، وخاصة مدينة الحسيمة، ومناطق أخرى من المغرب.

الورقة تقدم تحليلا علميا رصينا للأحداث أو ما يصطلح عليه بـ"حراك الريف"، وتقترح حلولا واقعية تجمع بين عدة مقاربات شاملة ومكملة، وذلك من أجل وضع حد للتوترات وردود الفعل الانفعالية والمزاجية التي ولدها الحدث، ليحل محلها صوت العقل والتفكير والمعرفة للخروج من هذه الأزمة، مستفيدين منها لا متأثرين بعواقبها من خلال حل المشاكل بشكل جذري وليس آني أو عرضي.

إن هذه الأحداث مؤشر على وجود أزمة داخل النظام الاجتماعي والاقتصادي وداخل المؤسسات السياسية. فالحدث مهما كان هو استجابة لمنطق يعكس وجود خلل في بنيات المجتمع والمؤسسات السياسية؛ خلل يمكن تلخيصه في وجود تفاوت اجتماعي صارخ بين الجهات وبين المواطنين في توزيع موارد الدولة والاستفادة منها بسبب اقتصاد الريع وثقافة الامتيازات التي لا تنتهي، والتي تكلف الميزانية العامة غاليا على حساب الفئات المحرومة.

إن هذه الأحداث محطة للتأمل وإصلاح الأمور إصلاحا عميقا حتى نتجنب ويلات الحراك. وما حال الدول العربية والإسلامية التي عرفت حراكا سياسيا ومصيرا مظلما عنا ببعيد.
إن الورقة ترى أنه كلما طالت الأزمة كلما تعقدت المشكلة، فقد بدأت باحتجاج حول ملابسات مقتل المرحوم محسن فكري في ظروف مهينة للكرامة الإنسانية، لا يمكن السكوت عنها، وكانت تتطلب حزما، لكن السلطات لم تتعامل جيدا معها ولم تقدم حلا يرضي الأطراف وعائلة الفقيد، ما ولد مزيدا من فقدان الثقة، كما أنها لم تقدم حلولا جذرية وشاملة تنهي حالة التهميش والإحساس به.

إن مجرد الإحساس بالتهميش يعد مشكلا نفسيا ينم عن وجود تراكم لفشل السياسات العمومية وتنامي خيبة الأمل وفقدان الثقة، حتى إن كانت المجهودات قائمة على المستوى الاقتصادي.

ولما كان حراك الريف غير بعيد عن الحراك في بعض الدول العربية والإسلامية، ولما كان السياق الذي حدث فيه هو سياق أزمة وتوجس وخوف من إعادة سيناريو هذه الدول، فإن الأحداث تشكل أهمية قصوى لا بد من الحزم في معالجتها. وكل تماطل أو استهتار أو حسابات خاطئة يدخل البلاد في دوامة خطيرة من القلاقل.

مقاربة شاملة ومتكاملة

بحكم التداخل بين ما هو سياسي وسويواقتصادي وأنتروبولوجي في حراك الريف، وفي عدة مناطق من البلاد، كان لا بد من وضع مقاربة شاملة وكاملة لتشخيص الأزمة وتحليلها وتقديم الحلول لها. وهذا ما تقترحه الورقة، إذ تقدم منهجية خاصة تعتمد على النقاط التالية:

- مقاربة الموضوع من زوايا متعددة لتجنب النظرة التجزيئية للأحداث. وهذا لا يتأتى إلا من خلال مساهمة العديد من الحقول المعرفية.
- تحليل جماعي لنخبة من المفكرين والمثقفين بدل التحليل الفردي وإن كان مهما. وهذا ما اقترحته الورقة إذ اشتغلت في إطار مركز هو مركز مغارب للدراسات في الاجتماع الإنساني بالرباط، ما يمنح العمل مزيدا من القوة والموضوعية وتجنب الانحياز إلى طرف من الأطراف بشكل انفعالي.
-الاستماع إلى وجهة نظر الفاعلين من أبناء المنطقة ووجهات نظر السلطات العامة من أجل فهم الأحداث والجمع بين البعد النظري والبعد الميداني.
- تجنب كل ما من شأنه تأجيج الصراع، كاستعمال المصطلحات ذات الحمولة القبلية والطائفية والاستفزازية، في حين أن الحدث له طابع موضوعي، أي يهم المغاربة كلهم وليس منحصرا في جهة معينة، وإن كانت جهة الحسيمة لها السبق في تقديم المطالب والمطالبة بالإصلاح الشامل.
- غض الطرف عن الخلفيات والأسباب غير المشروعة وغير المقبولة والتركيز على الإفادة من الحدث لتطوير مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية المطلوبة.

غياب التنمية وفقدان الثقة في المؤسسات وأزمة التمثيلية من مسببات الأزمة الحقيقية
كل حدث وله أسباب حقيقية كامنة وأخرى ظاهرة. والورقة واعية بضرورة البحث عن الأسباب غير المباشرة والخفية للحدث حتى تتم معالجة المشكلة من جذورها، وليس فقط معالجة مظاهرها.

عدم البحث عن الأسباب الحقيقية يديم الأزمة. ومقتل محسن فكري ما هو إلا مظهر لأزمة حقيقية وخلل كامن يمس عدة بنيات داخل المجتمع المغربي؛ خلل متمثل في غياب احترام حقوق الإنسان واستمرار اقتصاد الريع والإفلات من العقاب للمفسدين والمستفيدين من الامتيازات غير المشروعة.

كما أن التعاطي مع مقتل محسن فكري لم يكن في مستوى تطلعات الساكنة، ما راكم أزمة الثقة بسبب نتائج الأحكام الصادرة في حق المتورطين بمقتله؛ إذ اعتبر القضاء أن الحادث نتج عن القتل غير العمد دون الأخذ بعين الاعتبار الشطط في استعمال السلطة.

أما الأسباب غير المباشرة لأحداث الريف فتتمثل في غياب تحقيق التنمية للإقليم وعدم استمرارية المشاريع المحدثة وتعثر مشاريع أطلقها العاهل المغربي محمد السادس؛ ما كرس الإحساس بالتهميش الذي كان موجودا في نفوس المواطنين منذ الاستقلال بأنهم مازالوا يصنفون في إطار "المغرب غير النافع" .

كما أن الورقة تتحدث عن أزمة التمثيلية بسبب عدم فعالية الانتخابات في المغرب التي مازالت تنتج منتخبين غير أكفاء فاقدين للشرعية والمصداقية؛ فأصبح النائب أو الممثل للأمة بعيدا عن هموم المواطنين وناخبيه..أصبح لا يمثل همومهم، وإنما مصالحه الخاصة. وأصبحت الانتخابات في مجملها مطية لوصول الانتهازيين ووسيلة لتحقيق مناصب ووظائف يصعب تحقيقها عبر المباريات والطرق السليمة.

وأزمة التمثيلية تمس أيضا أغلب الأحزاب السياسية التي أصبحت "خارج التاريخ"، وتشتغل بإيقاع لا يساير العصر والأحداث الوطنية والدولية، وبعقلية تجاوزها الزمان. وأزمة التمثيلية هذه تجلت في رفض المحتجين التحاور مع هذه المؤسسات السياسية. وانسحبت أزمة الثقة والشرعية حتى إلى الحكومة، ولم يبق سوى الاستنجاد بالملك كحل نهائي.

الحلول الممكنة والتوصيات

قدمت الورقة جملة متكاملة من الاقتراحات والتوصيات من شأنها إنهاء الأزمة، ويمكن الاستفادة منها من قبل المسؤولين. ولكن مع الأسف تم اقتباس العديد من توصياتها من دون الإحالة عليها، كما حدث في المناظرة الوطنية المنظمة من قبل مجلس جهة طنجة.
- الابتعاد عن المقاربة الأمنية وإن كانت ضرورية للحفاظ على الممتلكات.
- الجمع بين الحلول بعيدة المدى والمتوسطة والآنية.
- الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإنهاء عسكرة المنطقة. فالاعتقال يزيد من تأجيج الأزمة.. وهذا صحيح سوسيولوجيا وانتروبولوجيا. فمدينة الحسيمة صغيرة ومواطنوها يشكلون لحمة واحدة ومتضامنون مثل العائلة الواحدة بسبب قلة الأجانب واعتبارات أنتروبولوجية وأيضا سياسية.
-التنديد بتبخيس الرموز الوطنية والجهوية والهوياتية والحفاظ على الوحدة الوطنية.
الابتعاد عن منطق تقسيم المواطنين إلى وطنيين وآخرين خونة؛ فالكل ينتمي إلى بلد واحد وله الروح الوطنية نفسها..
- الابتعاد عن استعمال صور الملك حتى يبقى رمزا وينأى عن الصراعات الضيقة ويحتفظ بمكانته كحكم وليس طرفا.
- القطع مع تصريحات بعض المحللين والإعلاميين الذين يؤججون الصراع أكثر من تهدئته.
-تدخل ملكي إن اقتضت الضرورة ذلك.
- تشكيل لجنة تقصي الحقائق وخلق آليات مؤسساتية للحوار وإعادة الثقة للمواطنين.
- تبني مقاربة تنموية شاملة وجهوية لتقليص التفاوت الصارخ بين الجهات.. تنمية يشترك فيها الرأسمال الوطني والمحلي.
-وضع أجندة لأجرأة الملف المطلبي.
- وضع آليات لتتبع مآل المشاريع المزمع إنشاؤها.
- تبني مقاربة ثقافية تكمل المقاربة التنموية من خلال جعل المواطن الريفي مندمجا مع الهوية الوطنية حتى لا يحس بالتهميش والعزلة وتجاوز النعرات الإثنية واللغوية إلى المشترك المتمثل في الوطن والدين ووحدة اللغة مع الاعتراف بالهويات.

أستاذ علم الاجتماع السياسي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور



1.أرسلت من قبل newui في 25/06/2017 02:36 من المحمول
الحلول هو تشغيل اصحاب الشواهد من الناضور والحسيمة دون فرزيات او باك صاحبي % 90 من التوضيفات هي من خارج المدينة
والسلام

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح