المزيد من الأخبار






التهميش يرغم مائة أسرة على الهجرة نواحي إقليم الدريوش‎


التهميش يرغم مائة أسرة على الهجرة نواحي إقليم الدريوش‎
خالد الزيتوني

عزلة وتهميش قل نظيرهما في ربوع المغرب، عنوان عريض لمعاناة لا تنتهي لساكنة دوار ذشياسث بجماعة ولاد أمغار قيادة بودينار إقليم الدريوش، حيث ويلات الخصاص في الخدمات والبنية التحتية تأخذ طعم المرارة، يتذوقها بشكل يومي ساكنة هذا الدوار المنسي والمحكوم ب"حكرة" لا يترجمها غير ما يفتقدونه من حاجياتهم الأساسية، والتي تسببت في هجرة 100 أسرة في الآونة الأخيرة، نظرا لاعتبارات الحياة الصعبة وغياب التنمية، والبنية التحتية.

مقطع طرقي كله خطورة، ذلك الذي يربط "تروكوت" بدوار " ذشياست "، عبر جبال وعرة، وتكون رحلة الإياب أكثر خطورة، وتتحول تلك الطريق الضيقة لنقمة يمكن أن تعمل على الفتك بالسكان خاصة وأنها كلها منحدرات لا قرار لها، لا يوازيها سوى مصطلح العزلة الذي يبصم الجماعة، ويجعلها قصية عن باقي دواوير إقليم الدريوش، لمجرد سقوط كمية يسيرة من الأمطار.

السكان أعياهم انتظار حل من المسؤولين، الذين تعاقبوا على إدارة شؤون الجماعة دون أن يلتفتوا لمطالب سكان دوار "ذشياست"، المطوقين بالعزلة والحرمان، وظلت مطالبهم في التنمية معلقة ليومنا هذا، حيث غياب مؤشرات العيش الكريم تطغى في كل مظاهر الحياة، وكل أمل السكان أن يستفيقوا يوما على وقع حياة أخرى تنسيهم ما يكابدونه في حياتهم.

لم يجد السكان من حل بعد تجاهل مطالبهم المشروعة من خيار سوى الهجرة نحو مناطق أخرى لإنقاذ أبنائهم من الهدر المدرسي، ولضمان مستقبل أفضل لهم، فتركوا وراءهم ما يملكون، واتجهوا جماعات للبحث عن الحياة الكريمة، 133 أسرة لم يتبقى منها بالدوار غير 33 أسرة، رفضت ترك أرض أجدادها، وتشبثت بالحياة رغم الصعاب والمخاطر وشظف الحياة، وهي متأكدة أن صرخاتها المتكررة لفك العزلة عنها ستجد يوما طريقها للآذان الصاغية.

هؤلاء السكان يطالبون فقط بمياه صالحة للشرب لروي عطشهم، وقضاء حاجياتهم، فشح المياه يضاعف من معاناتهم، ويزيد من معدلات انقطاع أبنائهم عن الدراسة، فالأطفال هناك همهم هو البحث عن المياه وجلبها في المقام الأول قبل الدراسة والمدرسة، الأخيرة التي لا مكان لها، كما أن المتوفرة بعيدة ولا يمكن بلوغها، فالدوار يظل معزولا عن العالم الخارجي وفي تلك المرتفعات النائية، لمجرد سقوط كمية قليلة من الأمطار، تكون كافية لإتلاف الطريق وجعلها غير صالحة حتى لسير الدواب.

ويروي السكان للجريدة كيف يواجهون ألامهم وأمراضهم، وكيف يتم توليد نسائهم، في أحلك الظروف، وفي الهواء الطلق أحيانا كثيرة، بسبب غياب مستوصف، ولو بشروط بسيطة، فالمسافة التي تفصل الدوار عن جماعة اتروكوت والمحددة في 9 كلومترات، يمكن قطعها في ساعات، عبر منحدر صخري وسط جبال شاهقة، يمكن أن تتسبب حركة صغيرة من السائق اتجاه سيارته في إزهاق أرواح السكان الذين يطالبون ببناء مستوصف بقاعة للولادة ومدرسة لتعليم أبنائهم.

ورغم كل المعاناة، فالنساء في هذا الدوار المنسي بإقليم الدريوش، هن الحياة والأمل، فبفضلهن تستمر الحياة هناك، فهن من يعملن في الحقل، وداخل المنزل رغم صعوبة الظروف، فالزراعة هناك معاشية وتكفي بالكاد على سد خصاصهم، من حاجياتهم الغذائية، ومع موجة الجفاف التي عرفها الريف لهذا الموسم، تبقى كل الحقول قاحلة، مما عمق أزمة الساكنة التي يطوقها التهميش من كل جانب، ولازالت تنتظر أن تبتسم لها الحياة يوما ويتم الاستجابة لمطالبها العادلة والمشروعة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح