المزيد من الأخبار






ابتداء من 20 ماي.. قانون جديد يفتح أبواب الإقامة لعشرات الآلاف من المهاجرين بإسبانيا


ناظورسيتي: م ا

يدخل قانون الهجرة الإسباني المعدل حيز التنفيذ ابتداء من يوم الثلاثاء 20 ماي الجاري، حاملا في طياته مجموعة من التعديلات التي وصفت بـ"الواسعة والعميقة"، والتي تمس مختلف مساطر الإقامة ولمّ الشمل وتسوية الوضعية القانونية للمهاجرين.

وتأتي هذه التعديلات، التي جرى اعتمادها بشكل نهائي في نونبر من العام الماضي، عقب شهور من الجدل الحقوقي والقانوني، حيث طالبت منظمات مدنية ومهنية بإصلاح شامل لقانون الهجرة بما يتماشى مع الواقع الاجتماعي والديموغرافي لإسبانيا.

أبرز المستجدات: تسهيلات مشروطة
من بين أبرز ما جاء به النص الجديد، تقليص مدة الإقامة المطلوبة للاستفادة من مسطرة "الارتباط الجذري" من ثلاث سنوات إلى سنتين، وهو ما سيمكن آلاف المهاجرين غير النظاميين من تسوية أوضاعهم في وقت أقصر. كما تم اعتماد ما يعرف بـ"الفرصة الثانية"، وهو إجراء يتيح للمهاجرين الذين فقدوا تصاريح إقامتهم بسبب ظروف اقتصادية أو اجتماعية، فرصة استرجاعها بعد سنتين من التواجد المستمر داخل التراب الإسباني.

القانون الجديد تضمن أيضا إصلاحا لنظام لمّ الشمل، حيث تم رفع سن الأبناء المؤهلين للالتحاق بعائلاتهم إلى 26 سنة، وإدماج الشركاء غير المتزوجين في الحالات التي تتوفر على علاقة عاطفية مستقرة. كما تم تبسيط إجراءات التحاق الآباء ممن تجاوزوا سن 65 سنة، بشرط إثبات الإعالة الاقتصادية.

تصريح جديد لأفراد عائلات المواطنين الإسبان
في خطوة وصفت بالجذرية، تم توحيد تصريحي "الارتباط العائلي" و"تصريح عائلة مواطني الاتحاد الأوروبي" ضمن آلية واحدة تحمل اسم "تصريح الإقامة لأقارب المواطنين الإسبان"، والذي يسمح بتقديم الطلبات من داخل التراب الإسباني دون الحاجة إلى العودة إلى بلد المنشأ، وهو ما شكل انفراجا لآلاف الملفات التي كانت متعثرة في القنصليات.

ويمتد هذا الإجراء ليشمل أيضا "العائلة الممتدة"، كالأبناء الراشدين والآباء وحتى أفراد آخرين تربطهم علاقة تبعية بالمواطن الإسباني، على أن تثبت هذه التبعية بمستندات رسمية.

تعديلات على نظام الطلبة الأجانب
القانون الجديد أتاح للطلبة الأجانب إمكانية العمل لمدة تصل إلى 30 ساعة أسبوعيا، وتلقي تكوينهم الجامعي بشكل جزئي عن بعد، بالإضافة إلى تسهيلات في شروط الإعالة، إذ بات من الممكن تقديم عقد عمل أو وعد توظيف كمصدر تمويل للإقامة الدراسية.

غير أن المثير للجدل هو استثناء القاصرين من هذا النظام، مما أثار موجة انتقادات من طرف جمعيات حقوق الطفل، التي وصفت الإجراء بغير المتوازن.


تحفظات حقوقية وطعون قضائية
ورغم الطابع الإصلاحي للقانون، إلا أن العديد من الجمعيات والمنظمات الحقوقية اعتبرت أن التعديلات جاءت منقوصة، خاصة في ما يتعلق بوضع طالبي اللجوء، حيث لا تُحتسب مدة انتظار البت في الملف ضمن السنوات اللازمة لطلب الإقامة لاحقا، مما يهدد آلاف الأشخاص بالبقاء في وضعية غير قانونية.

وفي هذا السياق، لا يزال القانون يواجه طعونا قضائية أمام المحكمة العليا الإسبانية، في وقت تواصل فيه مبادرة تشريعية شعبية المطالبة بتسوية استثنائية لأوضاع قرابة 400 ألف مهاجر، كبديل يضمن العدالة الاجتماعية والحقوقية للمقيمين في وضعية هشة.

مخاوف من الاكتظاظ الإداري
من جانب آخر، نبّهت جهات مهنية إلى احتمال انهيار الإدارات المكلفة بشؤون الهجرة في حال لم ترافق الإصلاحات موارد بشرية وتقنية كافية. حيث إن بعض الملفات تستغرق أزيد من ستة أشهر لمعالجتها، ما يجعل من القانون الجديد تحديا لوجيستيكيا حقيقيا للحكومة الإسبانية.

في انتظار التفعيل العملي
ومع دخول القانون حيز التنفيذ، يترقب آلاف المهاجرين من مختلف الجنسيات، خاصة من المغرب وأمريكا اللاتينية، انعكاسات هذه التعديلات على ملفاتهم العائلية والمهنية. وبين تفاؤل بتحقيق تسهيلات فعلية، وتخوف من عقبات إدارية قد تعرقل التفعيل، يبقى المستقبل مرهونا بمدى الالتزام السياسي والتقني بتطبيق القانون على أرض الواقع، وبما يحفظ كرامة وحقوق الإنسان في بلد يعد من أبرز الوجهات الأوروبية للهجرة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح