المزيد من الأخبار






الناظوري عبد الواحد خوجة.. العسكري الذي صار علبة أسرار مجلس المستشارين


الناظوري عبد الواحد خوجة.. العسكري الذي صار علبة أسرار مجلس المستشارين
عن اليوم 24
يصفه الكثيرون بـ”علبة أسرار” الغرفة الثانية، فالرجل مطلع على كل كبيرة وصغيرة في خبايا مجلس المستشارين، وراكم خبرة في التسيير مكنته من الاحتفاظ بمنصبه، على الرغم من وصوله إلى سن الإحالة على التقاعد..

إنه عبد الواحد خوجة، الذي يعرفه الجميع حاليا كأمين مجلس المستشارين، إلا أن ما يجهله الكثيرون عنه أنه بدأ حياته العملية كعسكري.

ولد خوجة عام 1954 بقرية سامسا في ضواحي تطوان لأب عرف كمشرف على مسجد الدوار ومؤذن فيه، إلى جانب امتلاكه لـ”حمام بلدي”، كان الطفل والمراهق عبد الواحد يشتغل فيه كقابض لفترات متقطعة في طفولته.. ليكون بذلك أول عمل يزاوله بالموازاة مع تعليمه الأساسي.

بعد ذلك، اشتغل أمين مجلس المستشارين حاليا، كـ”محاسب” لدى الإنعاش الوطني وسنه لا يتجاوز 15 سنة، لفترات متقطعة أثناء العطلة الصيفية، وأجره لا يتجاوز 8 دراهم للأسبوع، مقابل “إحصاء العمال، ودفع أجورهم كل يوم جمعة”، وهو العمل، الذي كان أكبر مبلغ إدخر منه خوجة 150 درهما، استغله في السفر إلى تطوان في أيام مراهقته.

“كان للصدف دور كبير في حياتي”، يقول خوجة في حديثه، فبعد أن أتم دراسته في الكتاب القرآني في تطوان والابتدائية في “زغنغن” ضواحي الناظور، ثم الثانوية، ” شاءت الصدف أن أنتقل إلى فاس، وأسجل في كلية الحقوق، على الرغم من أن لا علاقة لي بالحقوق نهائيا، فولوجي هذه الكلية كان لسبب بسيط، هو أن سنوات الدراسة فيها كانت فقط ثلاث سنوات عوض أربع “.

ولم يمنع تسجيل خوجة في كلية الحقوق من سلك مسالك أخرى :” لا أزال أتذكر أنني لم أتمتع كباقي الطلبة بالجلوس في كرسي جامعي، والاستماع إلى أساتذتي في كلية الحقوق، كنت شغوفا بالآداب والعمل النقابي والسياسي، حيث كنت دائم الحضور في كلية الآداب وأنا لا أنتمي إليها”.

وبعد حصوله على الإجازة في الحقوق، كان خوجة “يتمنى” الولوج إلى سلك التعليم، وسعى إلى ذلك لممارسة العمل النقابي، إلا أنه وجد نفسه بعد استكمال الدراسة في كلية الحقوق عام 1978 مستدعى إلى الأكاديمية العسكرية لاجتياز مرحلة التدريب العسكري، شأنه في ذلك شأن أبناء جيله.

“دخلت مضطرا وحزينا بل باكيا”، يتذكر خوجة، واعتبر الأمر “انتقاما من نشاطه النقابي في كلية فاس”.. لكن الأمور سارت إلى غير ما كان يتوقعه، فبعد نقله إلى الأكادمية العسكرية تغيرت الأمور :”الحياة العسكرية أثرت في مساري كثيرا، وتخرجت بدرجة ملازم متفوقا على الفوج”، يروي خوجة.

المسار العسكري لخوجة لم يتوقف عند هذا الحد، بل إنه تدرب على سلاح المدرعات، وصار ملازما في القوات المسلحة الملكية.

يروي :”كانت المدة التي قضيتها في الأسلاك العسكرية محددة لمساري الإداري، وفهمي للأمور، ووعيي بأهمية المغرب كمعطى جغرافي وسياسي، وتعلمت خلالها النظام والانتظام، وأن لا شيء في هذا البلد السعيد يسير على عواهنه، كل شيء يسير بنظام وانتظام”.

انتهت الخدمة العسكرية لخوجة بعد سنة ونصف السنة، وانتقل بعدها بـ”الصدفة” وباقتراح من صديق له للاشتغال في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في مسار إداري دام 25 سنة، انتهى بالنسبة إليه كمسؤول عن استراتيجية الصندوق.

وقال :”حاولت جاهدا أن أنقل إلى عالمي الإداري بعض ما تعلمته في حياتي العسكرية، على الرغم من أنني اتهمت بعسكرة الادارة، لكنني أفتخر بتجربتي هذه، وأظن أن أطر الإدارة المغربية يجب أن تمر من التحربة العسكرية لتتعلم قيمة الوقت والانضباط”.

وبعد ذلك، تم تعيين خوجة كاتبا عاما لوزارة التشغيل عام 2005، ومن ثمة تم تعيينه عام 2009 أمينا عاما لمجلس المستشارين، وهو المنصب، الذي يستمر فيه إلى اليوم :”طبيعة الاشتغال داخل المجلس ليس كمن يمشي على البيض، بل كمن يمشي على بيض متكسر، وعليه أن يميز بين أصفر البيض وأبيضه، معناه يجب الدقة في اختيار الخطوة، والتمعن في موقع القدم، وفي مواقع الأشخاص كلها، ففي المجلس يندمج الإداري بالسياسي بشكل كلي، ما يجعل طبيعة العمل البرلماني صعبة ومعقدة ومركبة”، يفيد خوجة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح