المزيد من الأخبار






ملف: واقع التعليم العالي بالناظور.. بين أزمة المنظومة وقلة الامكانات


ملف: واقع التعليم العالي بالناظور.. بين أزمة المنظومة وقلة الامكانات
انجاز: علي كراجي

صُنف المغرب في المركز رقم 104 دوليا، و الـ 11 عربيا، بحسب تقرير المؤشر العالمي لجودة التعليم العالي الصادر عن التنافسية العالمية لعام 2016-2017. وحلت الجامعات المغربية، في مراتب متدنية مقارنة مع بعض الجامعات الإفريقية الأخرى، وقد جاءت كل من جامعة القاضي عياض بمراكش وجامعة محمد الخامس بالرباط في المراكز ما بين الـ 801 و الألف وفقا لترتيب اعتمدته مجلة "تايمز هاير إديوكيشن" البريطانية مستعينة في هذا الترتيب بأبحاث هذه المؤسسات الجامعية والبحث العلمي بها والنظرة الدولية لها.

فالأرقام الصادمة التي تشير إليها معظم التقارير الصادرة عن المعاهد والمنظمات المتخصصة، بالإضافة إلى إحصائيات برنامج الامم المتحدة الانمائي و البنك الدولي، وكذلك التقارير التي تصدرها المؤسسات الوطنية، ظلت تثير الكثير من النقاش وسط مختلف الفاعلين العموميين، ليشرعوا كل مرة في التلويح ببرامج و استراتيجيات و مخططات جديدة، تخصص لها الجهات المعنية دعايات كثيرة تجعل المواطن يعتقد أن هذه الخطط ستقطع مع فشل الماضي وستؤسس لمرحلة جديدة تجعل واقع التعليم ينتقل بخطوات ثابتة نحو الأفضل، لكن وبمجرد مرور حيز من الوقت إلا و أعيد نفس النقاش، ويبقى بالتالي مفهوم "إصلاح التعليم" من بين المصطلحات الأكثر تداولاً بين مختلف شرائح المجتمع.

و لأن فشل منظومة التعليم بشكل عام، والتعليم العالي على وجه الخصوص، واقع يحيط بجميع ربوع المملكة، فإقليم الناظور وباعتباره قطباً يضم مؤسسة جامعية عبارة عن كلية متعددة التخصصات فتحت أبوابها رسميا عام 2005، يعد أيضاً من المناطق المغربية التي تعاني من نفس المشاكل في هذا القطاع، و قد يصنف إذا تمت مقارنته بباقي المدن الجامعية عبر العالم في مراكز أكثر تدنيا من الجامعات الاخرى السالفة الذكر. فإذا كانت المؤسسات الجامعية كالقاضي عياض و محمد الخامس و ابن زهر لا تحتل مراتب متقدمة بين باقي الجامعات في العالم، ففي أي رتبة يمكن وضع كلية فتية مثل التي توجد بالناظور؟.

الرضواني: يمكن تجاوز بعض الاختلالات من طرف المنفذين المحليين والجهويين
يرى محمد الرضواني، أستاذ التعليم العالي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، أنه لإصلاح التعليم العالي في المغرب لا بد من توفر إجراءات متكاملة وإرادة واعية، تقطع مع الإجراءات المبسترة والمتناقضة، المنقطعة والمحدودة في الزمن باعتبار سياسة إصلاح التعليم لا تنتج آثارها خلال مدة وجيزة، ومن جهة ثانية فلا بد من القطع مع دوائر الانحرافات والحد من تأثير شبكات الضغط داخل الجامعات العمومية وخارجها.

وعن واقع التعليم العالي على المستوى المحلي، أكد الرضواني في حديثه لـ "ناظورسيتي"، عدم توفره على تشخيص دقيق بحاجيات كلية الناظور، واستدرك قائلا: ’’لكن وباعتباري أستاذا بالمؤسسة منذ إحداثها سنة 2005 يمكن أن أشير إلى بعض المقترحات في هذا الإطار‘‘، وأكد أنه وبالرغم من ارتباط المحدودية التي يعرفها العرض التعليمي بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، بما تعيشه منظومة التعليم العالي وطنيا، إلا ان امكانية تجاوز بعض الاختلالات يمكن ان يتم من طرف المنفذين المحليين او الجهويين.

و اقترح المتحدث بعض التدابير التي يراها مناسبة لتجاوز الاختلالات بكلية الناظور، من ضمنها تقوية إدارة المؤسسة، وذلك من خلال زيادة عدد الموظفين، لأن الكلية تعاني خصاصا مهولا في هذا الإطار، وكذا من خلال التوظيف الجيد والعقلاني للموارد البشرية عبر خلق مصالح وأقسام بمهام محددة وواضحة على كل قسم مسؤول قادر على تعبئة الموظفين وعلى المبادرة والتوجيه. كما دعا محمد الرضواني إلى التقليص من عدد المسالك قائلا: ’’فقد تكون فكرة الكم مغرية في هذا الإطار، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب التكوين. فلا يمكن خلق مسلك بأستاذ او أستاذين رسميين ثم نستعين بعرضيين لا تتوفر فيهم الشروط التي يحددها القانون للتدريس الجامعي. واعتقد أن الاهتمام يجب ان ينصب أولا على تقوية مسالك أساسية وتعزيز مواردها البشرية من الأساتذة، وتوفير متطلبات كل مسلك، ثم بعد ذلك يمكن التفكير في خلق مسالك أخرى‘‘.

وشدد الرضواني، على ضرورة إعادة الاعتبار للأشغال التوجيهية في المواد الأساسية، وقد تأسف على تخرج طلبة في الاقتصاد و القانون دون دراية بالجانب التطبيقي ’’وأعتقد ان جواب المسؤول جاهز في هذا الإطار، ألا وهو أن الأمر يرتبط بالتخصصات ذات الاستقطاب المفتوح، حيث الأشغال التوجيهية تتطلب مزيدا من الاطر والقاعات، لكن التقليل من عدد المسالك والتدبير الجيد للموارد البشرية، وزيادة عدد الأستاذة قد يحل المشكل ولو جزئيا‘‘.

وعن انتشار الأساتذة العرضيين غير المؤهلين بكلية الناظور، اعتبر أستاذ القانون العام أن القطع مع هذه الظاهرة أضحى من الضروريات، مضيفاً ’’نعم الكلية تعاني من نقص في عدد الأستاذة، ولكن لا يمكن أن يكون سد الخصاص على حساب التكوين، وهنا لا أقصد بالضرورة التكلفة المالية، إنما أشدد على أن ولوج التدريس الجامعي يتم من طرف لجنة المباريات التي لها الصلاحية في تقييم قدرات الدكاترة للتدريس بتكوينات وخدمات محدودة يمكن أن يحقق الاهداف التي أشرت إليها‘‘.

فرحاض: نعاني من بعض النقائص وأملنا في إحداث جامعة مستقلة بالناظور
قال الأستاذ الحسين فرحاض، دكتور جامعي بمسلكي الدراسات الفرنسية والدراسات الامازيغية بكلية الناظور، أن هذه الأخيرة عرفت طفرة نوعية بالمقارنة مع السنوات السابقة، لاسيما في الشق المتعلق بالموارد البشرية سواء كانوا موظفين او أساتذة، كما انه لاحظ تقدما ملموسا في ما يخص المجال البيداغوجي على اعتبار توفر المؤسسة الجامعية السالفة الذكر بالإضافة إلى مسلك الدراسات الأساسية على ماسترات وشعب أخرى حديثة كشعبتي الإنجليزية والامازيغية، مؤكداً عن وجود مشاريع مسالك اخرى سيتم الإعلان عنها قريبا.

وقدم فرحاض في لقائه مع "ناظورسيتي" جرداً لمختلف المشاريع البيداغوجية التي تعززت بها كلية الناظور، بما فيها مختبرات البحث الخاص بالدكتوراه حيث أصبحت المقابلات مع المترشحين لمناقشة أطروحاتهم العلمية تنجز داخل المؤسسة عوض الانتقال إلى مدن اخرى كما كان عليه الامر في السابق، واعتبر المصرح أن هذه الإضافات تعد من المكاسب التي تحققت بفضل مجهودات الأساتذة والإدارة بما فيها عميد الكلية.

بالموازاة مع هذا التقدم الحاصل على مستوى كلية الناظور بعد مرور ازيد من عقد على تأسيسها، أكد فرحاض إعداد مشاريع أخرى تتعلق بتوسيع هذه المؤسسة الجامعية وتقسيمها إلى مجموعة من الكليات، وأضاف ’’هذه إيجابيات من الواجب الإشادة بها على أمل إحداث جامعة مستقلة بالناظور تحمل إسم – جامعة قاضي قدور-‘‘.

ولكون إرتفاع عدد المسجلين بالكلية موضوع الحديث، ووصولهم إلى حوالي 17 ألف طالب او ما يزيد، فلا بد من توفير المزيد من الحاجيات والمتطلبات الأخرى، وعلى رأسها تخصيص الإمكانات المادية لتجهيز المختبرات العلمية والبحثية وتوفير التجهيزات الضرورية، كما ان تخصيص ميزانية للبحث للطلبة و إغناء المكتب بالكتب و المراجع أصبح مطلباً ملحا... يضيف الحسين فرحاض.

من جهة ثانية، أوضح الأستاذ الجامعي المذكور، أن الكلية أصبحت في حاجة إلى المزيد من الأساتذة الباحثين والموظفين، على اعتبار أن العدد الذي تتوفر عليه من المشتغلين بالإدارة لا يتماشى وتزايد عدد الطلبة ولا يستجيب لكل المتطلبات، مؤكدا أن الكلية ولسد الخصاص على المستوى الإداري عليها تخصيص 100 موظف على الأقل لأن العدد الحالي لا يكفي سوى لـ 5000 طالب، وهذا الإكراه يعاني منه كذلك الأساتذة الباحثين بالمؤسسة، حيث أن قلة عددهم و الحصص المخصصة لكل واحد منهم بالإضافة إلى حصص الماستر يضاعف من الجهود المبذولة، و يقترح الحسين فرحاض توفر الكلية على 200 أستاذ جامعي على الأقل لتجاوز الاختلالات التي تعتري مجال التعليم العالي محلياً.


المشكل في التركيز على الكم عوض الكيف
عكاشة بن المصطفى، أستاذ القانون العام بكلية الناظور، أوضح ان مشكل التعليم يجب النظر إليه من زاويته البنيوية، لكون التحصيل العلمي يبدأ من المرحلة الاولية في المدرسة مرورا بالإعدادي والثانوي ثم الجامعة، و لأن الاختلالات التي تعتري هذا المجال مرتبطة أيضا بمشاكل أخرى ذات طابع اقتصادي وثقافي.

فالمسار الطلابي، يقول عكاشة بن المصطفى ’’تعتريه العديد من الاعطاب بداية من ضعف تحصيل التلميذ او الطالب على الرغم من كثافة المقررات، وهنا نشير إلى اهتمام المسؤولين عن القطاع بالكم بدلا من الكيف، أي عدم وضعهم للجانب البيداغوجي وكيفية تحصيل الطالب للمعلومات ضمن الاولويات. ثم إن عدم تمكن الطالب من اللغة الفرنسية مثلا يعيق قدرته على الفهم، فالطالب الجامعي له قدرة على الفهم لكنه يصطدم بعائق اللغة الأجنبية احيانا، بالإضافة إلى عائق أخر يتمثل في فارق المستوى بين المرحلة ما قبل الجامعية و المرحلة اللاحقة، فالقاعدة الثقافية للطالب لا تمكنه من مسايرة الدروس بشكل فعال خاصة أن نظام السداسي هو نظام لا يمكن إجمالا من تكوين الطالب تكوينا عميقا بسب بالمدة الزمنية القصيرة بالرغم من تعدد الوحدات‘‘.

وفسر المتحدث لـ "ناظورسيتي" اعتقاد الطالب بأنه قادر على الحصول على زاد معرفي ومنهجي في مدة قصيرة لا تتعدى ثلاث سنوات وفي سداسي قصير جدا، لكنه يتناسى في هذا الإطار أن التحصيل هو عملية متواصلة ومتكاملة من قراءة متواصلة ومتعددة بعيداً عن الاقتصار على المطبوعات او المحاضرات. واستدرك قائلا: ’’لكن هذا لا يمنع، لحسن الحظ، من ملاحظة وجود عدد قد يكون قليلا من الطلبة لهم استعداد للدراسة والاجتهاد والمثابرة مما يحفز الأستاذ على المزيد من العطاء‘‘.

واعتبر عكاشة، أن التقنيات الجديدة للأنترنت أثرت أيضا على مجال التحصيل العلمي، فالطالب يغض الطرف عن الأداة الكلاسيكية و الضرورية لكل تحصيل جدي ألا وهو الكتاب، فمن دون إعادة الإعتبار للكتاب من خلال التحفيز على المطالبة والقراءة حتى من مجرد رغبة في التحصيل إلى متعة حقيقية كما قال ميشيل فوكو، لا يمكن للطالب أن يكون نفسه بشكل جيد.

ومن بين المقترحات التي قدمها الأستاذ عكاشة بن المصطفى لتجاوز هذه المشاكل، أكد على ضرورة الاهتمام بالتعليم منذ المرحلة الاولى إلى التعليم العالي، فكل التجارب التنموية اولت اهتماما بالغا للقطاع، بل هناك من بدأ بالتعليم كشرط للإقلاع الاقتصادي والعلمي والسياسي، فكل الدول المتقدمة تتوفر على منظومة تعليمية ناجحة. ومع الأسف يضيف المتحدث ’’نجد أن المغرب يصنف دائما في المراتب المتأخرة حسب مؤشر التنمية البشرية الذي يأخذ بعين الاعتبار قطاع التعليم ضمن التقارير التي يصدرها‘‘.

إلى ذلك، ركز عكاشة على ضرورة تزويد الكليات، و كلية الناظور على وجه الخصوص، بالموارد البشرية التي يتوفر فيها شرط الكفاءة، وبالتقنيات الحديثة حتى تواكب ما هو معمول به في العالم من أجل سد الخصاص وحل مشكلة ازدحام المدرجات بسبب العدد الزائد من الطلبة، وهذا في حد ذاته يؤثر على جودة التعليم بما في ذلك عملية تقييم الطلبة التي تتجاوز قدرة الأستاذ الجامعي، كون هذا الأخير يتعامل مع ألاف الطلبة في مادة وبضعف العدد في السداسي كاملاً.

المحيط الذي وضعت فيه الكلية لا يشجع الطالب على البحث العلمي
اعتبر عماد أبركان، حاصل على الدكتوراه في القانون العام وباحث، أن عدم توفر الإقليم على قاعات خاصة بالمطالعة و خزانات للكتب، مشكلاً يحد من قدرة الطلبة والباحثين على تحقيق تحصيل علمي ينسجم و تطلعاتهم، و قارن أبركان بين الناظور و المدن الأخرى التي تتوفر فيها مؤسسات للتعليم العالي كوجدة و فاس والرباط، و اكد في هذا الصدد، امكانية رصد فوارق كثيرة خاصة على مستوى المحيط باعتبار أن الطالب الذي يتابع دراسته الجامعية بكلية سلوان لا يحس بانتمائه إلى مدينة جامعية نظراً لعدد من النقائص التي تعتري المدينة ككل؛ حيث لا وجود للمرافق الاجتماعية ناهيك عن تلك المرتبطة بمجال معين مثل التعليم العالي.

وأضاف ’’شكلياً يمكننا الاعتراف بتوفر تعليم عال في المنطقة لكن إذا أخذنا الموضوع من جانبه المتعلق بالمضمون والجودة فهذا فيه نقاش كثير‘‘. وقال أبركان في تصريحه لـ "ناظورسيتي"، فبعيداً عن تقييم مجال التعليم العالي على مستوى كلية الناظور، يمكن القول بأن هذه الاخيرة تؤدي مجهودها وفق إمكانياتها المحدودة جداً، لكن المشكل الأكبر هو وضع الطالب او الباحث في درجة أقل ومنحه مكانة متأخرة من طرف المجتمع مقارنة مع باقي الفئات المجتمعية المنتجة للمال.

وقدم المذكور تشخيصا لبعض الإكراهات التي تؤثر على التحصيل العلمي بالإقليم قائلا: ’’الطالب في هذه المنطقة يعاني مشاكل كثيرة، أبرزها عدم توفر خطوط كافية للنقل، فأحياناً يستغرق الطلبة حوالي ثلاث ساعات في انتظار دورهم لامتطاء الحافلة التي ستقلهم إلى مقر السكن، هذا بالإضافة إلى ان المكان الذي أحدثت فيه الكلية يعاني من الجفاف على مستوى المرافق الأساسية وليس مهيأً بها، فأبسط الحاجيات لا يمكن اقتناؤها من المنطقة ما يفقد محيط المؤسسة روح المدينة الجامعية، عكس المدن الاخرى التي تحس فيها بمجرد ولوج مجالها الترابي المحتضن للمؤسسات الجامعية بأنك تعيش حقا وسط بيئة تشجعك على بذل المجهود لتحقيق مبتغاك العلمي‘‘.

وركز الباحث عماد أبركان، على ضرورة إحداث قاعات للمطالعة وخزانات للكتب بجماعة سلوان حيث توجد الكلية، وبمدينة الناظور، لأن الطالب أو الباحث لا يجد فضاءً مناسبا للقراءة او البحث، فباستثناء القاعة التي يوفرها المركب الثقافي لا يمكن الحديث عن مرافق اخرى مشابهة، بالرغم من أجل هذه القاعة الوحيدة غير كافية، فبالإضافة إلى غلق أبوابها في الساعة الرابعة تشكل الأنشطة الموازية التي تنظم داخل المركب مصدر تشويش على المنهمكين بالمطالعة، وهذا يجعلنا نشدد على ضرورة توفير خزانة كتب وقاعة للمطالعة فقط، بتوقيت خاص يحافظ على استقبال الوافدين طيلة أيام الأسبوع و بتدبير زمني يبقي الأبواب مفتوحة على الأقل إلى غاية العاشرة ليلا.


توفر الناظور على كلية أصبح غير كاف لتلبية الطلب المتزايد على التعليم الجامعي
حدد منعيم أمشاوي، طالب باحث في سلك الدكتوراه بجامعة محمد الخامس بالرباط، تخصص العلوم السياسية، جملة من المشاكل التي اعتبرها معرقلة لعجلة التعليم العالي بإقليم الناظور، وأشار في هذا الصدد، إلى توفر المنطقة على كلية متعددة التخصصات فقط عوض جامعة متكاملة ومستقلة، قادرة على استيعاب العدد المتزايد من الطلبة.

وقال منعيم أمشاوي، إن ’’وجود الكلية المتعددة التخصصات أصبح غير كاف على اعتبار أن الوضع اليوم يتجاوز هذه الكلية التي لا تستطيع تلبية الطلب المتزايد على التعليم الجامعي بالنظر للتحولات الاجتماعية في المنطقة؛ ارتفاع نسبة التمدرس، تراجع هجرة الشباب، غياب الخيارات التعليمية الاخرى ذات الولوج المحدود...، وبالتالي ينبغى الانتقال إلى مستوى جامعة مستقلة؛ والاستقلال هنا ليس غاية في حد ذاته بقدر ما هو بحث عن امكانيات تساعد على تطوير التعليم العالي في المنطقة، فكيف يمكن الارتقاء بهذا الوضع ونحن نعلم ان ما يخصص للتعليم العالي في المنطقة يخصص لكلية واحدة من كليات متعددة في مناطق اخرى‘‘.

وأضاف ’’هذا كله يقود الى ضرورة توسيع قاعدة التكوينات المتوفرة وتنويعها، واعطاء أهمية أكبر إلى التكوينات الممهننة، ومواكبة حاجيات سوق الشغل. كما أن وجود جامعة مستقلة سيفتح المجال امام تجويد وتعزيز الفرق البيداغوجية الساهرة على مختلف التكوينات‘‘، وإلى جانب هذه المشاكل، اعتبر أمشاوي، أن التعليم العالي في المنطقة يعاني من عوائق عامة يتقاسمها مع مختلف المناطق، وتحتاج إلى نقاش عمومي عميق يساهم فيه مختلف المتدخلين للوصول إلى حلول ناجعة.

وقدم أمشاوي توصيات اعتبرها بمثابة مطالب آنية للإقليم، من ضمنها تنويع العرض البيداغوجي و اعتماد مسالك جديدة من داخل كلية الناظور، مع ضرورة إعطاء المزيد من الأهمية تطوير ألاك التعليم العالي (مسالك الماستر وأسلاك الدكتوراه)، وهو أمر من شأنه أن يساهم حتى في رفع المستوى التعليمي العام بالكلية، يضيف صاحب التصريح.

كما دعا، إلى تعزيز الموارد البشرية (سواء على المستوى الإداري أو البيداغوجي)، و حسب تصريحه ’’ينبغي التنبيه إلى النقص المهول لهذه الموارد في الكلية، كما يجب الاشارة الى ان الحلول التي يتم اللجوء اليها في الكثير من الأحيان تكون غير مجدية وقد تؤدي الى نتائج خطيرة على مستوى المردودية‘‘.

وفي سياق اخر، انتقد منعيم أمشاوي سياسة التوظيف التي تعتمدها الوزارة المعنية، ووصفها بـ "جريمة حكومية" ترتكب في حق قطاع التعليم العالي، قائلا: ’’تم تبني سياسة تدبيرية عرجاء تعتمد على تحويل المناصب المالية وعدم خلق مناصب جديدة (وحصر اغلب مباريات التعليم العالي في وجه حاملي الدكتوراه الموظفين)، فعوض الاستفادة من الطاقات الشابة عبر فتح المجال امام الباحثين في اسلاك الدكتوراه للمساهمة في الاعمال التوجيهية داخل الجامعات، والاستفادة من الطاقات البحثية التي تتخرج من الجامعات المغربية، يتم اللجوء في الكثير من الاحيان الى ادماج الدكاترة الموظفين وهم على مشارف التقاعد فضلا عن التأثير السلبي للإدارة المغربية. ما يعني للأسف نقل رفات من مقبرة الادارة إلى مقبرة أخرى مع بعض الاستثناءات‘‘.

كلية يتيمة
أجمع متحدثون لـ "ناظورسيتي"، على ضرورة إحداث معاهد جديدة بإقليم الناظور، فالتوفر على كلية وحيدة متعددة التخصصات، لن يجعل من المنطقة قطباً جامعيا حتى وإن استجابت الجهات الرسمية لجميع المطالب على مستوى الكلية، لكن عرض هذه الأخيرة سيظل محدوداً بالمقارنة مع المدن الاخرى كوجدة و فاس والرباط ومراكش.

وطالب فاعلون في الحقل الجمعوي والسياسي، بضرورة إحداث جامعة مستقلة ومدارس عليا واعتماد مسالك جديدة تراعي متطلبات سوق الشغل، إذ أن الحديث عن انتهاء معاناة تنقل الطلبة إلى مدن أخرى لمتابعة دراستهم الجامعية أصبح مجرد كلام مستهلك، لأن العديد من الشباب بالمنطقة لا زالوا يبحثون في أقاليم بعيدة عن جامعات و معاهد تستجيب لتخصصاتهم، لاسيما معاهد العلوم الاقتصادية و العلمية والطب والهندسة.

إلى ذلك، اكد شباب استطلعت "ناظورسيتي" أراءهم، ان أسرهم تحملت أعباء تنقلهم لوجدة و الرباط والدارالبيضاء نظراً لعدم توفر المنطقة على معاهد متخصصة و مدارس عليا و مسالك أصبحت في نظرهم ضرورية لتحقيق ما يصبون إليه في المستقبل.




1.أرسلت من قبل أبو خالد في 19/12/2017 11:02
الجامعات المغربية، في مراتب متدنية مقارنة مع بعض الجامعات الإفريقية الأخرى،
فالأرقام الصادمة التي تشير إليها معظم التقارير الصادرة عن المعاهد والمنظمات المتخصصة، بالإضافة إلى إحصائيات برنامج الامم المتحدة الانمائي و البنك الدولي، إضافة الى التقارير التي تصدرها المؤسسات الوطنية، ظلت تثير الكثير من النقاش وسط مختلف الفاعلين العموميين، ليشرعوا كل مرة في التلويح ببرامج و استراتيجيات و مخططات جديدة، تخصص لها الجهات المعنية دعايات كثيرة و ميزانيات ضخمة تجعل المواطن يعتقد أن هذه الخطط و المبادرات الفاشلة ستقطع مع فشل الماضي وستؤسس لمرحلة جديدة تجعل واقع التعليم ينتقل بخطوات ثابتة نحو الأفضل، لكن وبمجرد مرور حيز من الوقت إلا و أعيد نفس النقاش، ويبقى بالتالي مفهوم "إصلاح التعليم" من بين المصطلحات الأكثر تداولاً بين مختلف شرائح المجتمع.
و لأن فشل منظومة التعليم بشكل عام، والتعليم العالي على وجه الخصوص، واقع يحيط بجميع ربوع المملكة، فإقليم الناظور وباعتباره قطباً يضم مؤسسة جامعية عبارة عن كلية متعددة التخصصات فتحت أبوابها رسميا عام 2005، يعد أيضاً من المناطق المغربية التي تعاني من نفس المشاكل في هذا القطاع،فمستوى الجامعة يعادل مستوى التعليم الثانوي ، كما أن مستوى الثانوي و الاعدادي يعادل المستوى الابتدائي ، والابتدائي يعادل مستوى روض الأطفال...

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح