المزيد من الأخبار






مختارات.. الزئبق، حقائق صادمة عن قاتل صامت يعيش بيننا


مختارات.. الزئبق، حقائق صادمة عن قاتل صامت يعيش بيننا
عبد الرحيم ندير

9 أطنان من نفايات الزئبق السام تقذف في الهواء والماء والتربة بالمغرب

منذ سنوات، والرأي العام الدولي منشغل بالتلوث الناتج عن الاستعمال المتزايد للزئبق في العديد من المجالات، حيث أسفرت مختلف الدراسات المنجزة في هذا الصدد، إلى تصنيف هذه المادة ضمن قائمة المواد الأكثر خطورة على البيئة والوسط الطبيعي، بالنظر إلى حالات التسمم العديدة التي تم تسجيلها عبر العالم إثر التعرض للتلوث الناتج عنها، خاصة أن جزءا مهما من النفايات البشرية ذات الصلة بهذا المعدن، وحتى في كميات ضئيلة منها، يمكن أن تلوث الهواء والتربة والماء والمواد الغذائية، ومن تم التأثير سلبا على الإنسان والمس بنظامه الغذائي وحياته.

وبالنظر إلى هذه الخطورة، فقد حظيت مشكلة المعادن الثقيلة ومركباتها، وعلى رأسها الزئبق، باهتمام خاص على الصعيد العالمي، وباتت مسألة تقنين التعامل بها من القضايا الهامة التي تصدر بخصوصها الهيئات الدولية العديد من القرارات، بهدف خفض معدل انبعاثاتها الملوثة والعمل بالتالي على الحد من استعمالها المتنامي.

وهكذا، فقد تطورت التشريعات على مستوى الاتحاد الأوربي، واعتمدت العديد من التوجيهات التي انصبت في مجملها على الحد من كمية تدفق هذا المعدن، وتعزيز أفضل التقنيات المتاحة للحد من نفايات المواقع الصناعية والمعدنية المتعلقة به. وعليه، فقد وضع الاتحاد الأوربي الزئبق على رأس المواد الأكثر خطورة، وتم بناء على ذلك، اتخاذ العديد من التدابير التي تستهدف منع تصريف هذه المادة في المياه الجوفية، نذكر منها الاستراتيجية الجماعية الأوربية لحظر استيراد وتصدير الزئبق بحلول عام 2010 فضلا عن العديد من المبادرات الأخرى.

كما قررت حكومات 140 بلدا بلورة معاهدة دولية حول الزئبق، لمواجهة خطر النفايات المتأتية من هذه المادة الملوثة، التي تهدد جودة البيئة وسلامة الصحة، سيما عندما يتعلق الأمر بصحة الأطفال.
ولم يحد المغرب عن هذا التوجه العالمي، حيث وضع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بالأمانة العامة لحكومته، مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاقية «ميناماتا» بشأن مادة الزئبق الموقعة في 10 أكتوبر 2013، خلال المؤتمر الدبلوماسي المنعقد بمدينة «كوماموتو» اليابانية، والتزم المغرب بموجب هذه الاتفاقية بمنع استيراد وتصدير مادة الزئبق وتعزيز إلغاء التنقيب عنه والاكتفاء بإعادة استخدام الزئبق الموجود في الصناعات إذا لم يكن هناك بديل عنه.

وحسب مشروع القانون الذي عرض على اجتماع المجلس الحكومي، فإنه «إقرارا من الدول الأطراف بأن مادة الزئبق مادة كيميائية تثير انشغالا عالميا بسبب انتقالها البعيد المدى في الجو وثباتها في البيئة بمجرد دخولها إليها بوسائط بشرية المنشأ وقدرتها على التراكم بيئيا في النظم الإيكولوجية وآثارها السلبية الكبيرة على صحة الإنسان والبيئة.

وإدراكا منها للمشاكل الصحية وخاصة في البلدان النامية، والناجمة عن التعرض للزئبق بالنسبة للفئات السكانية الضعيفة كالأطفال والنساء ومن خلالهم الأجيال القادمة، وقعت اتفاقية «ميناماتا» بشأن الزئبق على هامش مؤتمر المفوضين المعنيين بهذه الاتفاقية».

وتهدف هذه الاتفاقية، التي سميت اتفاقية «ميناماتا» تخليدا للذكرى المأساوية التي تعرضت لها مدينة «ميناماتا» في اليابان بسبب التلوث بالزئبق في منتصف القرن الماضي، حيث أدت إلى وفاة أكثر من 10 آلاف شخص، إلى حماية صحة الإنسان والبيئة من الانبعاثات والإطلاقات بشرية المنشأ للزئبق ومركباته.

وتحد الاتفاقية من الاستيراد والاتجار في الزئبق واستخدام هذا الفلز في المنتجات والعمليات الصناعية (كالبطاريات، ومصابيح الفلورسنت المدمجة، والمصابيح الفلورية الخطية، ومستحضرات التجميل، والمبيدات الحشرية، وملاغم الأسنان، والأجهزة الطبية، مثل موازين الحرارة). وسيتم ذلك على مراحل حتى حلول عام 2020.

كما تحظر الاتفاقية التعدين الأولي للزئبق وتعمل على تخفيض استخدام الزئبق في محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، ومناجم الذهب الصغيرة، وفي إنتاج الإسمنت.

غير أن الواقع الميداني لاستعمال الزئبق في المغرب مازال يبتعد بشكل كبير عن الإطار التشريعي المتقدم، فحجم نفايات الزئبق التي تقذفها سنويا المحطات الحريرية ومعامل الإسمنت ومطارح النفايات بالمدن المغربية يتجاوز 9 أطنان، ينقلها الهواء لتترسب في الماء والتربة مهددة حياة الملايين كقاتل صامت ظل ومازال يعيش بيننا.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح