المزيد من الأخبار






محمد بوزكو يكتب.. عقلية الأرياف


محمد بوزكو يكتب.. عقلية الأرياف
بقلم: محمد بوزكو

لا أحب أن أعطي دروسا لأحد... لأني لا دروس لي... ولأني أصلا محتاج للدروس.
ولكن لا بأس من الحديث عن بعض الأمراض التي تنخرنا. لا بأس في أن نجلد ذاتنا متى كان ذلك لزاما. لا بأس في أن نقف أمام المرآة ونخنزر في كمارتنا التي تسير نحو التشوه وفقدان الأصل فيها.
لا تتنازع عنزتان ولا عتروسان... ولا حتى سكرانين... عن كون الحركة الأمازيغية في الريف تسير في منحدر خطير دون أن يعرف أحد أي منقلب ستنقلب.
لنتصور...
ولنفرض جدلا أن المعتقلان الأمازيغيين أعظوش واوسايا اللذين أطلقا سراحهما هما من أمازيغ الريف... أي هما ريفيان...
لنتخيل أنهما حين خرجا تباعا من السجن توجها تباعا للريف. هل سيتم التعامل معهما بالطريقة نفسها التي عوملا بها في موطنهما بالجنوب الشرقي؟ وهل سينجح الريفيون في خلق الحدث وجعل هاذين المنضالين الفذين نبراسين في سماء هذه الأرض السعيدة؟
لا أضن بتاتا...
تعالوا معي لنتخيل ماذا سيقع...
لقد نجح إخواننا، ولا زالوا، في الجنوب الشرقي في إعطاء صورة عظيمة عن معنى التآزر والتآخي والاعتراف بالأهل وتشجيعهم... لقد نجحوا، ولا زالوا، في بث الروح في شابين قضا مدة غير قصير من عمرهما في سبيل قضية عادلة... كبّروا بهما... احتفلوا بهما بالقدر الذي يستحقانه... هكذا تكون شيمة الأمازيغ الحقيقيين...
ولكن...
ماذا لو كان الأمر قد وقع عندنا هنا في الريف؟
أول شيء... انفجارات مدوية ستقع...
انفجار أسئلة مدوية في الفايسبوك والمواقع الاجتماعية... رسائل قصيرة وطويلة ستتكالب... حوارات بينية على الخاص وأخرى على العام... حراك غير مسبوق سينطلق... سيستفيق النائم والعاطل والمكيف بالكيف والشارب حد الثمالة... والفاقد للوضوح والواضح في اللبس..واللابس للعدم... والعادم للأخلاق... وستتناسل أسئلة عن سبق الإصرار والترصد وتتحول شيئا فشيئا للتشكيك... ثم تتجه مباشرة نحو التخوين كي تصل للخلاصة المعدة سلفا... المخزنة.
مخزنيان أطلقها المخزن في إطار صفقة مخزنية... ويوقعون... بانتهى الكلام.
هذا هو قدرنا في الريف العزيز.
وأكيد سيجدون بكل سهولة آلاف الدلائل والبراهين...
لا خوف علينا... نحن في الريف لا ينقصنا الخيال والإبداع...
سيشككون أولا في المدة التي قضياها في السجن... وسيقولون أنهما لم يستكملا المدة المحكوم بها وأن هذا فيه إن. وحين ستجيبهم بأن ذلك مسألة طبيعية بحكم سلوكهما الجيد خاصة وأن ما نسب إليهما لا يمكن أن يقنع أحدا ولعل الدولة بذلك ارتأت ولو متأخرة بتصحيح ما يمكن تصحيحه... سيسارعون نحو الفايس بوك في الغرف المكيفة الباردة ليرفعوا من درجة حرارة التشكيك ويردون بأن النجاحات التي حققوها في السجن والشواهد المحصل عليها إنما منحها لهم المخزن في صفقة تاريخية ضدا على الحركة... ههههه
وهكذا سينتقلون بك لمرحلة التخوين...
وحين ترد وتقول بأن ذلك لا يمكن بحكم أن هناك امتحانات ومساطر وهناك تصحيحات للأساتذة ثم أن الأمر ليس بالسهولة تلك... سيسكتون برهة وسيتسابقون نحو الحواسيب من جديد ليحاسبوا النيات ويفتشوا العقول والأذهان فيردون نخب كؤوس عرقانة بأن المخزن يعرف ماذا يفعل ولا يمكن أن نثق فيه ولا في من أطلق سراحه... مكررين اللازمة... إن كل ما يفعله المخزن فيه إن.
هنا تبدأ مرحلة المخزنة...
فتضطر للرد وتقول بأن هذا المخزن قد أطلق سراح معتقلين بقوة القانون... وحين لا يجدون ردا... يغيرون الموضوع ويسالون ولماذا تم إطلاق اوسايا قبل اعظوش إن في هذا دليل بأن المخزن يتلاعب بالحركة...
وهكذا تستمر الأسئلة ويستمر التخوين والاتهام بالمخزنة لما لا نهاية...
فيما في طريق زعير تسرق الأراضي...
وفي البرلمان تصدر قوانين تقزم الأمازيغية في الدستور...
وفي ردهات الحكومة تتم ولادة القانون التنظيمي للأمازيغية بالعملية القيصرية... بعد ما لم يتبق سوى لحظات من انتهاء مدة الخصوبة الحكومية... فتلد قانونا صغيرا ليكبر مدة الإلغاء والإقصاء...
والحمد لله أن اوسايا واعظوش أمازيغيين... والحمد لله أنهما ليسا من الريف...
ومرحبا بهما في الريف... لعلهما سيكونان درسا لنا نحن الأرياف...


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح