المزيد من الأخبار






محمد بوزكو يكتب.. أين الحنان يا حنان !... أفي جنين الزبالة أم في فتاة الدعارة


محمد بوزكو يكتب.. أين الحنان يا حنان !... أفي جنين الزبالة أم في فتاة الدعارة
بقلم: محمد بوزكو

صورة الجنين الذي عثر عليه مرميا قرب الزبالة بمدينتنا الناظور هي بالضبط الصورة المصغرة لحال حاضرتنا الحضيرة. ليست هناك صورة أبلغ منها للتعبير عن الحالة المرثية التي وصلنا إليها نحن أشباه البنيآدميين اللاآدميين... جنين عار متخلى عنه قرب الزبالة... إنها صورة بليغة تقول باختصار كل شيء... نحن قوم زبالة...

نعم، نحن قوم زبالة... يجب أن نقولها دون مركب نقص... يجب أن نعترف بأننا لسنا كباقي بني البشر... نحن لسنا إنسانيين... لا رحمة فينا وأنانيين حد رمي جنين في الزبالة...

علينا أن نعترف بأن لدينا انفصاما فضيعا في الشخصية ونتلون كما الحرباء... متى أردنا قضاء مآربنا الذاتية نعجن على كل من يقف في طريقنا وحين نرى أن لا لحمة لنا لنمرمشها نمرمش بعضنا البعض...

نتصنع الحشمة والوقار... قد ندلي باللحية برهانا وبالحجاب دليلا... وقد ننزوي لنكتب ميسنجات تحولق... تفتي وتلعن... تحرم وتجرم... تسب وتشتم... وكأن العقول في المدينة غارقة في ظلام الدعشنة والحال أننا نؤدي أقساطا كبيرة مقابل الكهرباء...

وحين ننزع عنا ماكياج التصنع بالورع نزهد في خلوتنا لنضاجع أحلامنا... نتلصص على الصور العاريات التي حولقنا من أجلها... ويسيل لعابنا ونحن نتتبع تفاصيل حياة "حنان استار أكاديمي" التي شتمناها... وفي جنح الظلام نصنع منها رفيقتنا وونيستنا في خيالنا العظيم... وفي عاداتنا السرية...

يا لنا من رعاع !!!

والحصيلة...

الآن... فتاة تمتهن الدعارة تطلب تدخل رئيس المجلس البلدي ليجد لها مأوى وفق وعده... وجنين مرمي في القمامة وذات الرئيس بيديه ينظف الزبالة... يغرس الأزهار... وينظف حي الأموات وكأن الأحياء في قمة النظافة والنضارة... !

وبالأمس... قبلة الناظور التي جالت كل الأقطار... وكأنها السلاح الوحيد الذي نملكه لغزو العالم... فيديو أحمر لعشيقان يلاعبان بعضيهما تحت سكرات اللذة الرطبة رطوبة غابة كوروكو... خيانة زوجة حامل عاشقة للأمن...ومنزل دعارة بترقاع يرقع فيها كل عليل انكسارات نزواته...

هذه هي الحصيلة المعلنة في الناظور والأعظم ما خفي... مدينة المحرمات !!!

أين الميسانجات التي تحارب حنان ستار أكاديمي !
أين أولئك الذين يدعون الطهارة !
أين جنود الظلام... وعابدي الكهنوت !

اينكم !! ففي زبالتكم جنين متخلى عنه... وفي شوارعكم فتيات منكم يمتهن الدعارة... !!! وأولادكم يهجرون... ويهاجرون... وغدا سوف لن يبقى بينكم، في البلد، سوى النسوان... !!!

الاعتراف فضيلة والصراحة مع الذات أيضا فضيلة... أما النفاق ودفن الرؤوس تحت الرمال فليس سوى جبن... خسة... وهروب...

يجب أن نعترف بأننا لا نعرف للتسامح معنى... ولا للاختلاف سبيلا... نكذب على أنفسنا ببعض الشعارات فنصدقها... لا نحترم بعضننا البعض... ننهش لحومنا كالكلاب المسعورة... نقتتل ونقف في أول صف المعزين...
الإنسان ليس بقطيع أغنام يسيرها راع ويتبع أول شاة...

الإنسان حضن وحاضن ومحتضن للاختلاف... أن تفكر بغير تفكيري اعتراف لي بأني أفكر بغير تفكيرك... أن تشارك في حملة توزيع الحريرة في رمضان لك ذلك... أن تشارك في رحلة للعمرة أنت حر... وأن تشارك في ذي فويس أو ستار أكاديمي كذلك أنت حر... الحرية أسمى ما للإنسان في هذه الحياة... وبعد الموت كل سيحاسب على فعلته...

وكم كانت صدمتي قوية حين وقفت على ذلك الوابل من الشتم والكره والقسوة والعنف في تعاليق علقت أصول الحوار وآداب النقاش لتحترف النهش في بنت بلدتهم حنان لمجرد أنها تشارك في استار أكاديمي ولأنها اختارت لباسا معينا وطريقة خاصة في الحياة وكأن الجنين المرمي في الزبالة من فعلتها... !!! قد نختلف معها ممكن جدا... قد نفرح لأنها تتكلم الريفية أمام العالم أيضا ممكن جدا... ولكن أن نسبها ونحتقرها... أو نتقمص دور الكهنوت لنفتي فيها... ويجعل كل منا نفسه عيزرائيلا ينتظر فقط القبض على روحها... فهذا سلوك ليس من سلوك الأمم المتحضرة... انه سلوك داعش التي يبدو أنها تعشعش في كثير من العقول بين ظهرانينا في هذه المدينة التعيسة...

وها هم شبابنا يهجرون البلد ويزاحمون شعب سوريا على ظهور القوارب... وكأنه فعلا بيننا دواعش... !

وعلى كل حال...

الجنين المسكين لم يأتينا من الخارج... انه وليد رحم من أرحامنا... انه فعلة من أفعالنا... والفتاة التي تذكر رئيس البلدية بوعده في خلق دور للفتيات الآتيات من الدعارة لم يسلطها علينا عدو... إنها ابنة من بنات حاضرتنا... كما أن عاشقا كوروكو هما أيضا فبركهم واقعنا ولم ينزلا من السماء... فرجاء لا تزايدوا... لا تلقنوا دروسا في الوعظ والإرشاد وأنتم أول الخارجين عن الطريق... لا تكونوا أوصياء على أحد وأنتم بحاجة لوصاية... تكلفوا بأنفسكم... ربوها أولا... تعلموا احترام الآخر... فذاك الآخر هو في آخر المطاف ليس سوى أنت في شكل آخر...

وكما قالت جدتي ذات يوم... كل ثغاطٍ ستعلق من أرجلها...


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح