المزيد من الأخبار






محمد الهدار يكتب: في اليوم الأممي لأطفال التوحد نداء عاجل للجهات المسؤولة لدعم هذه الفئة ومساندة أسرهم


ناظورسيتي: بقلم محمد الهدار

قبل البدء في الحديث عن التوحد، أود أن أستهل هذه الأسطر، بكلمة عن فئات كبيرة منسية، لا تسلط عليها الأضواء، ولا تلاحقها الكاميرات، ولا حظ لها من النجومية، رغم أن كثيرا منهم بل معظمهم أبطال حقيقيون، ووراءهم قصص وحكايات تدمي القلوب، وتقطع الأكباد.

ففي يوم الأربعاء المنصرم 30 مارس 2022 مر بنا يوم اجتمع فيه الاحتفاء بثلاث قضايا :

1 ـ يوم الأرض الفلسطيني : حيث دأب الفلسطينيون على تخليده ابتداء من سنة 1976، ورغم ذلك ، ما زلنا نرى مأساة شعب بكامله محروم من أرضه مشتت في العالم بأسره ولا قرار له . لكِ الله يا فلسطين.


2 ـ اليوم الوطني للمعاق : الذي يبدو أن صوته ما يزال غير مسموع ولم يصل بعد للمسؤولين. رغم إبداعاتهم وتميزهم في كثير من الأحيان، وتفوقم على أقرانهم من باقي الأشخاص الذين يتمتعون بكامل صحتهم وقوتهم.

3 ـ اليوم العاملي للطبيب: تحية لكل الأطباء، وأخص بالذكر الذين طبعت الإنسانية مهنتهم وخدماتهم، ولم يحجبهم المال عن أداء رسالتهم وتضحياتهم الجسيمة والكبيرة كما تجلت بشكل بارز في مراحل جائحة كورونا، والحاجة الماسة إليهم وقيمتهم في حياتنا.

وغير بعد عن الإعاقة والطب، وفي الثاني من أبريل من كل سنة يكون أطفال التوحد وأسرهم والجمعيات والجهات المهتمة بهم، على موعد مع هذه المناسبة المتجددة كل سنة، لتتبع المنجزات والأوضاع العامة التي تحيا في ظلها شريحة غير قليلة من المجتمع.

وأما عن مدينة الناظور العزيزة للأسف، ما تزال متعثرة لحد الآن، فهي لا تتوفر ـ في حدود علمي واطلاعي ـ على طبيب متخصص في المجال، طبعا لا أتحدث عن أطباء الأطفال، لكن متخصصين في الأمراض العصبية والنفسية للأطفال، فغالبا ما تتوجه الأسر الناظورية التي تسعى للتأكد من حالات أبنائها إلى طبيب معروف ببركان أو بعض الأسماء في وجدة ، وإن أسعفتهم الظروف إلى العاصمة الرباط أو الخارج في حالات خاصة ونادرة جدا.

ـ إن أكبر تحدي يواجه أسر التوحد هو التشخيص السليم والصحيح والمبكر لحالات طفلهم. فالخطأ في تعيين ما يعاني منه طامة كبرى.

فإذا تم التشخيص بأنها حالة طيف توحد، تبدأ حلقة جديدة من مسلسل التأهيل في : النطق ، الحس حركي ، تعديل السلوك ، الزيارات المتكررة للطبيب المتابع للحالة، بالإضافة إلى الإدماج في رياض الأطفال أو المدارس ، إلخ...

هذا الوضع ، يفرض على الأسرة تكوين نفسها بنفسها في المجال، والقراءة والبحث والمتابعة الدقيقة، وتخصيص وقت لحضور دورات تكوينية؛ من أجل المواكبة اللازمة لطفلها، وبشكل علمي وسليم ، وضمان تربية حسنة ، واحتضان لطفل ذو اختلافات وخصوصيات معينة يستدعي رعاية وتربية من نوع خاص، واستعداد يلائم ذلك.

كل هذا، يأخذ من عمر الأسرة وجهدها ومالها الكثير والكثير، وقد لا يحس بحجم هذه المعاناة، وثقل هذه المسؤولية الكبيرة إلا الأسر التي لديها حالات مماثلة ،أو أفراد قريبون من المجال بحكم العمل أو الأنشطة الاجتماعية الأخرى .

ـ جدير بالملاحظة أن الكثير من الأسر المعوزة والفقيرة، تتراجع إلى الخلف ولا تستطيع الاستمرار في ضمان حقوق أبنائها في الصحة والتعليم والتأهيل ، بل يتعدى الأمر إلى الأسر المتوسطة التي تقاوم التكاليف بصعوبة وتحدٍّ ومُكابدة واضحة.

ولأجل كشف الغطاء عن هذا الواقع : لابد من نشر التوعية والتحسيس على أوسع نطاق بهذه الفئة المغلوبة على أمرها. وتصحيح التمثلات الخاطئة، وتقويم التصورات المشوهة التي تكرس النظرة الدونية لهؤلاء الأطفال وذويهم، وتسخير المجتمع المدني والسياسي والإعلامي لخدمة القضايا المركزية الأساسية والإنسانية الراهنة، وتوفير الخدمات الضرورية للنهوض بأطفال التوحد وأسرهم. لاسيما وأن ظاهرة أطفال التوحد تشهد تناميا وتطورا ملحوظا، يستدعى من المسؤولين في الدولة إعداد برامج ومخططات مركزية وجهوية ومحلية وتنزيلها على الميدان وإعطاء الموضوع حقه الوافي من العناية.

ولا يفوتني ختاما، وأنا أخط هذه الكلمات، أن أحيي بحرارة كل أطفال التوحد في مدينتنا ووطننا وفي كل العالم، راجيا بقلب خالص أن تتحسن أحوالهم وظروفهم ويتيسر إدماجهم في الحياة الخاصة والعامة، ويحققوا النجاح الذين يعود بالخير والنماء على أسر ومجتمعهم، كما ندعو أسر وأهالي أطفال التوحد إلى التسلح بمزيد من الصبر والكفاح والتضحية ، لإيصال أبنائهم إلى المستوى المطلوب، والهدف المرغوب.

وكل عام وأطفال التوحد وأسرهم ومن يسهر عليهم ويحبهم في العالم ـ بفضل تعاون الجميع ـ بكل خير وأمن وصحة وعافية. ودمتم جميعا في خدمة الإنسان.

وكل عام وكل شخص في وضعية إعاقة بأفضل حال، وتحية لكل أطباء الشعب والفقراء، وأطباء الإنسانية على ما يقدمونه من خدمات جليلة لأبناء الوطن.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح