المزيد من الأخبار






متابعات.. ثقافة "الصقر" بين الأمس واليوم


متابعات.. ثقافة "الصقر" بين الأمس واليوم
ناظورسيتي: حـمزة الداودي

ﻣﻦ ﺍﻟﻈﻮﺍﻫﺮ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭﺍ عند الأمازيغ ظاهرة "الصقر"، التي تعني التواصل أي المحادثة ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺬكور والإنات ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ يطبعه الصدق والاحترام.

ثقافة "الصقر" بسوس إرث تركه لنا الأجداد مند الأزل، عكس ما يتم الترويج له بأنها عادة جديدة لم تظهر إلا مع نهاية القرن 19 ميلادي.

'الصقر' عادة وثقافة متجذرة من تقاليدنا الأمازيغية العريقة تتميز بها العديد من مناطق المغرب خاصة مناطق تفراوت، إيدوسكا، إبركاك، إندوزال...، حيت تخرج الفتيات في كامل زينتهن للقاء الحبيب و الرفيق و الصديق تحت أنظار أبناء المنطقة، ودائما في إطار عرف مبني على الصدق والاحترام المتبادل.

حول هذا الموضوع يقول عادل أداسكو الناشط الأمازيغي وأحد الشباب المهتمين بهذه الظاهرة، "ثقافة 'الصقر' كانت ومازالت إلى يومنا وسيلة للزواج بالنسبة لفئة مهمة من الأمازيغ، هذه الثقافة الذي تتواجد بكل من سوس الكبير والجنوب الشرقي ومناطق من الأطلس وسط المغرب حيت يسمونها 'تقرفيت'، تؤكد على أن المجتمع الأمازيغي كان ومازال منفتحا ويرفض الانغلاق، وخير دليل على ذلك مكانة المرأة «تمغارت» التي تعني الزعيمة ومذكرها «أمغار» الذي يعني الزعيم، حيت تحظى بمكانة مشرفة تليق بها.

هذه المرأة التي نجدها اليوم قد حافظت على أشكال مختلفة و على المظاهر الثقافية الأمازيغية في اللغة و الحلي وعدد من التقاليد و العادات من أهمها ثقافة 'الصقر' أو 'تقرفيت'، حيت لعبت دورا مهما في الحفاظ على هذه الثقافة مستفيدة من تحررها ووعيها بأهمية وضرورة الانفتاح على المجتمع، وفق تعبير ابن منطقة ايدوسكا أوفلا المعروفة بهذا النشاط.

الناشط أداسكو دافع عن الارتباط الكبير بين 'الصقر' والفنون الأمازيغية خاصة أحواش، قائلا "يسمح التعارف بين الفتيات والفتيان بإقامة ليالي أحواش الساهرة، حيت يتولى الفتيان تهيئة الحفل واستدعاء فناني أحواش وشعرائه، كما تتولى الفتيات كذلك إعداد 'أسايس' داخل الدوار وتهيئة الظروف الملائمة للحفل الفني، وهكذا يمكن القول أن ظاهرة 'الصقر' ظاهرة اجتماعية تتداخل فيما العديد من الظواهر الأخرى كمؤسسة الزواج، والتعارف، وممارسة فنون الرقص، ونظم الأشعار ...".

يؤكد معظم الشباب الذين مارسوا ثقافة 'الصقر' أنهم تعرفوا على زوجاتهم بفضل هذه الظاهرة، حيت يكون القصد التعارف و تبادل أطراف الحديث لتتطور العلاقة الى زواج حقيقي، لكن المؤسف أن 'الصقر' لم يعد كما كان و بدأت مكانته و قيمته تتراجع لسببين:
الأول متعلق بتأثير وسائل الاتصال الجديدة على ثقافة 'الصقر'، والسبب الثاني فهو محاولة بعض الجماعات الدينية الضرب في هذه الظاهرة التي تعود الى تاريخ قديم من خلال نشر ادعاءات ومغالطات.

وتقول عضوة شباب تامسنا الأمازيغي أمينة أن غالبية أفراد أسرتها تزوجوا بفضل ثقافة 'الصقر' وأن أسرتها لا تعترض على ممارستها لهذه الثقافة، لكنها تقول "اليوم أصبحت الأمور مختلفة حيت انتهكت حرمة 'الصقر' بشكله المعروف تاريخيا واجتماعيا من طرف أشخاص غرباء لا يفهمون معنى وأصل هذه الثقافة، محاولين استغلالها قائلة " أفـــاد أضسان غيستيس نميدن"، وللإشارة أمينة هي طالبة من منطقة إيغرم في مستوى الثانية بكالوريا.
وفي نفس السياق يحاول المتطرفون من فصيل الدواعش، محاربة ظاهرة 'الصقر' حيت أصبحوا مؤخرا يطلقون حملات كاذبة على الأنترنيت ضد هذه الثقافة وضد كل من يمارسها، ويقولون بأن تلك الثقافة دعارة ورجس و...،

وقد سبق أيضا لقيادي من حزب العدالة والتنمية بمنطقة إسافن أن توجه برسالة إلى عامل الإقليم يطالبه بمنع ما أسماه 'الدعارة والرذيلة والمنكر'، إلا أن العامل رد عليه (الصقر ثقافة قديمة عند أبناء المنطقة لا أستطيع منعها، وقد وجدتها هنا ولا يمكن محاربة ثقافة متجذرة في هذه المنطقة).

ومن جهته يقول المفكر والباحث الأمازيغي أحمد عصيد ابن منطقة 'أيت عبدالله' وهو العارف بخبايا المنطقة، "لا أعتقد بأن هناك خطورة تمت على ثقافة 'الصقر' من طرف الوهابيين، لأن هذه العادة ببساطة أقوى منهم، ولأن 'الصقر' كان دائما هو منبع مؤسسة الزواج بالمنطقة".


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح