المزيد من الأخبار






كشف تفاصيل أول عبور بمظلة شراعية من المغرب إلى سبتة المحتلة


كشف تفاصيل أول عبور بمظلة شراعية من المغرب إلى سبتة المحتلة
ناظورسيتي: متابعة

في واقعة نادرة تكاد تكون صفحة من فيلم مغامرات، سجلت سبتة هذا الأسبوع أول عملية عبور جوية عبر مظلة شراعية «باراغلايد»، بعدما وصل شاب من إفريقيا جنوب الصحراء إلى ضواحي المدينة قادماً من الجانب المغربي. الحادث، الذي أثار مزيجا من الدهشة والقلق لدى الأجهزة الأمنية، يضع مجدداً مسألة التحولات المبتكرة في طرق الهجرة غير النظامية أمام أعين الرأي العام.

بحسب المصادر المحلية، ألقى الشاب، الذي يناهز عقدَه الثاني من العمر، بمظلّته متعددة الألوان بالقرب من منطقة سيدي إبراهيم، ثم توارى عن الأنظار داخل المدينة. ورغم تمشيط عناصر الحرس المدني للمنطقة، لم يعثروا عليه فورا؛ ما يعكس قدرة العابر على الاختفاء بين المظاهر الحضرية، أو انضمامه لاحقاً إلى دورات النقل المؤقتة التي تنظمها السلطات لتخفيف الاكتظاظ في مراكز الاستقبال.


الحرس المدني وصف الحادث بأنه «استثنائي» في سبتة، مشيرا إلى أن حالات مماثلة سجلت معزولة سابقا في مليلية (أول محاولة جوية معروفة في 2022)، لكنه امتنع عن تقديم تقديرات تشير إلى أن هذا النمط سيصبح رائجا، مكتفيا بوصف الواقعة بـ«المنعطف الفردي» أكثر من كونها مسارا منظما حتى الآن. وفي المقابل، تحدثت أوساط تحقيقية عن أن هذا النوع من العبور مكلف وخطِر ويتطلب خبرة في التحكم بالمظلات، ما يجعله غير مناسب للغالبية، لكنه ليس مستحيلاً كما بدا سابقاً.

خارج إطار الـ«باراغلايد»، تكشف ساحة الهجرة عن واقع متحول: تسجيل حالات سباحة فردية وعبر المستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي، وارتفاع وتيرة محاولات تجاوز السور بطرق بدائية ومخاطرة. في مراكز الاستقبال مثل «خلالار/جارال»، يحكى عن وصول شباب يحتفلون بوصولهم بعد اجتياز الأسلاك أو البحر، بينما يتكدّس آلاف الأشخاص في انتظار الاستفادة من رحلات التخفيف المؤقتة («باليريا») التي تنظمها الإدارة المركزية.

ولعبت منصات التواصل دور المحفز والصورة في آن معا: مقاطع توثق محاولات العبور أو تبسطها برؤية متفائلة، وتنتشر بسرعة بين شبكات المهاجرين، فتتحوّل من «محتوى تسلية» إلى سجل واقعي يعزز تقليد المحاولات. هذه الظاهرة أضفت بعدا جديدا على مسألة الهجرة، إذ صار الشباب يتبادلون صور الوصول والنصائح، بينما تراقب الأجهزة الأمنية انتشار المشاهد وتعمل على رصد أي موجة محتملة قبل أن تتبلور إلى «مسار» جديد.

المشهد الإنساني لا يقل أهمية: كثيرون يصلون إلى مراكز الاستقبال مستنزفين من التعب والجفاف وإصابات طفيفة، وبعضهم ينتظر أسابيع لمجرد فرصة الانتقال إلى شبه الجزيرة. هذا الواقع يضع ضغوطا إضافية على آليات الاستقبال والإحصاء والتوزيع، ويستدعي تنسيقا أكبر بين مختلف الجهات الأمنية والإنسانية للتعامل مع موجات قد تحمل أساليب مبتكرة وغير متوقعة.

في نهاية المطاف، تبقى واقعة المظلة حكما على قدرة البشر على المجازفة، وعلى مرونة الحدود في مواجهة بدائل تهريبية وفردية تولدها عوامل معقّدة: الفقر، وطموح العبور، وانتشار المعلومات على الشبكات الاجتماعية. والرسالة الأمنية واضحة: ما يبدو «مزحة» على تيك توك قد يصبح واقعا يحتاج لرد متكامل — قانوني، أمني وإنساني — لضمان حماية الأرواح وتنظيم الحركية الحدودية بما يحترم القوانين وكرامة البشر من الجانبين.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح