المزيد من الأخبار






عبد القادر سلامة يستعرض تجربة المغرب في مواجهة التغيرات المناخية أمام برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي


ناظورسيتي : مهدي عزاوي

ألقى عبد القادر سلامة، نائب رئيس مجلس المستشارين بالمملكة المغربية، كلمة أمام برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي (Parlatino)، سلط فيها الضوء على التحديات المناخية الراهنة، ودور المغرب في التصدي لها، مع التأكيد على أهمية التضامن الدولي لضمان العدالة المناخية.

في مستهل كلمته، ثمّن سلامة الدور الذي يضطلع به برلمان أمريكا اللاتينية والكاريبي، منوهاً باختياره الدائم لمواضيع وصفها بالمحورية، تهم مستقبل الشعوب، مشيراً إلى أن التغير المناخي أصبح من أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام العالمي، بعد أن كانت دورات سابقة قد تناولت مواضيع على غرار الأمن الغذائي والهجرة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين.

وأكد أن التغير المناخي بات واقعاً لا يمكن تجاهله، موضحاً أن العالم يشهد ارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة، إلى جانب تزايد حدة التصحر وذوبان الأنهار الجليدية واندلاع حرائق الغابات ووقوع أعاصير وفيضانات خلفت خسائر بشرية واقتصادية جسيمة. وأشار إلى أن هذه الظواهر لم تعد استثنائية، بل تحوّلت إلى نمط متكرر يهدد الأمن البيئي والاقتصادي والغذائي على الصعيد العالمي.

وأوضح سلامة أن الدول الإفريقية والعربية تعاني بشكل خاص من هذه التغيرات المناخية، رغم إسهامها المحدود في انبعاثات الغازات الدفيئة، حيث تعيش العديد منها ندرة في المياه، وفقداناً متسارعاً للغطاء النباتي، وتدهوراً في الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى تفاقم مشكلات الفقر، ويدفع نحو موجات هجرة متزايدة، ويزيد من هشاشة الاقتصادات المحلية.

ودعا نائب رئيس مجلس المستشارين إلى ضرورة تبني مقاربة جماعية لمواجهة التغير المناخي، مشدداً على أن التضامن المناخي لم يعد خياراً بل ضرورة قصوى، تتطلب من كل دولة أن تتحمل مسؤوليتها بحسب إمكانياتها، مع ضرورة تبني سياسات شجاعة للحد من الانبعاثات وتشجيع الطاقات المتجددة والعمل على تحقيق انتقال بيئي عادل ومنصف.

وتوقف سلامة عند تجربة المغرب في هذا الإطار، مبرزاً أن المملكة اعتمدت منذ سنوات استراتيجية وطنية شاملة تقوم على الانتقال التدريجي نحو الطاقات المتجددة، حيث تم إطلاق مشاريع كبرى من بينها محطة “نور” للطاقة الشمسية بمدينة ورزازات، التي تُعد من بين الأكبر على مستوى العالم، بهدف تغطية أكثر من 52 في المائة من حاجيات الطاقة من مصادر نظيفة بحلول عام 2030. وأضاف أن المغرب ينهج سياسة وطنية للماء، ترتكز على ضمان الأمن المائي في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، وذلك من خلال مشاريع لتحلية مياه البحر، وربط الأحواض المائية، وإعادة استخدام المياه العادمة، إلى جانب بناء السدود الصغرى والمتوسطة.

وأشار إلى أن المغرب اعتمد كذلك استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة، تقوم على تعزيز الاقتصاد الأخضر والمحافظة على التنوع البيولوجي، مع تضمين قضايا المناخ والبيئة في المناهج التعليمية بهدف تنمية وعي الأجيال الجديدة بالتحديات البيئية. وذكّر بالمبادرات التي أطلقها المغرب على الصعيد الإفريقي، وعلى رأسها “مبادرة التكيف في إفريقيا” و”مبادرة الطاقة المتجددة”، التي أُعلن عنها خلال قمة المناخ COP22 التي احتضنتها مدينة مراكش.

كما أشار إلى أن المملكة وضعت سياسات لدعم الزراعة الذكية، حيث أصبح نظام الري بالتنقيط معتمداً في أكثر من نصف المساحات المزروعة، مع العمل على تعميم هذا النمط على مساحة مليون هكتار. وأكد أن المغرب منخرط في تحالفات ومبادرات إقليمية ودولية، منها تحالف الطاقة الشمسية الدولي ومبادرة 5+5 في غرب المتوسط، والاتحاد من أجل المتوسط، كما وقّع على أبرز الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية البيئة، مثل اتفاقية فيينا، وبروتوكول مونتريال، واتفاق باريس للمناخ، وبروتوكول كيوتو.

وفي ختام كلمته، شدد عبد القادر سلامة على أهمية التعاون متعدد الأطراف والابتكار المشترك وتمكين الشباب والمجتمع المدني، باعتبارها عناصر رئيسية لتحقيق تحول بيئي عادل وشامل، مؤكداً أن حماية البيئة مسؤولية جماعية، وأن مستقبل الأجيال المقبلة أمانة تتطلب عملاً مشتركاً وشجاعة في اتخاذ القرار.




تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح