المزيد من الأخبار






طحن مجانية التعليم إلغاء للقوانين الضامنة للحقوق وتأزيم للمدرسة العمومية


طحن مجانية التعليم إلغاء للقوانين الضامنة للحقوق وتأزيم للمدرسة العمومية
محمد بوتخريط.هولندا

شكرا للحكومة .. ونكتفي بهذا القدر. طحن مجانية التعليم .. إلغاء للقوانين الضامنة للحقوق وتأزيم المدرسة العمومية.

– تقريب الادارة من الموطن. لم يعد بالضرورة على الراغب في الحصول على شهادة الاحتياج التقدم إلى المصلحة المختصة بالمقاطعة التابع لنفوذها محل سكناه وليس بالضروة التقدم بشهادة عدم الشغل ولا بنسخة من بطاقة التعريف الوطنية.. فيكفي اليوم التصريح بانتماءك للتعليم العمومي للحكم عليك بالانتماء للفقر.. اليوم يكفي فقط ان تدلي بشهادة مدرسية من مدرسة عمومية لتثبت انك ” فقير” .. ودراهمك معدودة … على حد قول الحاج بلخياط..

– “التعليم الحلال” الباحث عن “التعليم الحلال” ، هو فقير.لا مجال .. تقول الحكومة ومعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين ..ويفسحون المجال للمدارس الخاصة لابناءهم ولأبناء الاغنياء…وفقط. فلا يفاجئنا الامر إن علمنا أن رئيس الحكومة وزوجته يملكان شركة تسير مجموعة من المدارس التعليمية الخاصة..بل ان هناك استثمارات أخرى في التعليم الخصوصي لقياديين من حزب “الحكومة “، يملكون عددا من المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية ومعاهد عليا خاصة بمختلف المدن المغربية.. فلا لوم إذن على الحكومة إن قالت أن إنسانا بلا مال إنسان فقير ، فهي لا تعلم أن الأفقر منه إنسان ليس لديه إلا المال .

– صرخة نملة.. صرخ الفقير حول حقه من منطلق المواطنة، والعدالة، سعيا نحو الجمال، وإيمانا منه بأن أولى خطوات الجمال هي العدل كما علموه حين كانت المدرسة واحدة تتسع للجميع .. للفقير والغني ، ولكن صرخته مجرد صرخة نملة قالت عنها حكومة البلاد .. حكومة لا تريد أن تعي ان من العدل ايضا أن يكون كل أهل البلد متساوون الحقوق سواء ، غني او فقير، كلهم سواسية في جميع الأشياء في التعليم وغيره، والتعليم للجميع ومن رأى العكس فليصرخ في وجه مغتصبي حقوقه ويعلن للحكومة أن كرامة الإنسان أسمى من كرسي سلطان .. وهي من قالت ذات مساء انتخابي ان اللهَ سيسألنا عمّا إذا كنّا قد شاهدنا ظلمًا ولم نسع إلى رفعه.

– من يُعيد فينا صدق إحساس الاطفال . عندما كنا أطفالا صغارا كم فرحنا بالكراريس وبالاقلام الملونة .. بالخشيبات والطباشير ، والحقائب ، وبلون الأحذية.. كم فرحنا إن أتى الصبح جميلا..وهرولنا فرحين الى المدرسة.. كم كنت أفرح حين كنت ألقى وجه أمي كل صباح مشرقا كالفجر..تعد محفظتي والشاي والخبز ..”المُجمر”. كم فرحنا..حين كنا نسمع دعاء معلمنا الصباحي” اللهم أغننا بالعلم وزينا بالحلم.. إكفنا بحلالك عن حرامك..”‘ كان نبض قلوبا الصغيرة بكرا لم تذق طعم انكسار. لكن اليوم ، من يُعيد فينا صدق إحساس الصغار.. من يعيد الينا دعاء المعلم عن العلم والاحلام…من سيردد مع معلمٍ يعمل اليوم بالتعاقد “اللهم أغننا بالعلم..”..في وجه حكومة تغنينا بالجهل .. وتصنفنا فقراء.. وتعيرنا بفقرنا. تعيرنا بفقرٍ كان النبي يستعيذ بالله منه (اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم).

– تماسيح بشرية تطحن البلد. مجلس وحكومة وساسة وأكايمون ومثقفون..تماسيح بشرية لم يرمش لهم جفن ولم يتحرك في ضميرهم أي شعور أنهم قد طحنوا بلداً، بل استمروا بالطغيان وقد نفضوا عنهم كل مسؤلية .. بصموا بالعشرة لطحن فقراء البلد وكأن التعليم ترف لا ينبغى لعامة الناس أن تتلقاه، او كأن انتشاره بين الاوساط الشعبية الفقيرة يمكن أن يؤدى إلى خطر قد لا تحمد عقباه. ثم أن الإشكال المطروح هو من هي هذه “الفئات الفقيرة” وكيف يتم تحديدها ، فالأسر التي يبلغ دخلها الشهري مثلا ثلاثة آلاف درهم ( = ما يقارب 300 دولارا) تصنف بشكل رسمي على أنها ليست فقيرة، في حين أن هذه الأسر لا تستطيع حتى تلبية متطلباتها اليومية العادية ناهيك إذا كان اثنان أو ثلاثة او اكثر من أفرادها يتابعون دراستهم. ان كانت الكثرة الغالبة من العائلات الفقيرة لا تستطيع حتى دفع مصاريف الدخول المدرسي .. فكيف لهذه الكثرة الغالبة من الفقراء ان تدفع هذه المصاريف كلها.؟

– الديمقراطية العرجاء. هي سياسة الدولة الجديدة وكأنها تعيد النظر فى بناء المواطن “الفقير”، دولة الحق والقانون..دولة النهج الديمقراطى، دولة العدالة الاجتماعية والجميع يعلم أن لا شيء يمكن أن يتحقق إلا حين يكون التعليم نفسه ديمقراطيا متاحا للمواطنين كافة ،لا يحول بينهم وبين التمتع به عقبة من مال أو طبقة. فعن اي عدل اجتماعى يتحدثون ؟ وأين مكانه من الديمقراطية التى تحرص على التزام اساليبها فى نظام حكم البلاد ؟ فمن طبيعة الديموقراطية الصحيحة أن تُيسر للشعب أموره كلها ولا سيما ما يتصل منها بالتعليم … بل يجب مد مظلة المجانية أبعد من التعليم…الى ميادين أخرى.

– خلاصة الحكاية.. حكومتنا تبخل بأي جهد لنشر هذا التعليم وتيسيره والتوسع فى نظام المجانية الشاملة فيه ، تحقيقا لتكافئ الفرص لجميع المواطنين دون تفريق.هذا في وقت على التعليم ان يكون حظا شائعا بين المواطنين جميعا، يقوم أمرهم فيه على المساواة التى هى أساس الديمقراطية التى يكفلها الدستور.لأنه ليس من العدالة الاجتماعية أن تكون مهمة “الفقراء” أن يشقوا ويكدحوا ، وننكر عليهم حقهم فى التعليم . وإن كان لابد من تطبيق اوامر ما “لصندوق” ما ، فلنلغي الفقر إذن كعقبة فى سبيل التعليم ، فليتعلم الجميع في مدرسة واحدة ومن استطاع أن يدفع أجرالتعليم فليفعل، ومن لم يستطع أن يدفع أجرالتعليم فأجره على الدولة.

مجلس ..حكومة ..ساسة ..أكايمون ..مثقفون .. تماسيح بشرية لم يرمش لهم جفن ولم يتحرك في ضميرهم أي شعور أنهم قد طحنوا بلداً.. شكرا.. ونكتفي بهذا القدر.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح