المزيد من الأخبار






رمسيس يكتب.. سقطة جديدة لمهرجان السينما بالناظور.. وعودٌ على إيقاع نفس السيناريو المتكرر وحبل "الكذب" لم يعد معه قصيرا..


رمسيس يكتب.. سقطة جديدة لمهرجان السينما بالناظور.. وعودٌ على إيقاع نفس السيناريو المتكرر وحبل "الكذب" لم يعد معه قصيرا..
بقلم: رمسيس بولعيون

دائما ما ندافع عن "الفن وعن الثقافة والرياضة" وإمكانية الاستثمار في مجالاتها وصيرها بتدبير ذاتي محض قطاعات مُنتجة، باعتبارها رافعات تنموية مُساهمةً بشكل مباشر في التنمية المستدامة والشاملة للإقليم وبالتالي للمنطقة ككل، والتعريف بها، والاستفادة من تظاهراتها الكبرى من عدة جوانب، أهمها بخاصة الاقتصادي منه، بحيث بإمكانها أن تتيح فرصا سانحة للتعريف بالمنطقة وإعطائها إشعاعا دوليا، وجعلها وجهة سياحية أمام ما تزخر به من مقومات عدة ومؤهلات متنوعة لا يتجادل حول أهميتها إثنان..

ومن جهة أخرى، أن تعمل هذه التظاهرات - كما هو مفترض - لا سيما منها المهرجانات السينمائية والفنية، المنظمة من طرف الجمعيات التي تحترم نفسها، وتحترم المناطق المقامة فيها، على منح الفنان قيمته فعليا وواقعا، والإسهام جديا في صناعة جيل جديد من الفنانين، وإعانة هذه الفئة الأنتلجينسية على التكوين والصقل، فسحا للطريق أمامها، بغية المضي بها قدما والأخذ بيدها إلى عالم الاحترافية، كلٌّ في مجال تخصصه؛ مثلما هو متوخى ومفترض من إقامة هذه التظاهرات الفنية في الأصل..

بيد أن ما يجعلنا، اليوم، نطرح تساؤلا محوريا وجوهريا، بخصوص التظاهرات المقامة فعالياتها وأطوارها بالناظور، هل هي تقوم فعلا، ولو بجزء صغير من هذا الدور المنوط بها، انسجاما وتماشيا مع الرسالة النبيلة والهدف السامي الذي من أجله تُخلق هذه التظاهرات الحائزة على الدعم العمومي المرجو لها مُقدّما من حيث المبدأ وفقا لمعايير الاستحقاق المعمول بها قانونا؟!

فهل فعلا، هذه التظاهرات قادرة على خلق دينامية ثقافية تبرز للمدينة هويةً تُغري السياح والمستثمرين للقدوم إليها؟! هل اليوم، ونحن نوّدع، قبل أيام فقط، الدورة الحادية عشر لمهرجا "السينما والذاكرة المشتركة"، وأسطر هنا بالنبط العريض على الـنسخة الـ11؟! تحقق شيءٌ مما ذكر، ولو بالنزر القليل لفائدة الإقليم، مثلما جرى ويجري الترويج لـه كل سنة، وعلى مدى إحدى عشر سنة من تنظيمه، وإلى اليوم؟!

وبصيغة أخرى لعلها أكثر وضوحا، هل ساهم المهرجان الذي عمّر أزيد من عقدٍ من الزّمن، ولو لمرة واحدة من عمره الممتد إلى 11 عاما بالتمام والكمال، في العمل على تطوير الفن السابع بالمنطقة؟! وبمعنًى مغاير، هل أفلح هذا الفعل السينمائي على أرض الواقع في تكوين ممثل واحد على سبيل العدّ، أو تقني واحد في مجال اختصاصه وتخصّصه؟! بل، هل أحدث طفرة مهما كانت طفيفة، في ذات المجال بالمنطقة؟!

وللإستزادة في الإيضاح أكثر، هل قدم هذا المهرجان مساعدة أو أي دعم لإنتاج ولو فيلما واحدا قصيرا للمواهب الصاعدة والواعدة ؟! وبإختصار شديد، هل من ممثل أو من منتمٍ للقطاع، اِستفاد من أي شيء! أي شيء مهما بلغ من درجة أهميته، يمت بصلة للمجال من هذا المهرجان، الذي يقال أنه سينمائي فني!؟

شخصيا، أعتقد، وهذا رأيٌ يلزمني بالضرورة ولا ألزم به أحدا، مسنودا بطبيعة الحال على متابعة مستفيضة عن كثب لجل الدورات، بل والأكثر من ذاك مُساهما في إحدى نسخه ولو من بعيد، ذات حلم وحلمٍ صرفٍ بأن المستحيل يمكنه التحقق والتبلور حقيقةً و واقعاً يوما، من منطق الإيمان الشخصي بالمثل الدارج "اللهم لعمش ولا لعمى"، وطمعا في أن يلقي الساهرون على المهرجان، السمع للإقتراحات المائزة والفعالة المطروحة من طرف غيورين في المضمار، والتي كانت تقابل مرارا للأسف بالموافقة الشفوية، في حين على مستوى التطبيق كانت تجابه بمنطق "شفتكم، ما شفناها"، ويتم القفز عليها كأنها حائلا ستعيق سير المهرجان، بينما في الحقيقة العكس هو الصحيح، إذ كانت مقترحات سديدة وغير مكلفة ألبتة، ستضع قاطرة المهرجان على السكة الصحيحة التي يجب السير في مسارها رأسا للإرتقاء بفن السينما، الذي أصبح الريف أحد أبرز صناعه، لا بفضل المهرجان طبعا، وإنما بفضل أبنائه ممن يؤمنون برسالة الفن، وبعديد المواهب الفذة التي يزخر بها، رغم قلة ومحدودية وانعدام الإمكانيات فيها، ولا حاجة بنا لذكر النماذج التي لا حصر لها في هذا الصدد..

وعلى مستوى التسويق للإقليم، وحتى لا نكون مجحفين، فإننا لا نجد غضاضة في الزعم، أن حضور رئيس الوزراء السابق الإسباني "ساباتيرو"، ونظيرته الوزيرة السابقة الفرنسية نجاة بلقاسم، ونظيريْهما عمدة روتردام أحمد بوطالب، ننظر إليها بحق كخطوة سديدة وناجحة إلى حد ما في التسويق للمنطقة، وذلك ليس عبر فقرات المهرجان بحد ذاته، وإنما بما قام به هؤلاء خارج نشاط المهرجان، من أنشطة موازية، إما بمبادرات فردية أو بأخرى، عبر مؤسسات لا علاقة لها بمؤسسة المهرجان، في حين كان بإمكان الأخير، وبالموازاة مع فقراته التي في بعض الأحيان لا يعرفها إلا المنظمون والمقربون منهم، تنظيم جلسات للضيوف، تعرّف فعلا بما تكتسيه هذه المنطقة من أهمية للإستثمار فيها، بالنظر إلى مؤهلاتها الطبيعية التي بإمكان العمل عليها في مجال السينما، بما أنهم ضيوف مهتمون بالفن السابع، وليتم هكذا ضرب عصفورين بحجر واحد..

وعلى صعيد آخر، وهذا ما نستغربه بشدة، ولكم أن تعودوا للصور الموثقة بغية التأكد من صحة ذلك، إذ نفس الوجوه ونفس الأشخاص، إن لم نقل أزيد من 60 بالمئة من الحاضرين من خارج المغرب، هم أنفسهم من يتكررون كـ"ضيوف" في كل دورة وطبعة ونسخة! كأنه لا وجود لأسماء أخرى يمكنها حضور هذا المهرجان كضيوف؟! وبما أنه حدث خاص بالسينما، نطلب من منظميه تذكيرنا ولو لمرة، بحضور نجم فني من أقطاب ورواد صناع الفن السابع، لدورة من دوراته طيلة 11 سنة ؟!

شخصيا، ولعل ذاكرتي سمكية، لا أتذكر نجما أو اسما مرموقا حل ضيفا على هذا المهرجان؟ رغم أننا سمعنا جميعا خلال دورات مضت، إدعاءات من قبيل حضور الفنان العالمي شاروخان، والفنان المصري الكبير عادل إمام بثقله وبقامته شخصيا، وبأسماء أخرى غيرها، إلا أنه في الأخير لم نشاهد أحدا منهم ولو كضيف شرف عابر، رغم أن المهرجان عاش بين ظهرانينا 11 عاما..!

أما المعطى المثير للسخط والاستياء أكثر، والذي نجزم أنه رسّخ بحق وحقيق لدى متتبعين ناظوريين كثر وأنا واحد منهم، قناعة باتخاذ قرار عدم حضور هذا المهرجان بالمطلق، ناهيك عن المشاركة في أيّ من أنشطته، والاقتراب حتى من مكان تنظيمه، يتمثل في تعامل المهرجان بنفحة من التعالي والازدراء مع الفنان الريفي عملا بمبدأ "آخمي يدجا، آخمي وا يدجي"، في الوقت الذي كان فيه أهل الميدان دائما ما يدعون إلى ضرورة دعوة أسماء ممثلين سينمائيين من الحسيمة لحضور المهرجان، وأن يتم الحرص على توفير شروط حضورهم على غرار ممثلين آخرين من خارج المنطقة على قلتهم، ولكن يتم تجاهل هذا الأمر في كل دورة بطريقة عمدية مستفزة، حتى دون إعطاء أي ذرائع مقنعة، سوى التهرب بمبرر ومن دون أي مبرر..

إذاً، لا مغالاة ولا غرو في القول، أن المهرجان فشل فشلا ذريعا في المساهمة في "تطوير" الفن السابع بالمنطقة، رغم أنه كانت ثمة مقترحات في عدة جلسات مع المشرفين عليه، بإقامة دورات تكوينية ولو دورية على مدار العام، تمحور حول "السيناريو، الإخراج، والتصوير"، وما إلى ذلك من مهن وميادين مرتبطة بالصناعة السينمائية، ولكن هيهات، فهذا الأمر غير مدرج تماما في حسبان وأجندة المؤسسة المنظمة للمهرجان التي لا تعرفنا ولا نعرفها..

وكمقترح لجعل المهرجان، كفاعل مساهم في تطوير العمل السينمائي بالمنطقة، نذكر أنه تمت مطالبة إدارته، بدعم أيٍّ من المواهب الصاعدة في مشروع إنجاز فيلم سينمائي قصير أو وثائقي، بهدف الإسهام في تشجيع الشباب الموهوب خلال كل نسخة، وذلك من أجل إغناء المكتبة السينمائية بمنطقة الريف، غير أن المطلب يُجابه عادةً بالرد نفسه، بمنطق "مارا ثازريض مانويا آتخزارض إضارن أوفيغار"..


ومن أجل إشعاع ثقافة سينمائية حقة وحقيقية، دعا ذوو الاختصاص، ضمن جملة الاقتراحات، إلى ضرورة عرض الأفلام المشاركة في المسابقة في أماكن عدة متفرقة بتراب الإقليم، مثلما هو معمول به في العديد من المهرجانات الجادة، كإختيار عدد من البلدات الضاحوية الأخرى بـ"الناظور الكبرى" مثل "سلوان، العروي، بني أنصار، وزايو"، بحيث يبرمج فيها منظمو المهرجان عرض أفلام غير مشاركة في المسابقة أو تنظيم أنشطة موازية، بهدف نشر وعي سينمائي، ولكن وكما هي عادة حليمة العائدة دوما إلى عاداتها القديمة، لا يتم أخذ الاقتراحات على محمل الجد، ناهيك عن العمل بها، بدعوى الحجج ذاتها..

هذا دونا عن الحديث حول الأفلام التي يتم عرضها في إطار مسابقة المهرجان، بحيث تجزم أحيانا أن من يشرف على إنتقائها، ومن يسهر على إشراكها في خط التباري، كأنه هاوٍ لا يفقه شيئا عن أبجديات الصناعة السينمائية، رغم أننا لا نتحدث عن جميعها، وبطبيعة الحال ثمة بعض الأفلام القوية، لكن في المجمل، معظمها لا يستحق العرض للفرجة حتى في قاعة سينمائية مهجورة ببلدة نائية.

و "كل دا كوم، وبعض الوعود التي سمعناها منذ بداية المهرجان كوم ثاني" على حد تعبير إخواننا المصريين، إذ في كل دورة نسمع من المؤسسة المنظمة للمهرجان ترديد نفس الأسطوانة المشروخة، بشان قيامها بإنجاز مشروع قاعة سينمائية السنة المقبلة، وأن الأمر أصبح لديها محسوما، لكن الشيء الوحيد الذي نراه في الواقع أنه في كل سنة يسارع المنظمون إلى نصب خيمة لعرض الأفلام! أو قيامها بـ"ترقيع" بناية المركب الثقافي غير الصالح حتى لأن يكون إسطبلا، فبالأحرى أن يكون قاعةً لعرض وبثّ الأفلام..

وآخر الابتكارات في مجال وعود منظمي المهرجان المعلوم، وعدهم خلال الدورة الحالية الـ11، بأنهم أفلحوا في إقناع المجلس الجماعي على أساس توفير وعاء عقاري لكي يتم تشييد قاعة سينمائية أخيرا بالناظور !، وفي ظل هذا الوعد المعسول، لا نملك صدقا إلا أن نكون مخطئين، وأن يصدق الوعد وإن لمرة واحدة فقط، حيث وحسب ما نعلمه شخصيا، فإن المركز السينمائي المغربي، لم يبد أي موافقة إلى حدود الساعة، على دعم مشروع قاعة سينمائية بالناظور، ومع ذلك "نديرو النية" على رأي الركراكي، ونرفع أكف الضراعة للسماء داعين أن يتحقق هذا الوعد الممنوح في قريب الآجال...

ليس من طبعنا شخصنة الأمور، لكن في هذه النقطة بالذات، لا نجد حرجا في القيام بذلك عن سبق إصرار، إذ كيف للسيد المحترم عبد السلام بوطيب، باعتباره رئيس المهرجان، وبوصفه كذلك رئيس "مركز الذاكرة المشتركة من أجل السلم والديمقراطية"، أن يضع صورة على حائطه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، رفقة الفنان الريفي الكبير ميمون رفروع، ويُرفقها بعبارة إعلانية ملفتة تقول "هام جدا: بالنظر إلى الأجواء الرياضية التي يعيش على إيقاعها المغرب والمغاربة ومعهم العالم، سيتم إرجاء حفل اختتام المهرجان الدولى لسينما الذاكرة المشتركة وإعلان النتائج إلى الساعة الثامنة من يومه السبت ١٧ دجنبر بالمركب الثقافي، حفل الاختتام: لقاء وتكريم ميمون نرفروع"، في حين لم يتم إستدعاء ميمون رفروع لا في حفل الختام، ولا جرى تكريمه، ولا حتى إخباره بشأن الإعلان، ولا إلغاء التكريم الذي لا نعرف ما إذا كان حقا مبرمجا أو لا لشخصه!!

فمن يعرف الفنان الملتزم ميمون رفروع عن قرب، يعرف جيدا كم هو إنسان مرهف، وبحاجة ماسة للاحتفاء به كفنان أعطى الشيء الكثير للأغنية الريفية الملتزمة وأثرى ريبرتوارها الفني، وكم أن الأمر سيؤثر عليه نفسيا، في الوقت الذي كان يحتاج فيه إلى تكريم حقيقي عرفانا بمساره الفني الطويل الذي عانى خلاله كثيرا، لكن للأسف ومع كامل الاحترام لشخص السي عبد السلام الذي نقول له "حشوما خاك"، فما كان يجب أن يحدث هذا، وهو آخر ما كان يمكنك أن تقوم بـه.. للأسف.

قد يطول الحديث في هذا الموضوع، لكننا في الختام نكتفي بالقول، بأن حبل "الكذب" مع مهرجان السينما بالناظور لم يعد قصيرا، ونعتقد أن كل هذا الذي يحدث عادي جدا، طالما أن المهرجان يدبر من داخل صالونات مكناس والرباط، بعيدا عن مكان إقامته، حتى أنه في إحدى الجلسات كان هناك من اِقتراح تنظيم المهرجان في مدن أخرى غير الناظور، بحجة أننا لسنا بحجم هذا الحدث؛ وبدورنا نقول لهؤلاء، أي نعم نحن في الناظور لسنا بحجم مهرجانكم هذا، بل نحن أكبر منه بكثير، وحبذا لو يتم تحويله إلى ملتقى سياسي للذاكرة المشتركة، وتتركوا السينما بعيدا عنكم، قبل أن يحل عليكم سخط الرب، الرب الذي ألفنا من عبد السلام استعارته كاقتباس دائم" للاستدلال على أن لمهرجانه ربّا يحميه، في حاضرة ليس لها في الواقع أحد يحميها.. من تهريجكم..



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح