بقلم : رمسيس بولعيون
في مدينة العروي الوادعة، حيث لا شيء يحدث على الإطلاق، وحيث التنمية تلبس بيجاما وتغطّ في نوم عميق، خرج القرار البلدي الأهم منذ معركة رعاهد وعاروي
ممنوع الدخول إلى مقر الجماعة بالشورط.
هكذا، دون سابق إنذار، ودون دراسة للجدوى أو حالة الطقس، تم إعلان الحرب على الكائن القماشي القصير، لم تُعلن ضد النفايات أو فوضى البناء أو اختلالات التعمير، بل ضد ما سُمّي بـ”اللباس غير اللائق”، مع تشديد خاص على العدو الأول الشورط.
وهنا… تدخل الأسطورة.
تشقّ الأرض شخصية خارقة، لا علاقة لها بجدول أعمال المجلس، ولا بأوراش الإصلاح، بل بمهام أخلاقية عظيمة.
المحقق شورطان.
النسخة البلدية من المحقق كونان.
طفل صغير، بجسم قاصر وذكاء خارق، يختبئ خلف أعمدة الإدارة، يقيس السراويل بالرؤية المجهرية، ويطلق صفارته حين تلوح ركبة في الأفق.
الركبة المكشوفة… خيانة موصوفة.
منذ دخوله على الخط، تغيّرت لغة التدبير الجماعي. لم نعد نتحدث عن الرقمنة أو تحسين الخدمات أو تخليق المرفق العمومي. صار كل شيء يُقاس بمدى قُرب أو بُعد السروال من الأرض.
أصبح من الضروري، وفقًا للقرار الجديد، ارتداء ملابس “تليق بمقام الجدران المتقشرة”، و”تنسجم مع البلاط المهترئ”، و”تحترم الحشمة وسط طوابير الانتظار وصراخ الموظفين”.
لكن هنا تبرز إحدى الأسئلة الجوهرية التي لم يجرؤ أحد على طرحها:
ما هو المقصود باللباس المحتشم؟
هل “السراويل المزيرة على الأرداف” أكثر احترامًا من الشورط؟ أم أن الحشمة تُقاس بطول القماش لا بمكانه؟
هل يُعتبر لباسٌ يُظهر نصف الجسم السفلي أكثر تقليدية من الذي يترك الساقين مكشوفتين؟
هل من المقبول أن يتباهى الشاب بخصره المترف في قماشٍ ضيق، بينما يُنظر بازدراء إلى من يرتدي الشورت في حر الصيف؟
هنا تكمن العبثية…
وكأن الحشمة لا تعني احترام الذات بقدر ما تعني احترام المكان، المكان الذي يتعامل مع المواطنين كأجسام تحتاج إلى التغطية، بدلاً من أن تُعامل كعقول تحتاج إلى التنوير.
صباحًا، يدخل المرتفقون وقد طووا سراويلهم حياءً وخوفًا.
يهمس أحدهم للآخر، هل أبدو محتشمًا؟
يردّ الآخر وهو يربط الحزام بحذر، لا تقلق، سمعت أن شورطان في عطلة اليوم.
ولأن الجماعة تؤمن بمأسسة النجاح، فقد بدأت التخطيط لتأسيس فرقة خاصة تُدعى:
“الشرطة الأخلاقية الجماعية”.
مهمتها تجوب الإدارات، ومعها شريط قياس، تُحرر المخالفات لكل من لم يبلغ مستوى الحشمة القانوني، وتصادر الشورطات في حملات تمشيطية.
قد يُمنع المواطن من الدخول بسبب 3 سنتيمترات من النقص في قماش البنطال، بينما يسمح للفساد بأن يتجول بحرية داخل المكاتب.
وربما نسمع قريبًا شعار الجماعة الجديد:
“تنمية غير متوفرة… لكن عندنا سروال محترم!”
لم يسأل أحد عن كفاءة المرفق، ولا عن تراكم الطلبات، ولا عن الشفافية أو جودة الاستقبال. كل هذا مجرد تفاصيل. المهم أننا حققنا انتصارًا بلديًا على العري الإداري.
صحيح أننا لا نملك ملعبًا للشباب، ولا متنفسًا عامًا، ولا مركبًا ثقافيًا، لكننا نملك شجاعة اتخاذ القرار في وجه الشورط…
ونرفع رؤوسنا بكل فخر لنقول:
نحن الجماعة التي انتصرت على الشورط!
نحن من أعاد للركبة هيبتها!
نحن… من استدعينا المحقق كونان لمحاربة العري الإداري!
أما ساكنة المدينة، فعليها أن تتأقلم.
المواطن الذي لا يجد الرصيف، ويقف ساعات في الطابور، ويغادر في كثير من الأحيان دون قضاء غرضه…
كل ذلك مقبول.
لكن أن يرتدي سروالًا خفيفًا في عز الصيف؟ فهذا خرق سافر يستدعي الردع الفوري، من جماعة العروي، حيث تُخاض المعارك الكبرى ضد القماش القصير، نُحييكم، ونخبركم بكل مسؤولية:
لقد دخلنا عهدًا جديدًا… عهد الشورطان.
وفي النهاية، لا حرية فردية، ولا جماعية.
في جماعة العروي، الحشمة هي قناعة ذاتية تُفرض بالقانون. وكل من يظن أن “الشورط” يمثل حقًا شخصيًا… عليه أن يبحث عن حقه في مكان آخر.
في مدينة العروي الوادعة، حيث لا شيء يحدث على الإطلاق، وحيث التنمية تلبس بيجاما وتغطّ في نوم عميق، خرج القرار البلدي الأهم منذ معركة رعاهد وعاروي
ممنوع الدخول إلى مقر الجماعة بالشورط.
هكذا، دون سابق إنذار، ودون دراسة للجدوى أو حالة الطقس، تم إعلان الحرب على الكائن القماشي القصير، لم تُعلن ضد النفايات أو فوضى البناء أو اختلالات التعمير، بل ضد ما سُمّي بـ”اللباس غير اللائق”، مع تشديد خاص على العدو الأول الشورط.
وهنا… تدخل الأسطورة.
تشقّ الأرض شخصية خارقة، لا علاقة لها بجدول أعمال المجلس، ولا بأوراش الإصلاح، بل بمهام أخلاقية عظيمة.
المحقق شورطان.
النسخة البلدية من المحقق كونان.
طفل صغير، بجسم قاصر وذكاء خارق، يختبئ خلف أعمدة الإدارة، يقيس السراويل بالرؤية المجهرية، ويطلق صفارته حين تلوح ركبة في الأفق.
الركبة المكشوفة… خيانة موصوفة.
منذ دخوله على الخط، تغيّرت لغة التدبير الجماعي. لم نعد نتحدث عن الرقمنة أو تحسين الخدمات أو تخليق المرفق العمومي. صار كل شيء يُقاس بمدى قُرب أو بُعد السروال من الأرض.
أصبح من الضروري، وفقًا للقرار الجديد، ارتداء ملابس “تليق بمقام الجدران المتقشرة”، و”تنسجم مع البلاط المهترئ”، و”تحترم الحشمة وسط طوابير الانتظار وصراخ الموظفين”.
لكن هنا تبرز إحدى الأسئلة الجوهرية التي لم يجرؤ أحد على طرحها:
ما هو المقصود باللباس المحتشم؟
هل “السراويل المزيرة على الأرداف” أكثر احترامًا من الشورط؟ أم أن الحشمة تُقاس بطول القماش لا بمكانه؟
هل يُعتبر لباسٌ يُظهر نصف الجسم السفلي أكثر تقليدية من الذي يترك الساقين مكشوفتين؟
هل من المقبول أن يتباهى الشاب بخصره المترف في قماشٍ ضيق، بينما يُنظر بازدراء إلى من يرتدي الشورت في حر الصيف؟
هنا تكمن العبثية…
وكأن الحشمة لا تعني احترام الذات بقدر ما تعني احترام المكان، المكان الذي يتعامل مع المواطنين كأجسام تحتاج إلى التغطية، بدلاً من أن تُعامل كعقول تحتاج إلى التنوير.
صباحًا، يدخل المرتفقون وقد طووا سراويلهم حياءً وخوفًا.
يهمس أحدهم للآخر، هل أبدو محتشمًا؟
يردّ الآخر وهو يربط الحزام بحذر، لا تقلق، سمعت أن شورطان في عطلة اليوم.
ولأن الجماعة تؤمن بمأسسة النجاح، فقد بدأت التخطيط لتأسيس فرقة خاصة تُدعى:
“الشرطة الأخلاقية الجماعية”.
مهمتها تجوب الإدارات، ومعها شريط قياس، تُحرر المخالفات لكل من لم يبلغ مستوى الحشمة القانوني، وتصادر الشورطات في حملات تمشيطية.
قد يُمنع المواطن من الدخول بسبب 3 سنتيمترات من النقص في قماش البنطال، بينما يسمح للفساد بأن يتجول بحرية داخل المكاتب.
وربما نسمع قريبًا شعار الجماعة الجديد:
“تنمية غير متوفرة… لكن عندنا سروال محترم!”
لم يسأل أحد عن كفاءة المرفق، ولا عن تراكم الطلبات، ولا عن الشفافية أو جودة الاستقبال. كل هذا مجرد تفاصيل. المهم أننا حققنا انتصارًا بلديًا على العري الإداري.
صحيح أننا لا نملك ملعبًا للشباب، ولا متنفسًا عامًا، ولا مركبًا ثقافيًا، لكننا نملك شجاعة اتخاذ القرار في وجه الشورط…
ونرفع رؤوسنا بكل فخر لنقول:
نحن الجماعة التي انتصرت على الشورط!
نحن من أعاد للركبة هيبتها!
نحن… من استدعينا المحقق كونان لمحاربة العري الإداري!
أما ساكنة المدينة، فعليها أن تتأقلم.
المواطن الذي لا يجد الرصيف، ويقف ساعات في الطابور، ويغادر في كثير من الأحيان دون قضاء غرضه…
كل ذلك مقبول.
لكن أن يرتدي سروالًا خفيفًا في عز الصيف؟ فهذا خرق سافر يستدعي الردع الفوري، من جماعة العروي، حيث تُخاض المعارك الكبرى ضد القماش القصير، نُحييكم، ونخبركم بكل مسؤولية:
لقد دخلنا عهدًا جديدًا… عهد الشورطان.
وفي النهاية، لا حرية فردية، ولا جماعية.
في جماعة العروي، الحشمة هي قناعة ذاتية تُفرض بالقانون. وكل من يظن أن “الشورط” يمثل حقًا شخصيًا… عليه أن يبحث عن حقه في مكان آخر.