المزيد من الأخبار






رأي: سعيد شعو.. تجسيد للأمل المفقود في تحقيق العدالة


رأي: سعيد شعو.. تجسيد للأمل المفقود في تحقيق العدالة
ناظورسيتي: بشرى عبد الدائم*

منذ أيام ليست بالبعيدة، عرفت الجرائد الإلكترونية الوطنية حملة من المقالات حول تسريبات وثائق سرية خاصة بوزارة الداخلية تم نشرها على صفحة الفيسبوك لسعيد شعو البرلماني السابق لمدينة الحسيمة عن حزب العهد وفي مرحلة "فك الإرتباط" مؤسس لحزب العهد الديموقراطي والتي تشير إلى أنه تم التآمر على حزب العهد من أجل حله، بالإضافة إلى وثائق أخرى تدين شخوص ريفية بالخيانة والتجسس لصالح الإستخبارات قصد توريط أشخاص بعينها، لكن الذي نستغربه فعلا أنه رغم التحولات الإجتماعية والبنية النظامية لمغرب ما بعد 2011، الذي عرف تعديلا دستوريا وإصلاحات قانونية تمت المصادقة على بعضها وبعضها لازال في رفوف مكاتب الحكومة، فإننا لم نر تحركا لفتح تحقيق من طرف وزارة العدل والحريات في شأن الوثائق المسربة حول إذا ما كانت حقيقية أم مزورة، وما إذا كانت حقيقية كيف تم وصولها إلى يدي سعيد شعو، وإذا كانت المسألة يتم البحث فيها سريا، فإن من واجب مغاربة عهد ما بعد دستور 2011 أن يعرفوا حقيقة ما يقع .

وأمام هذا الصمت الذي يلف الأمر، لم نتجاوز حق السؤال دون البحث عن حقيقة الأمر كوننا نعلم علم اليقين أننا في بلاد وإن تغيرت دساتيرها ورممت ترساناتها القانونية لن تعبر جسر الرواسب المتحكمة في تدبير سياستها وهي عقليات راكمت الحقد لكل إرادة حقيقية للتغيير والتقدم نحو الحداثة ودمقرطة الحياة العامة وهنا ليس من الحكامة الجيدة أن نخلق أجيالا تحمل الرواسب والتراكمات السلبية، وليس الأمر يتعلق هنا بالريف أو حزب العهد أو حتى سعيد شعو الذي خرج من دوامة الصمت بعد أن استنفذ كل السبل إلى تحقيق إنسانيته بعد أن انتهكت بإسم "الوطن"، سعيد شعو الرجل الذي عرفناه مواطنا مغربيا بهوية أمازيغية وبقيم نبيلة ومناضلا معنا في تجربتي حزبي" العهد" و"العهد الديموقراطي"، حمل أحلام المعاناة وطموح هوية أمازيغية باتت تفقد اليوم قيمها،وخرج خاوي الوفاض من هوية الوطن مستبدلها بكتابة سفر الشتات لبناء هوية على وطن غريب.

فالصورة لا تكتمل أبدا في مغربنا فالتاريخ يكرر نفسه، انعدام الديمقراطية وتحكم لوبيات في المشهد، تحرك المواطن بشتى الحبال لتلعب بالمصائر وتحقق المآرب المنشودة، شياطين المغرب في كل مكان حتى الصحراء عرفت هذا الشتات، فالمعاناة تتكرر لكن الضحية " الهوية " تنقرض وأسر تتشرد ومعالم مجتمعات تنمحى مع الزمن من الخريطة، فاليوم معاناة داخل الصحراء وخارج حدودها، انتهاكات لحقوق الإنسان في مخيمات تيندوف ومعاناة للنساء والأطفال، وهذه ليس مجرد شعارات ترفع أو "بروباغاندا" سياسية نريد من خلالها التملق للمغرب، بل حقيقة وواقع مجتمع انفصل عن جذوره وعن أصوله ليعيش على أرض دولة غريبة عنه تحت شمس غير شمس صحرائه وتحت سماء وقمر لا يضيء إلا حزن الفراق.

فدائما يبدأ التاريخ بإعلان الإنفصال ولكن الغد يحمل فراق الأهل و"الهوية". أجيال بعدها تعيش غريبة داخل جسد بلا روح فوق تراب غير ترابها .

سعيد شعو الذي احترمناه ولا زلنا نحترمه –وإن كنا نختلف معه في قناعاته الجديدة – هو تجسيد اليأس المفقود في زمن البحث عن تحقيق العدالة في وطنه، فاختارالعيش إكتفاء ب"هوية" بلا وطن، وهذا اليأس الذي تسرب إلينا -اليوم- بعد علمنا بدناءة المؤامرة على حزبنا، سنعيش بعده الأمل المفقود في وطن قد يتغير، فكل الجهود التي نراها من انخراط المغرب في كل المواثيق الدولية وبناء تشريعي على مرجعيات عالمية، نجد الهوة أصبحت أعمق مما كانت بيننا وبين الوطن الذي نحبه، فقدنا الأمل مع مؤامرة ضد انتماء حزبي بنيناه مع نجيب الوزاني وسعيد شعو ومواطنين ومواطنات حقيقيين.

* عضو المكتب السياسي لحزب العهد الديموقراطي


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح