المزيد من الأخبار






رأي: رسالة إلى اللذين يعيشون على فتات الفن


رأي:  رسالة إلى اللذين يعيشون على فتات الفن

ناظورسيتي: وفاء جوهرة

ظل المغرب وفيا لثقافته الشعبية المتجدرة والموروثة عبر الأجيال إلى حين بروز نخبة من "المرتزقة" بعدما أصبح الفن سبيلا يسيرا إلى الثراء عبر الفبركة والجعجعة والمعمعة وما إلى ذلك سبيلا...
في أيامنا أضحى للتافه من الأشياء معنا منفردا ومثبثا من لدن الجميع. النظم والإيقاع والطرب الأصيل مجرد شبه معايير أمست في خبر كان ولم تعد مساعي المبدع الحقيقي في تجريده للواقع ولا لانتمائه للمدارس الأدبية الرائدة، كالرومانسية الكلاسيكية أو الطبائعية. ليس لتاريخ الفن معنا إذا علمنا أن النبوغ الفكري ومستوى الذكاء المتعدد في تراجع مدمر للقوى العقلية للكائن البشري بيد أن هاجس الفنان هو في تحطيمه للأرقام القياسية على مستوى الليكات والتعاليق.
في الطبيعة، ينفعل الإنسان بكل جميل ونظرية الجمال سمة تميز طابع الشغف للمستخفي والمحجوب، لذلك ظل الجسد الأنثوي محور الفن الرمزي والمباشر. الآن وقد عري الجسد وجرد من قدسيته عبر استخدامه في سيناريوهات تتلقاها المجتمعات إن باستحسان أو قذف هما وجهان للعملة واحدة ألا وهي الكبت. تداعيات الجسد، هي فوضى في نزوات الشعوب الغارقة في الاستهلاك، حتى الأفكار تستورد كجل الماركات العالمية من هواتف وسيارات وألبسة...الخ. الإبداع في نظري عملية مشروطة باللذة. بحس التذوق وطعم الحماس، لا إن يكون كم الزخم على أعمال لا ترقى للذوق الطبيعي بما أن إبداع الله عز و جل هي في خلقه للطبيعة. إذا كان العري رمز الحضارة فهنيئا للحيوانات.
عجيب أمرنا نحن البشر ندعو للتخليق الحياة وفي جعبتنا ألف نزوة وشهوة، نتلقى أعمال الناس بالسيئ منها. ازدواجية في التفكير وقد عهدناها في الخطابات السياسية وحتى الدينية بين مختلف المذاهب التي لا تمت للدين بصلة. حقيقة أن عصرنا الحالي قتل الإبداع في المرء وحرمه من لذة التصوف. لذة التأمل والتماهي. جمالية الانزياح عن الواقع والاتصال بالمحسوس مجازا وبلاغة وتخييلا.
حين يغتال الإبداع، يسفه الإنسان ويلخص في المادة. جاء البعض بنظرية العلمانية كحل وحيد للتقدم. كذلك كانت الماركسية وما قبلها بيد أنها أفكار فاشلة همها إنتاج فرد ميكانيكي لا يشتغل إلا ليسد رمقه. إذا كان المال وحده يصنع التقدم فطوبى للأثرياء والثريات اللذين لا ينامون إلا على المهدئات وحبات الفياغرا. واللواتي يعشن على حقن البوطكس والسليكون. مجتمع مريض بنفاقه، معاق بعجزه عن تربية إنسان سليم وملتزم. إذا قتلنا الإبداع جمدنا الفكر الإنساني باعتباره ثروة حقيقية. ما نعيشه حاليا من انفلات وانقلاب وانتشال وانتحار وانسلاخ هو نتيجة وضع هش يرتزق منه الجميع :الفقير والغني العالم والأمي كذلك المدني والسياسي. كل حسب محله من الإعراب وهذه خدعة العالم الكبرى، ليظل الإنسان مجرد لعبة...


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح