
بدر أعراب
من يتابع مشهدنا السياسي الموبوء بمدينة الناظور هذه الأيام، سيُصاب حتماً بالدوار، هذا إذا لم يبعث لديه ذلك على الغثيان والتقيّـؤ، بسبب "القيامة" التي أشعل الغوغاء فتيل جهنّمها في كلّ مكان وسط أرجاء هذه الحاضرة التي اِقترف فيها اللبيب في حقّ نفسه، غلطة عمر لا تُغتفر، حينما جنح إلى وضع سلاح ذكائه ونباهته أرضاً عند قدميْ غباء الآخرين، والتنّحي جانبا، بل والتقهقر إلى الوراء مكتفياً بأخذ موقعه ضمن صفوف المتفرجين عبر شاشة بلازما عملاقة في الواقع، على مجريات فرقعات سياسية لا تنتهي، ما تلبث تُثبت من تلقاء نفسها، خواءَها غير المُحدِثِ بتاتا لا للإنفجار، ولا وراءَها طائل إطلاقاً، سوى أنها باِختصار جعجعات بدون طحين فارغة من أيّ جوهر!
دعونا أولا وقبل كلّ شيء أن نتفق مبدئياَ، على أن المعارك السياسية، لمن لا يفقه في قواعدِ لُعبتها ولو حرفاً، أن نقول إنّ لا ثبات في إطارها على المواقف، كما أنّ لا دور فيها للبطولة لـأحد، والضرب تحت الحزام للإيقاع بالخصم ذات مكيدة مضرجا في دمائه فوق الحلبة، ليس أبداً بإحراز هدفٍ يستحق منّا التصفيق بحرارة! ولعّل قانونها الوحيد المُقرّر، هو تخويلها للسياسي أيّما سياسي، إمكانية بدءِ الحرب متى شاء، ولكنه في المقابل وهذا بالذات ما لم ينتبه إليه الراسخون في الوقاحة، لا تمنحه القدرة على التحكّم في وقف معمعتها أنّى شاء، وهكذا فالداخل إليها ليس بمقدوره ضمان خروجه ألبتّة، وأنّى له التملّص منها بجلدهِ سالما وهو لا يملك جهاز التحكّم عن بُعد لـإرخاء أوزارها!
نسوق هنا هذا الكلام، بمناسبة ما تعرفه الساحة الناظورية من هرجٍ ومرج، قبل نحو أسبوعين تقريبا، وصلت فيها الغوغائية أوجها، وتحديدا منذ الولادة القيصرية للمولود "المنتخب" ليلة الرابع من شتنبر الجاري، ويؤسفنا حقاً الذكر في هذا الصدد، أنّ أكبر مكانٍ محجوز داخل مطرح زبالة التاريخ، هو من نصيب المثقفين وأشباههم بحول اللـه، حيث دخلوا أوكار عهرهم الأخلاقي بإرتكانهم إلى الصمت السلبي، فاُسقطت عن سوآتهم ورقة التوت، مما أضحت عوراتهم مكشوفة تتطلع إليها بشفقة نظرات الملأ، واِقتراف هؤلاء الخَنَعَة جريمة الخلود إلى الصمت، جاء في الوقت الذي كان بوسعهم أن يكونوا "عضويُين" بالتشمير على ذراعهم والخروج إلى العلن، وفق ما تتطلبه المرحلة الراهنة، بهدف توجيه حركية مسار الرأي العام نحو الأوضح بما يكفي، فقط الأوضح! لأن هذا ما كان مطلوبا منهم بالضبط، لكنهم لم يفعلوا.. ولم يكونوا لِيفعلوا..
إنّ ما تُطالعنا به تلك الأفواه المُدّبغة شفاهها بكل صنوف الكحول الرخيصة التي ترضعها من ثدي جيوب رُعاة القطيع، من تكشيرٍ عن أطقم أنيابها، إبّان المحطة السياسية الآنية، التي جرى حقيقةً التعرّف فيها بصورة أجّل لا تكتنفها ضبابية، على أصل أنواع بعض "البشر" بين ظهرانينا، لهو صراحةً أمرٌ يدعو صِدقاً إلى إعادة قراءَة "سيكولوجية الإنسان المقهور" حتى يتسّنى تصنيف بعض المخلوقات العجيبة والمسوخ التي تتخذ شكل وهيئة الأدمي!
وهكذا، فمشاركة هؤلاء في إذكاء الأحقاد بين الخصميين السياسيين سعيد الرحموني وسليمان حوليش ذوي حصة الأسد من حصيلة مقاعد مجلس القصر البلدي، ثم الدفع بنظرائهم الآخرين وإقحامهم عنوةً للإنخراط في لعبة قذرة تُحركها نيران الضغائن أكثر من أيّ إعتبارات آخرى، من أجل الفرجة والإبتزاز، كلّ من موقعه الإعتباري، سوف لن تجني منه الناظور، تلك المدينة التي لا نتوانى عن ترديد أسطوانة "حبنا لها" المشروخة التي ما عاد أحد يصدقها، سوى ستّ سنوات أخرى عجاف، لكنها هذه المرة أشّد وأنكى..
ولا حاجة بنا يا سادة للتذكير أنّه لا فرق على الإطلاق، بين الذي قبض بيده اليمنى فكّة زرقاء لكي يُبسط يُسراه بـ"صوته" إلى الصندوق الإنتخابي، وبين من يُطبّل ويزمر الآن، مهلّلاً لهذا وذاك، لرفع منسوب السعار بين الخصوم حدّ الهستيريا، ممّا قد يُشعل حربا حامية الوطيس بعيدة الأمد، قد لا تُبقي ولا تذر.. وحينها دعونا أن نُشهر الإصبُع الوسطى في وجوهكم إنْ نالت مدينتكم سوى الخراب! وبصيغة أخرى لعلها أكثر سِداداً: هذه دعوة صادقة إلى كبح الفرامل من أجل رأب الصدوع بين الفرقاء وإصلاح ذات البين بين أذرعهم الموازية، للإصطفاف والتكتل حول المصلحة العامة، إذا كنّا حقاً نتوخّى الخير لهذه المدينة التي كادت ساكنتها من فرط سادية "المغتصبين" أن تصبح نسخة مكرّرة بالكاربون عن "نيرون" الذي أحرق روما فقعد يتفرج من شرفة برجه العاجي تتآكل تحت ألسنة النيران.. فهل تعقلون؟
من يتابع مشهدنا السياسي الموبوء بمدينة الناظور هذه الأيام، سيُصاب حتماً بالدوار، هذا إذا لم يبعث لديه ذلك على الغثيان والتقيّـؤ، بسبب "القيامة" التي أشعل الغوغاء فتيل جهنّمها في كلّ مكان وسط أرجاء هذه الحاضرة التي اِقترف فيها اللبيب في حقّ نفسه، غلطة عمر لا تُغتفر، حينما جنح إلى وضع سلاح ذكائه ونباهته أرضاً عند قدميْ غباء الآخرين، والتنّحي جانبا، بل والتقهقر إلى الوراء مكتفياً بأخذ موقعه ضمن صفوف المتفرجين عبر شاشة بلازما عملاقة في الواقع، على مجريات فرقعات سياسية لا تنتهي، ما تلبث تُثبت من تلقاء نفسها، خواءَها غير المُحدِثِ بتاتا لا للإنفجار، ولا وراءَها طائل إطلاقاً، سوى أنها باِختصار جعجعات بدون طحين فارغة من أيّ جوهر!
دعونا أولا وقبل كلّ شيء أن نتفق مبدئياَ، على أن المعارك السياسية، لمن لا يفقه في قواعدِ لُعبتها ولو حرفاً، أن نقول إنّ لا ثبات في إطارها على المواقف، كما أنّ لا دور فيها للبطولة لـأحد، والضرب تحت الحزام للإيقاع بالخصم ذات مكيدة مضرجا في دمائه فوق الحلبة، ليس أبداً بإحراز هدفٍ يستحق منّا التصفيق بحرارة! ولعّل قانونها الوحيد المُقرّر، هو تخويلها للسياسي أيّما سياسي، إمكانية بدءِ الحرب متى شاء، ولكنه في المقابل وهذا بالذات ما لم ينتبه إليه الراسخون في الوقاحة، لا تمنحه القدرة على التحكّم في وقف معمعتها أنّى شاء، وهكذا فالداخل إليها ليس بمقدوره ضمان خروجه ألبتّة، وأنّى له التملّص منها بجلدهِ سالما وهو لا يملك جهاز التحكّم عن بُعد لـإرخاء أوزارها!
نسوق هنا هذا الكلام، بمناسبة ما تعرفه الساحة الناظورية من هرجٍ ومرج، قبل نحو أسبوعين تقريبا، وصلت فيها الغوغائية أوجها، وتحديدا منذ الولادة القيصرية للمولود "المنتخب" ليلة الرابع من شتنبر الجاري، ويؤسفنا حقاً الذكر في هذا الصدد، أنّ أكبر مكانٍ محجوز داخل مطرح زبالة التاريخ، هو من نصيب المثقفين وأشباههم بحول اللـه، حيث دخلوا أوكار عهرهم الأخلاقي بإرتكانهم إلى الصمت السلبي، فاُسقطت عن سوآتهم ورقة التوت، مما أضحت عوراتهم مكشوفة تتطلع إليها بشفقة نظرات الملأ، واِقتراف هؤلاء الخَنَعَة جريمة الخلود إلى الصمت، جاء في الوقت الذي كان بوسعهم أن يكونوا "عضويُين" بالتشمير على ذراعهم والخروج إلى العلن، وفق ما تتطلبه المرحلة الراهنة، بهدف توجيه حركية مسار الرأي العام نحو الأوضح بما يكفي، فقط الأوضح! لأن هذا ما كان مطلوبا منهم بالضبط، لكنهم لم يفعلوا.. ولم يكونوا لِيفعلوا..
إنّ ما تُطالعنا به تلك الأفواه المُدّبغة شفاهها بكل صنوف الكحول الرخيصة التي ترضعها من ثدي جيوب رُعاة القطيع، من تكشيرٍ عن أطقم أنيابها، إبّان المحطة السياسية الآنية، التي جرى حقيقةً التعرّف فيها بصورة أجّل لا تكتنفها ضبابية، على أصل أنواع بعض "البشر" بين ظهرانينا، لهو صراحةً أمرٌ يدعو صِدقاً إلى إعادة قراءَة "سيكولوجية الإنسان المقهور" حتى يتسّنى تصنيف بعض المخلوقات العجيبة والمسوخ التي تتخذ شكل وهيئة الأدمي!
وهكذا، فمشاركة هؤلاء في إذكاء الأحقاد بين الخصميين السياسيين سعيد الرحموني وسليمان حوليش ذوي حصة الأسد من حصيلة مقاعد مجلس القصر البلدي، ثم الدفع بنظرائهم الآخرين وإقحامهم عنوةً للإنخراط في لعبة قذرة تُحركها نيران الضغائن أكثر من أيّ إعتبارات آخرى، من أجل الفرجة والإبتزاز، كلّ من موقعه الإعتباري، سوف لن تجني منه الناظور، تلك المدينة التي لا نتوانى عن ترديد أسطوانة "حبنا لها" المشروخة التي ما عاد أحد يصدقها، سوى ستّ سنوات أخرى عجاف، لكنها هذه المرة أشّد وأنكى..
ولا حاجة بنا يا سادة للتذكير أنّه لا فرق على الإطلاق، بين الذي قبض بيده اليمنى فكّة زرقاء لكي يُبسط يُسراه بـ"صوته" إلى الصندوق الإنتخابي، وبين من يُطبّل ويزمر الآن، مهلّلاً لهذا وذاك، لرفع منسوب السعار بين الخصوم حدّ الهستيريا، ممّا قد يُشعل حربا حامية الوطيس بعيدة الأمد، قد لا تُبقي ولا تذر.. وحينها دعونا أن نُشهر الإصبُع الوسطى في وجوهكم إنْ نالت مدينتكم سوى الخراب! وبصيغة أخرى لعلها أكثر سِداداً: هذه دعوة صادقة إلى كبح الفرامل من أجل رأب الصدوع بين الفرقاء وإصلاح ذات البين بين أذرعهم الموازية، للإصطفاف والتكتل حول المصلحة العامة، إذا كنّا حقاً نتوخّى الخير لهذه المدينة التي كادت ساكنتها من فرط سادية "المغتصبين" أن تصبح نسخة مكرّرة بالكاربون عن "نيرون" الذي أحرق روما فقعد يتفرج من شرفة برجه العاجي تتآكل تحت ألسنة النيران.. فهل تعقلون؟