المزيد من الأخبار






تحريض وعنصرية وأكاذيب.. "فوكس" يشعل الفتنة في مورسيا وهذه مواقف باقي الأحزاب الإسبانية


ناظورسيتي: متابعة

تحولت بلدة توري باتشيكو الواقعة في إقليم مورسيا الإسباني، خلال الأيام الأخيرة، إلى بؤرة توتر خطير، على خلفية اعتداء تعرض له رجل مسن يُدعى دومينغو، في ظل تصاعد مقلق لخطاب الكراهية ضد الجالية المغاربية، تقوده أطراف يمينية متطرفة، وعلى رأسها حزب "فوكس".

الاعتداء الذي وقع ليلة الأربعاء الماضي أمام المقبرة المحلية، وأسفر عن إصابة الضحية (68 عامًا)، لا يزال قيد التحقيق، دون تحديد هوية الجناة حتى الآن من طرف الحرس المدني أو الشرطة. غير أن جهات متطرفة استغلت الحادث لتأجيج مشاعر الغضب وتحويلها إلى حملة تحريض ممنهجة ضد شبان من أصول مغاربية.


وانتشرت عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور مزيفة، نُسبت زورًا إلى لحظة الاعتداء أو إلى وجوه المعتدين المفترضين. لكن وسائل إعلام إسبانية موثوقة، في مقدمتها VerificaRTVE، أكدت أن المقاطع المتداولة لا علاقة لها بالحادثة، وأن الصور التي نُشرت لخمسة شبان لا تمتّ بصلة للمعتدين الحقيقيين.

المثير أن الضحية نفسه نفى صحة الفيديو المنتشر، مؤكدًا أنه لا يظهر فيه، ولا علاقة له بما وقع معه. ومع ذلك، واصلت جهات خارج البلدة تغذية خطاب الكراهية، مستغلة الحادث لتوجيه اتهامات جماعية لجالية بأكملها، بناءً على فرضيات غير مؤكدة، وأجندات سياسية عدائية.

في أوج هذا التصعيد، ظهر زعيم "فوكس" في مرسية، خوسيه أنخيل أنتيلو، في توري باتشيكو، ليطلق خطابًا تحريضيًا عنيفًا اتهم فيه المهاجرين بـ"الاعتداء على الشيوخ، واغتصاب الفتيات، ونشر الرعب"، متوعدًا بطردهم جميعًا من إسبانيا، في تحدٍّ صارخ لقيم العدالة والدستور.

هذا الخطاب قوبل بموجة تنديد واسعة من القوى التقدمية، حيث اعتبرت لارا هيرنانديز من حزب "سومار" أن ما يجري هو "مطاردة عنصرية تقودها الفاشية الإسبانية"، بينما اتهمت "إزكيردا أونيدا" حزب "فوكس" بزرع الفتنة بخطابه العنصري المحرّض على العنف.

كما عبّر الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني عن استنكاره، وقال أمينه العام في مرسية، فرانثيسكو لوكاس: "ندين بشدة الاعتداء على دومينغو، لكننا نرفض استغلاله لتأجيج الكراهية. ما يجري هو نتيجة مباشرة لتبييض خطاب اليمين المتطرف"، داعيًا إلى ضبط النفس والاحتكام للقانون.

بدوره، اتهم حزب "بوديموس" فوكس بـ"نشر الأكاذيب وتضليل الرأي العام"، وطالب بفتح تحقيق قضائي في منشورات التحريض على العنف، التي انتشرت على الإنترنت، وساهمت في استقدام عناصر متطرفة من خارج البلدة بحثًا عن "انتقام وهمي".

حتى الحزب الشعبي، الذي سبق له التحالف مع "فوكس" في عدة أقاليم، لم يتمكن من تجاهل خطورة الوضع، إذ دعا زعيمه ألبيرتو نونيث فيخو إلى "ضمان الأمن فورًا"، محذرًا من "دوامة عنف تستغل الحادث لأغراض سياسية خبيثة، وتهدد حياة المواطنين".

في المقابل، شددت ممثلة الحكومة المركزية في مرسية، ماريولا غيفارا، على أن "التحقيقات لا تزال مفتوحة، ويجب انتظار نتائجها بدل الانجرار وراء الشائعات"، داعية إلى التهدئة، ومدينة بشدة خطابات الكراهية التي غزت المنصات الرقمية في الأيام الأخيرة.

وتُعد توري باتشيكو من المدن التي عرفت لعقود تعايشًا سلميًا بين الإسبان والمهاجرين، إذ يقيم فيها نحو 40 ألف نسمة، يشكل المغاربة منهم قرابة 30%. إلا أن موجة التحريض الأخيرة كادت تنسف هذا التماسك، بعد أن جُعلت الجالية المغاربية كبش فداء سياسي.

وترى العديد من القوى السياسية أن تحويل حادث جنائي معزول إلى مبرر للاضطهاد الجماعي، أمر بالغ الخطورة، يجعل من خطاب "فوكس" وأمثاله تهديدًا صريحًا للسلم الأهلي والديمقراطية في إسبانيا، وليس فقط اعتداءً على شريحة من المواطنين.

ويُجمع المتابعون على أن ما يحدث في توري باتشيكو يجب أن يكون ناقوس خطر لكل من يرفض الانزلاق نحو الشعبوية والعنصرية. فالتصدي للكراهية يبدأ بتفنيد الأخبار الكاذبة، والانتصار لقيم العدل والعيش المشترك، قبل أن تتحوّل الدعاية التحريضية إلى سياسة رسمية.



تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح