
ناظور سيتي
كلنا يعرف ما وقع يومي 28 و 29 شتنبر ، و خروج مجموعة من الشباب اطلقت على نفسها لقب " جيل زيد "...حاملة لمطالب اجتماعية و ثقافية..تمثلت في محاربة الفساد و تحسين المرافق العمومية الأهم أي الصحة و التعليم...
و كلنا يعرف طريقة تدخل القوات العمومية لحفظ النظام العام و حماية ممتلكات المواطنين...أمام وقفات احتجاجية غير مصرح بها لدى السلطات العمومية وبدون وجود جهة معنوية تتحمل مسؤلية التنظيم...
نحن لسنا في حاجة اليوم إلى لوم بعضنا البعض أو رمي الكرة عند الآخر أو التراشق بالتهم و التقصير....
نحن بحاجة أكثر ...إلى الإنصات لبعضنا البعض كعائلة كبيرة واحدة دون ترك الهوامش للغير...
أولا ، لأن مطالب "جيل زيد " ليس بالجديدة و يكفي الإطلالة على عشرات المقالات و عشرات الفيديوهات و عشرات البودكاست التي تتحدث بشكل يومي عن إشكاليات التعليم و الصحة أو محاربة الفساد..
بدليل أن السنتين الماضيتين عرفت احتجاجات و اعتصامات لطلبة كلية الطب و تعليق الدراسة و اضرابات طويلة في قطاع التعليم...
مما يعني أن إحتجاجات 28 و 29 شتنبر 2025 ، لم تحمل جديدا في المضمون أي الصحة و التعليم و الفساد...بل الجديد هو " الفئة الحاضنة " لهذه المطالب الاجتماعية و الثقافية المشروعة و المنصوص عليها كحقوق دستورية...
فالفئة الحاضنة الجديدة لهذه المطالب تطلق على نفسها " جيل زيد " و هي موجة جديدة لحركات احتجاجية عالمية يمكننا إضافتها لحلقات حركات الشباب السابقة سواء في روسيا أو الصين أو في أوروبا عموما في سنة 1968 أو بأمريكا و حركة " الحب و السلام " في " وود ستوك " سنة 1969..
ثم استلم المشعل "جيل الألفية " ليسلمه سريعا ل "جيل زيد " و الذي حمل أولا هموم البيئة و المناخ...و لينتقل الى دوائر الصحة و العدالة...بعد سنة و نصف زمن الكوفيد...و تتميز بأنها حركات غير مركزية و بدون قائد أو زعيم...
و إذا كانت الحركات الأولى قد نشأت و ترعرعت بدول أوروبا و امريكا .. فإن حركات " جيل زيد " انتقلت من أوروبا و امريكا إلى دول نيبال و كينيا و اندونيسيا و سريلانكا و مدغشقر و البيرو و البراغواي...و المغرب
لقد كان " جيل زيد " مضمونا للعديد من الدراسات و الأبحاث ذات المسالك الذهنية و النفسية و الاجتماعية... و كان من نتائجها أن " جيل زيد " تأثر بتعاقب العديد من الأحداث القوية في فترة وجيزة ..فقد عاش الأزمة الاقتصادية لسنة 2009 و عاش تداعيات التغيير المناخي و عاش سنوات الكوفيد و تداعياتها على الصحة النفسية و الاجتماعية و الثقافية...كما عاش العديد من الحروب و ارتفاع الأسعار في كل شيء...
اعتقد أنه لفهم ما وقع يومي 28 و 29 شتنبر ببعض المدن المغربية...يجب الإطلاع على خلاصات تلك الدراسات و خاصة على مستويات السلوك لدى " جيل زيد " و ما يعانيه من أعراض نفسية و عقلية خطيرة تتمثل في القلق و التوتر و الإكتئاب....
لذلك وصفه العديد من الدراسين ب " الجيل القلق ".. لكن المثير حقا هو تلك الملاحظات التي نعيشها يوميا و لا نراها أو نهتم بها..
لقد حددت تلك الدراسات صفات سلوكية خاصة ل " جيل زيد " و منها الانطوائية و الوحدة و خلق لغة جديدة على مستوى التواصل و آلية التواصل أي " الهاتف النقال "...
فهذه الفئة مثلا تقضي وقتا طويلا جدا في " الغرف المظلمة " المخصصة للدردشة أو مايسمى " الدارك " أي المظلم...كما تقضي وقتا أطول في غرف الألعاب الإلكترونية ك " بابجي " و "فري فاير " حيث تسود لغة العنف و القتل و الاسلحة...
وهنا يمكننا طرح سؤال وجيه... إذ كيف يعقل لفئة تعيش في تلك الغرف المظلمة وحيدة لساعات طوال ..أن تهتم بقطاعات الصحة و التعليم أو محاربة الفساد...؟
كيف لتلك الفئة التي تتكلم لغة خاصة و تكتب بطريقة خاصة...أن يدلي بعض أصحابها بتصريحات إعلامية قوية و لغة سليمة...؟
وكيف تم تعبيد طريق مرور " جيل زيد " من المواقع و الفضاءات الرقمية الى المواقع العمومية..؟
لقد تناول الدكتور " جونتان هايديت " و هو طبيب نفسي امريكي في كتابه " جيل القلق " تداعيات التوتر و الاكتئاب و الحزن الطويل الذي يتميز به " جيل زيد " و أن الهاتف لعب دورا قويا في حالات الإنعزالية و الإكتئاب...
كما ساهم الهاتف النقال في تمكين " جيل زيد " من انتقال المعلومات بسرعة و بوفرة مما سهل لهم عمليات التنظيم و التحرك السريع...
لكن النقاش سينتقل الى مستوى آخر عندما يتم الحديث عن دور العائلة في تكوين وعي " جيل زيد "... نقاش مفاده أن الأسرة تساهم بإنتقال الشعور باليأس و رسائل عدم الثقة في المستقبل و الخوف...الى أبنائهم من " جيل زيد "...
وقد تغلب كفة هذا الطرح نسبيا...إذ الفئة العمرية ل " جيل زيد " لا تسمح لها أن تكون مسؤولة على شؤون البيت و إدارته المالية...بل لازال أغلبهم يأخد مصروف الجيب من والديه...
كما لا تسمح لغالبيتهم في الحصول على عمل أو تجربة عمل... مما يعني معه غياب تجربة حياتية تمكنهم من المقارنة و الإحتكاك...
لكنهم يعيشون في أسر إكتوت بنار غلاء الأسعار أو عانت من تجارب صحية مريرة و من ارتفاع مصروفات أبنائهم في التعليم الخاص بعد انهيار التعليم العام و من هزالة جودة التعليم رغم كل التكاليف و المصارف...
أضف الى هذا أن أغلب مسالك التعليم بقطاعيه تعاني من ضعف إلتقائية ثنائية : التكوين و التشغيل...وهي الحالة التي تجعل " جيل زيد " يعيش في جو مشحون بالخوف من المستقبل و القلق و الاكتئاب..
مما يدفع بذات الجيل الى الانسحاب من المجتمع و يدخل في علاقات مع أمثالهم في غرف دردشة أو الدخول في مسابقات لعب الكترونية تدور حول من يقتل أكثر و من له أقوى سلاح فتاك... وغير ذلك..
لكن غالبا ما يكون هذا الانسحاب من المجتمع و من الاسرة ...تكتيكي في انتظار شيء ما في الأفق..لذلك فهم على استعداد لأي شيء و لأي عواقب...و باللغة الدارجة " ماعندهوم مايخسرو "..
لأنهم و هذا هو الخطير جدا ...يرون أنفسهم عبئا ثقيلا على الأسرة.. التي اصبحت تعيش في حرج كبير و في أرق أكبر حول مستقبل
كلنا يعرف ما وقع يومي 28 و 29 شتنبر ، و خروج مجموعة من الشباب اطلقت على نفسها لقب " جيل زيد "...حاملة لمطالب اجتماعية و ثقافية..تمثلت في محاربة الفساد و تحسين المرافق العمومية الأهم أي الصحة و التعليم...
و كلنا يعرف طريقة تدخل القوات العمومية لحفظ النظام العام و حماية ممتلكات المواطنين...أمام وقفات احتجاجية غير مصرح بها لدى السلطات العمومية وبدون وجود جهة معنوية تتحمل مسؤلية التنظيم...
نحن لسنا في حاجة اليوم إلى لوم بعضنا البعض أو رمي الكرة عند الآخر أو التراشق بالتهم و التقصير....
نحن بحاجة أكثر ...إلى الإنصات لبعضنا البعض كعائلة كبيرة واحدة دون ترك الهوامش للغير...
أولا ، لأن مطالب "جيل زيد " ليس بالجديدة و يكفي الإطلالة على عشرات المقالات و عشرات الفيديوهات و عشرات البودكاست التي تتحدث بشكل يومي عن إشكاليات التعليم و الصحة أو محاربة الفساد..
بدليل أن السنتين الماضيتين عرفت احتجاجات و اعتصامات لطلبة كلية الطب و تعليق الدراسة و اضرابات طويلة في قطاع التعليم...
مما يعني أن إحتجاجات 28 و 29 شتنبر 2025 ، لم تحمل جديدا في المضمون أي الصحة و التعليم و الفساد...بل الجديد هو " الفئة الحاضنة " لهذه المطالب الاجتماعية و الثقافية المشروعة و المنصوص عليها كحقوق دستورية...
فالفئة الحاضنة الجديدة لهذه المطالب تطلق على نفسها " جيل زيد " و هي موجة جديدة لحركات احتجاجية عالمية يمكننا إضافتها لحلقات حركات الشباب السابقة سواء في روسيا أو الصين أو في أوروبا عموما في سنة 1968 أو بأمريكا و حركة " الحب و السلام " في " وود ستوك " سنة 1969..
ثم استلم المشعل "جيل الألفية " ليسلمه سريعا ل "جيل زيد " و الذي حمل أولا هموم البيئة و المناخ...و لينتقل الى دوائر الصحة و العدالة...بعد سنة و نصف زمن الكوفيد...و تتميز بأنها حركات غير مركزية و بدون قائد أو زعيم...
و إذا كانت الحركات الأولى قد نشأت و ترعرعت بدول أوروبا و امريكا .. فإن حركات " جيل زيد " انتقلت من أوروبا و امريكا إلى دول نيبال و كينيا و اندونيسيا و سريلانكا و مدغشقر و البيرو و البراغواي...و المغرب
لقد كان " جيل زيد " مضمونا للعديد من الدراسات و الأبحاث ذات المسالك الذهنية و النفسية و الاجتماعية... و كان من نتائجها أن " جيل زيد " تأثر بتعاقب العديد من الأحداث القوية في فترة وجيزة ..فقد عاش الأزمة الاقتصادية لسنة 2009 و عاش تداعيات التغيير المناخي و عاش سنوات الكوفيد و تداعياتها على الصحة النفسية و الاجتماعية و الثقافية...كما عاش العديد من الحروب و ارتفاع الأسعار في كل شيء...
اعتقد أنه لفهم ما وقع يومي 28 و 29 شتنبر ببعض المدن المغربية...يجب الإطلاع على خلاصات تلك الدراسات و خاصة على مستويات السلوك لدى " جيل زيد " و ما يعانيه من أعراض نفسية و عقلية خطيرة تتمثل في القلق و التوتر و الإكتئاب....
لذلك وصفه العديد من الدراسين ب " الجيل القلق ".. لكن المثير حقا هو تلك الملاحظات التي نعيشها يوميا و لا نراها أو نهتم بها..
لقد حددت تلك الدراسات صفات سلوكية خاصة ل " جيل زيد " و منها الانطوائية و الوحدة و خلق لغة جديدة على مستوى التواصل و آلية التواصل أي " الهاتف النقال "...
فهذه الفئة مثلا تقضي وقتا طويلا جدا في " الغرف المظلمة " المخصصة للدردشة أو مايسمى " الدارك " أي المظلم...كما تقضي وقتا أطول في غرف الألعاب الإلكترونية ك " بابجي " و "فري فاير " حيث تسود لغة العنف و القتل و الاسلحة...
وهنا يمكننا طرح سؤال وجيه... إذ كيف يعقل لفئة تعيش في تلك الغرف المظلمة وحيدة لساعات طوال ..أن تهتم بقطاعات الصحة و التعليم أو محاربة الفساد...؟
كيف لتلك الفئة التي تتكلم لغة خاصة و تكتب بطريقة خاصة...أن يدلي بعض أصحابها بتصريحات إعلامية قوية و لغة سليمة...؟
وكيف تم تعبيد طريق مرور " جيل زيد " من المواقع و الفضاءات الرقمية الى المواقع العمومية..؟
لقد تناول الدكتور " جونتان هايديت " و هو طبيب نفسي امريكي في كتابه " جيل القلق " تداعيات التوتر و الاكتئاب و الحزن الطويل الذي يتميز به " جيل زيد " و أن الهاتف لعب دورا قويا في حالات الإنعزالية و الإكتئاب...
كما ساهم الهاتف النقال في تمكين " جيل زيد " من انتقال المعلومات بسرعة و بوفرة مما سهل لهم عمليات التنظيم و التحرك السريع...
لكن النقاش سينتقل الى مستوى آخر عندما يتم الحديث عن دور العائلة في تكوين وعي " جيل زيد "... نقاش مفاده أن الأسرة تساهم بإنتقال الشعور باليأس و رسائل عدم الثقة في المستقبل و الخوف...الى أبنائهم من " جيل زيد "...
وقد تغلب كفة هذا الطرح نسبيا...إذ الفئة العمرية ل " جيل زيد " لا تسمح لها أن تكون مسؤولة على شؤون البيت و إدارته المالية...بل لازال أغلبهم يأخد مصروف الجيب من والديه...
كما لا تسمح لغالبيتهم في الحصول على عمل أو تجربة عمل... مما يعني معه غياب تجربة حياتية تمكنهم من المقارنة و الإحتكاك...
لكنهم يعيشون في أسر إكتوت بنار غلاء الأسعار أو عانت من تجارب صحية مريرة و من ارتفاع مصروفات أبنائهم في التعليم الخاص بعد انهيار التعليم العام و من هزالة جودة التعليم رغم كل التكاليف و المصارف...
أضف الى هذا أن أغلب مسالك التعليم بقطاعيه تعاني من ضعف إلتقائية ثنائية : التكوين و التشغيل...وهي الحالة التي تجعل " جيل زيد " يعيش في جو مشحون بالخوف من المستقبل و القلق و الاكتئاب..
مما يدفع بذات الجيل الى الانسحاب من المجتمع و يدخل في علاقات مع أمثالهم في غرف دردشة أو الدخول في مسابقات لعب الكترونية تدور حول من يقتل أكثر و من له أقوى سلاح فتاك... وغير ذلك..
لكن غالبا ما يكون هذا الانسحاب من المجتمع و من الاسرة ...تكتيكي في انتظار شيء ما في الأفق..لذلك فهم على استعداد لأي شيء و لأي عواقب...و باللغة الدارجة " ماعندهوم مايخسرو "..
لأنهم و هذا هو الخطير جدا ...يرون أنفسهم عبئا ثقيلا على الأسرة.. التي اصبحت تعيش في حرج كبير و في أرق أكبر حول مستقبل