المزيد من الأخبار






بدر أعراب يكتب: لكي تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب


بدر أعراب يكتب: لكي تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب
بقلم بدر أعراب

أنْ تعيش في هذا الزمن المغربي الكَلْب، معناه أنْ تحفرَ على صدرك بالأظافر لكي تقتلع القلب بشريان الحياة فيه من الجذور، وتدفنه في مقبرة الكلاب دون أن تقيم له مأتماً جنائزياً، حيث لا إكرام لحقير لعين عند الوأد..

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تجتث من جوفك ورم الانسانية من عُصُبـِه بالملقاط أو بشفرة الحلاقة لو تطلّب الأمر، حتى تصير بدورك كلبا تنتمي لعشيرة بني كلبـون، وبعد تجريد نفسك من كلّ جوهر "أدميتك" لا بأس أن تعلنها مأدبة باذخة للّئـام من كلاب الوطن وجرذانه، حتى تعيش وسطهم مرتاح البال، قرير العين لا يحركك إحساسٌ ولا تنفلتُ دمعة ساخنة من مقلك..

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تكون بغلاً حقيقياً، تعير ظهركَ ليحرث عليه كل من هبّ ودبّ، وتُـقرض مؤخرات أبنائك للسيّاح الأجانب حتى يعبثوا بها أيما عبث، في سبيل الرفع من وتيرة النمو الاقتصادي للبلد!

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه مُـتْ بـ"الفقصة" واُشرب من مياه البحر كلّ المحيطات كذلك، ولكن فقط عليك أن ترضى بحصتك من الخبز الحافي وتصمت صمتَ الصمّ البُكم، ولا بأس أن تنزوي أبد الدهر اِن شئتَ إلى غرف اليأس والإحباط داخل طوابق النفس وحواشيها لتسكنها بالمجان في انتظار أن يأخذ ربّ العباد أمانته!

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تتقمص دور الكومبارس لا الأبطال في شريط فيلم حياتك القديم الجديد، في انتظار أن يمّر العمر إلى مثواه الأخير بسلام واِيّـاك أن يُحدث مرورك ضجيجا حتى لا تزعج الأحياء الأموات!

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تكون مواطنا بلا نبض وبلا قلب وبلا ضمير، أو بالأحرى كُـن فقط ديكورا خشبياً مُسنداً إلى باقي الديكور المهترئ لتأثيث مشهد وطـن!

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تنسَّل خفيةً على أصابع قدميك كتلميذ خائب وعاق يتمشى فوق البيض مخافة من عقاب أستاذه، لكي تتبوّء مقعدك البئيس خلف الصفوف الأمامية حيث يمكنك أن لا تكّف عن التصفير والتصفيق بحرارة على كلّ استعراض فوق حلبة الوطن!

أن تعيش في هذا الزمن المغربي الكلب، معناه أن تُقرّر رغماً عن أنفك دفن المبادئ والقناعات والماضي والحاضر والمستقبل تحت التراب، وتُشيّد فوقها قبرا من الإسمنت المسلّح بالحديد والصخر كي تضمن فناءها للأبد، مع شرطٍ قسريّ بسيط هو ألا تضع فوقها شاهـداً أو مَعْلَمـًا كالجندي المجهول!

أن تعيش في هذا الزمن المغربيّ الكلب، معناه أن تقمع "الأدمي" الأبيّ الذي يسكنك داخلك، كلما طلع من قبر جسدك منتفضاً، وتنبري له كجلاد ماهر بالهراوة والتنكيل على طول الخطّ، وحذار من أن تتهاون في رشّه بالماء الحارق لتشويه ملامح وجهه لو تطلب الأمر؛ بمعنى عليك بالاختصار المفيد جلده وسلخه وسحله مثل الشاة قبل أن يخرج عن طوعك و"يخرج" بالتالي "عليك"!

وإذا لم يعجبك حال الوطن فلترحل بعيـداً غير مأسوف عليك!


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح