المزيد من الأخبار






بدر أعراب يكتب: كـأن بـك غصـّة لـن تـزول أبداً


بدر أعراب يكتب: كـأن بـك غصـّة لـن تـزول أبداً
بقلم: بدر أعراب

قبـل أن تكتـب، تذَّكـر الطفلـة الشهيـدة فاطمـة أزهريـو حيـن اِنطفأت فـي خفـوت دونمـا أن تُشيِّـع أحداً بيـدها الصغيـرة نكايـة بتواطئـنا مـع الصمـت غيـر المبرّر ثـمّ اُكتـب!

تذَّكـر الشهيـدة نجيـة آدايـا التـي كلّ ذنبـها أنهـا أطلقـت صرخـة مدويـة رددَّتـها جبـال الأطلـس الشامـخ صـدىً، مُستعيـنةً بكـل أحبالـها الصوتيـة من أجـل الحـقّ في زمـن أخرس معطّـل الحـواس واُكتـب!

تذَّكـر كمـال الحسانـي الذي اِغتالتـه أيـادٍ قـذرة ملطخــة بدمــاء الأبريــاء دونمـا أن يقتـرف جريـرة عظمـى أو يرتكـب جنايـة كبرى يستحـق عنـها كلّ هذا الجـزاء واكتـب!

تذَّكـر المعتقليـن القابعيـن وراء أبـواب الزنـازن الموصـدة فـي غياهـب السجـون ظلـماً واكتـب!

تذَّكـر الشيـب الأبيـض الذي اِشتعـل على رأس أبيك الطيِّـب بسبب قلَّـةِ ذاتِ اليـّد ثـمّ اكتـب!

تذَّكـر أنّ هنـاك أنـاساً - يعتبـرهم البعـض سُذجـاً - يلتقطـون الخبـز من الـأرض كلّمـا صادفـواْ فـي طريقهـم كسـرةً منـه، قَـبَّلـوها علـى الوجهـين ووضعـوها داخـل ثقـبٍ فـي أقـرب جـدار مُهمـل قبـل أن يستأنفـوا مشيتهـم علـى الأرض هونـاً، حينـها اكتـب!

تذَّكـر أن هناك كائنـات تشبهـك تمامـاً، تحمـل نفس ملامـحك وصِفاتـك أيضـاً، تلتحـف السمـاء وسـط العـراء فـوق أرصفـة الوطـن الباردة، مُتوسّـدةً كارطـوناً تُبلِّـلُـها الأعيُـن كـلّ ليلـة بالدمـوع قبـل أن يُغمـض لهـا جفـنٌ واُكتـب!

تذَّكـر أن هناك من النساء مـن لا تجـد مـا تسُـدّ بـه رمقهـا اِلّا بعـد فتـح فخذيـها فـي وجـه من يدفـع مـا يقيـها مـن التضَـوُّر جوعـاً فاكتـب!

تذَّكـر أنّ الإنسان هـو القلـب. أقـول الإنسان هـو القلـب! وأن الإنسـان بـلا قلـبٍ هـو مجـرد كتلـة فارغـة من أيِّ جوهـر ثـمّ اكتـب!

تذَّكـر أن الألـم مصـدر قـوة، والحـزن طاقـة وشحنـة، واُكتـب!

تذَّكـر أنك مهمـا كبـُرتَ فـي مقامـك وصارت قامتـك مديـدة فاِنـك لـن تبلـغ الجبـال طـولا، اِبـّانها اُكتـب!

تذَّكـر أن الحيـاة زائلـةٌ لا محالـة، لا أنـا ولا أنتَ نبقـى، ومـا من أحـدٍ كذلـك فيهـا بـاقْ! ولكـن وجـه ربـك ذو الجـلال والإكرام وحـده الباقي واكتـب!

تذَّكـر قاضـياً ليـس هناك مـن هـو أعـدل منـه حُكمـاً، اِسمـه "الله" الـذي حتمـاً سـوف ترجـع اِليـه يومـاً، لِـتمتثـل بيـن يديـه فـي محكمـةٍ عُليـا حيـث لا يُظلـم عنـده أحـدٌ وبعـدها اُكتـب!

اُكتـب بألـم اُكتـب بقـوة اٌكتـب بنرفـزة اُكتـب بعنـفٍ اُكتـب بحرقـة وكـأن بـك غصـّة لـن تـزول تعتـرض الحنجـرة كحجـرة عثـرة.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح