المزيد من الأخبار






المهاجرون المغاربة بين فشل برامج الاندماج وتحديات الدفاع عن المواطنة


المهاجرون المغاربة بين فشل برامج الاندماج وتحديات الدفاع عن المواطنة
بقلم: سليمان بلغربي

يشكل المهاجرين الأمازيغ الأغلبية الساحقة من القوة البشرية المهاجرة المغربية المقيمة بالمهجر مقارنة بالناطقين بالعربية. ويعتبر الريف أحد أكبر المناطق المصدرة للهجرة بالإضافة إلي سوس. كما يعتبر الإحاطة بهذه المعطيات ضرورة من اجل فهم مجموعة من الحقائق حول الوضع الهوياني والاجتماعي والنفسي اللذين يعيشهما المهاجرين في دول الاستقبال والذي لا يختلف من ناحية الاهتمام بالهوية الأصلية عن الوضعية في المغرب مع بعض الاستثناءات التي تقوم بها بعض الجهات الرسمية ومجموعة من الاجتهادات التي تبذلها الأجيال الصاعدة المؤمنة بالهوية الأمازيغية.

الهجرة من مصدر للعملة الصعبة إلى مبعث للقلق

عملت الدولة المغربية مند بدابة مسلسل الهجرة أو التهجير ممثلة في وزارتي الداخلية والخارجية على مراقبة حركية المهاجربن عبر خلق وداديات كآلية إضافية تقوم بدور المقدم والشيخ واستعملت الخطاب الديني الوهابي بمساعدة من السعودية التي وجدت في المهاجرين القادمين من دول شمال إفريقيا وشرق آسيا وسيلة لغزو بعض الدول الأوروبية بأيدلوجية الوهابيون وخصوصا في فرنسا الني دعمت العروبة عبر التاريخ كما أن بريطانيا دعمت الفكر الأصولي من أجل استعماله لصالحها ضد الدول الإسلامية عبر فتح أبواب الإقامة للمعارضة الإسلامية.كل هذه العوامل ساهمت في سيطرة الإنتماء الديني علي الهوية القومية مما جعل الجميع يتحدث عن عدد المسلمين في أوروبا وليس عن حجم ايمازيغن، إلا أن انحراف الخطاب الوهابي مع مصالح الغرب وبروز نخب دينية وهابية تريد تزعم الخطاب الوهابي مع ظاهرة بن لادن وانفجارات نيويورك ومدريد ولندن والمحاولات الأخرى واغتيال المخرج الهولندي جعل الأنظمة السياسية تعد النطر في سياسة الإدماج وكيفية التعامل مع الجانب الديني حيث قامت مجموعة من الدول الأوروبية بتأسيس مركز شبه حكومية لمراقبة الشأن الديني، مثل المجلس الاستشاري الإسلامي بفرنسا واسبانيا من أجل تفادي انحرافات ولاحتواء المرشدون الدينين الذين استفادوا من الجو العلماني للترويج بكل حرية لخطاب الراديكالي المحرض للمسلمين ضد الغرب الذي يستفيدون منه اقتصاديا واجتماعيا وعاد النقاش في مسألة العلمانية وحرية الاعتقاد في كل الدول الأوروبية التي يوجد بها المسلمين رغم كون كل الشعوب الأوروبية قد حسمت في العلمانية منذ عقود.
كما أن الدولة المغربية انتبهت إلى الانفلات الخطير الذي يعيشه الشأن الهجروي من تحوله إلى وسيلة لتصدير الإرهاب عوض العملة الصعبة في السنوات الأخيرة وعملت إلي تخصيص ميزانية لتنظيم الشأن الديني في الداخل والخارج وفي استقطاب بعض الفعاليات المهاجرة للقيام بدور شبه استخبارتي ودمجها في المجلس الأعلى للمغاربة المقيمين بالخارج، هذه المبادرة تعبر عن تخوف الدولة من أن يصبحوا مغاربة العالم سببا في توترات دبلوماسية للمغرب ومن الانحراف عن الاعتدالية والوسطية التي كان يروج لها المغرب رغم كون الدولة المغربية ساهمت غي إذكاء قيم العروبة والإسلام الوهابي الرافض للتعددية في عقلية المغاربة وأصبحت برامج الاندماج الأوروبية لا تؤثر في المهاجرين مما جعل النخب السياسية تبني خطاب مضاد للإسلام والمسلمين وتدافع عن وسائل للبناء المواطنة عبر تمتيع المهاجرين بحقوق المشاركة السياسية.

المهاجرين بين برامج الاندماج والحق في المواطنة

ساهمت التغييرات الهرامية في أعمار المهاجرين وتجديد خريطة الهجرة بأجيال شابة والذين حاول البعض منهم التمرد علي الروتين الكلاسيكي المتمثل في العمل والمسجد. العطلة الموسمية عبر انخراط المهاجرين في العمل الجمعوي الثقافي منه والسياسي بشكل جعل مجموعة من الفعاليات في الساحة العمومية تدفع عن الحق في المواطنة عوض برامج الاندماج الموجهة من طرف الأحزاب المتعددة الإيديولوجية والتي تغير تعاملها مع المهاجرين حسب الضرورة الانتخابية.
ولقد ساعدت نمو موجات العداء للمهاجرين المغاربة في مجموعة من الدولة إلي تحريك القوة الناخبة من أصول مغربية في هولاندا وبلجيكا... من أجل قطع الطريق علي قوى اليمن المسيحي والمتطرف والتصويت علي الاشتراكيين والخضر رغم كون أفكار هذه الأحزاب تتنافي مع العقيدة الدينية للمغاربة،هذا يجعل من الصعب الحديث عن وعي سياسي حقيقي بالمشاركة في الحياة العامة لا تبقى قوة انتخابية انفعالية في الغالب دون نفي بوجود نخب سياسية مهاجرة إلا أنها مرتبطة بأفكار العروبة والمشرق أو مندمج مع هوية الآخر أي البلد المضيف وأحيان يكون الصوت المهاجر من اجل التضامن مع قضايا لا تلزمه وتقوم على محدد عاطفي فقط.

مشاكل متعددة وانفصام الهوية

يجمع الكل أن المهاجرين المغاربة من الأجيال الأولى يريدون فقط الاستفادة من المساعدات المالية للبرامج الحكومة الدول المضيفة، مما جعل الأجيال الصاعدة تعيش في أزمة انفصام الهوية وفقدان الارتباط بالهوية الأصلية والذوبان في هوية الآخر التي يرفضها المجتمع الأصلي والأسرة ليصبح المهاجر مغرقا في أساليب تسوية الوضعية القانونية أو تمديد الإقامة والتجنس بالإضافة إلي غياب الشغل بسب ضعف التكوين المهني والعلمي والأزمات الاقتصادية التي تعصف كل مرة بالاقتصاديات الهشة لمجموعة من البلدان.
كما أن سلوك المجتمع المضيف أصبحت يؤثر على البنية العائلية والاجتماعية المهاجرين خصوصا مع تناقض التشريع المغربي مع المشرع الأجنبي وانهيار الأسر وكثرة الطلاق وتصاعد نسب امتهان الإجرام في الجيل الثالث حسب التقارير الحكومية.

الأمازيغية والهجرة وسؤال اللهوية

في السنوات الأخيرة لوحظ تطور الحضور الأمازيغي في المهجر نتيجة تزايد الوعي بأهمية العمل علي الحفاظ علي الهوية الأمازيغية للمهاجرين من خلال الأنشطة الثقافية للجمعيات الأمازيغية في المهجر والإسهام في إعداد الأفكار المتعلقة بكيفية التعامل مع المهاجرين الأمازيغ من طرف برامج الحكومات المضيفة وخلق وعي لدي الفاعلين السياسيين بوجود أمازيغ والوقف عن حصر الهوية المغربية في الإسلام واللغة العربية خصوصا مع تلاقي الخطاب الأمازيغي مع الشعوب التي تشترك في الاضطهاد أو سيطرة لغة المركز علي الثقافة الأصلية.
وتعتبر التجربة الكاطلانية مبادرة نوعية في ميدان إشراك المهاجرين وهويتهم الأصلية لخلق آليات جديدة للاندماج المبني علي احترام الهوية الأصلية لتنمية التفاعل الحضاري والطوعي مع المجتمع المضيف عبر الاهتمام باللغة والثقافة الأمازيغيتين ووقف مشاريع الاندماج الاستنساخي التي فشلت في تحقيق التعايش الإنساني بين المهاجرين والسكان الأصليين. إلا أن غياب مؤسسات ومبادرات رسمية من طرف الحكومة المغربية لدعم الأمازيغية والتعريف بالثقافة المغربية بتعدديتها في إطار برامج الفعل التربوية والثقافية موجهة للمهاجرين المغاربة لخلق توزان بين القيم الروحية والثقافية والطموحات المادية والابتعاد عن سياسة المراقبة ومنطق البقرة الحلوب في النظرة إلى المهاجر الذي يعتبر ضحية مزدوجة للعنصرية والاستغلال.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح