المزيد من الأخبار






المغرب مهدد بفقدان "السيادة" الدينية والروحية في مليلية المحتلة


المغرب مهدد بفقدان "السيادة" الدينية والروحية في مليلية المحتلة
توفيق سليماني


صراع الهيمنة على تدبير الحقل الديني الإسلامي في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية بين المغرب وإسبانيا، دخل معركة الحسم منذ بداية هذا الشهر، والمغرب مهدد بفقدان “السيادة” على الأمن الديني والروحي في الثغرين، بعد أن قامت الدولة الإسبانية بالتنسيق مع اللجنة الإسلامية بإسبانيا التي يرأسها السوري رياج ططري، بتنفيذ وعدها القاضي بمباشرة عملية تسجيل الأئمة المغاربة التابعين لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية أو المستقلين، في “سجل رجال الدين” التابع لوزارة العدل الإسبانية.

في المقابل، حاولت “أخبار اليوم” الاتصال بوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، والوزارة، لأخذ رأيه بخصوص التطورات الجديدة، إلا أنه لم يجب؛ لكن مصادر مغربية مطلعة، أوضحت للجريدة أن المغرب متوجس من هذه التطورات، لاسيما أن تدبير الحقل الديني بين الرباط ومدريد في سبتة ومليلية تطغى عليه “الحساسية”. مع ذلك، ترى المصادر ذاتها أن العلاقات الممتازة إلى حد غير مسبوق بين البلدين منذ بداية السنة الجارة، تضمن التوافق وتدبير “المبادرة” الجديدة لوزارة العدل الإسبانية في ما فيه خدمة للأمن الروحي لمسلمي المدينتين ومحاربة كل أشكال التطرف.

مصدر آخر جيد الاطلاع ومن بين الأئمة المغاربة في سبتة ومليلية كشف بالحرف للجريدة قائلا: “لا أظن أن الأئمة سيوافقون على ذلك لكونهم تابعين لوزارة الأوقاف، ويتقاضون أجورهم منها”. واستطرد قائلا: “ولا أظن أن الدولة الإسبانية ممكن أن تعمل عملا كهذا دون موافقة المغرب لكونه الراعي الرسمي للشؤون الدينية داخل سبتة ومليلية”. في حين أكد لنا إمام مغربي في سبتة قائلا: “كنت قد سمعت بهذا الأمر (عملية التسجيل) العام الماضي، لكن لم أجد شيئا منه على أرض الواقع”.

في هذا الصدد، توقعت مندوبية اللجنة الإسلامية الإسبانية بسبتة، مباشرة خلال شهر غشت الجاري عملية تسجيل في “سجل رجال الدين” التابع لوزارة العدل الإسبانية، “كل” الأئمة الدينيين المسلمين في مختلف مساجد ودور العبادات في المدينة، والذي يناهز عددهم 60 إمام تقريبا، 6 تقريبا تم ضمهم إلى “سجل رجال الدين” في الأسبوع الأخير لنهاية يوليوز المنصرم.

محمد علي، مندوب اللجنة الإسلامية الإسبانية بسبتة، أوضح أنه إلى حدود بداية الشهر الجاري، كان نحو 15 إماما مسلما مسجلين في “سجل رجال الدين”. وفي محاولة لاستمالة الأئمة الذين لازالوا تابعين لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، والذين يشكلون الأغلبية، نظرا إلى أن جل مساجد المدينة يديرها ويمولها المغرب، قال محمد علي إنه لمن “الإيجابي” أن ينخرط الأئمة في “سجل رجال الدين”، وفق وكالة الأنباء “أوروبا بريس”.

هذه الأخيرة أشارت، كذلك، إلى أن هذه المبادرة الإسبانية أثارت قلق مندوبية الشؤون الإسلامية المغربية بمليلية، ما دفع بعض الأئمة إلى التخلي عن التسجيل في “سجل رجال الدين”. علما أن “سجل رجال الدين” الإسباني يضم “10019 رجل دين: 9389 كاثوليكيا، و392 شهود يهوه و114 أرثوذكسيا و45 بوذيا و33 إنجيليا و30 مسلما و8 وثنيين و4 يهود”، وفق إحصائيات وزارة العدل الإسبانية المحينة في 31 أكتوبر 2017.

مصدر مقرب من الأئمة المغاربة في سبتة ومليلية، قال للجريدة إن اللجنة الإسلامية الإسبانية ليس لديها تأثير أو ارتباط بالأئمة المغاربة في المدينتين المحتلتين، ولا حتى مندوبها محمد علي. وأضاف قائلا: “كل المساجد ودور العبادات في المدينتين تابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية”، لهذا لا يعتقد- المصدر- أن الأئمة المغاربة سينخرطون في “سجل رجال الدين”. المصدر الذي كان يشتغل أيضا إماما في سبتة أكد لنا قائلا: “لو كنت أشتغل إماما في سبتة اليوم، لن أقبل الانخراط في سجل رجال الدين الإسباني”.

مصدر آخر مطلع أوضح للجريدة قائلا إن المغرب يمول كل المساجد تقريبا في سبتة ومليلية، حيث يدفع لكل إمام 5300 درهم، و3000 درهم لخطيب يوم الجمعة، و2500 درهم للمؤذن، قبل أن يتساءل: كيف لمن يتقاضى أجرا مقابل عمله أن ينخرط في أي سجل دون الحصول على موافقة من يدفع أجره؟”.

وأردف أن اللجنة الإسلامية الإسبانية لا سلطة لها على الأئمة ولا المساجد، إذ إن أغلب المساجد يدبرها ويمولها المغرب، فيما تسييرها اليوم يعود للجمعيات التي تشرف عليها. في المقابل، سبق لأحمد موح، واحد من الأئمة البارزين بمليلية، أن أوضح قائلا: “يبدو أن إجراء التسجيل أثار نوعا من القلق والتوجس لدى مندوبية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالناظور”.

المصدر ذاته اتهم، ضمنيا، وزارة الأوقاف بالضغط على الأئمة المغاربة لرفض التسجيل في سجل الهيئات الدينية، إذ أوضح قائلا: “الشيء الذي دفع الأئمة بمدينتنا إلى تلقي تعليمات من أجل رفض التسجيل”.

تحقيق سبق ونشره الموقع الإلكتروني “شبكة سبتة”، كشف أن وزارة أحمد توفيق تخصص ميزانية تقدر بمليار و245 مليون سنتيم، من أجل مراقبة وضمان السير العادي لحوالي 31 مكانا لأداء الشعائر الدينية الإسلامية في مدينة سبتة: 15 مسجدا و16 دورا للعبادة، حوالي 700 مليون سنتيم سنويا توجه لتسديد رواتب 125 إماما ومؤذنا وخطيبا ومرشدا.

هذه الميزانية، وفق المصدر، تنقسم إلى قسمين: أولا، 700 مليون سنتيم سنويا توجه لتسديد رواتب 125 إماما، ومؤذنا، وخطيبا، ومرشدا، على الأقل، تم التعاقد معهم لخدمة مغاربة المدينة؛ ثانيا، حصة أخرى توجه إلى المصاريف الدورية، مثل الكهرباء، الذي يكلف الوزارة 200 مليون سنتيم سنويا، والماء بـ120 مليون سنتيم، والصيانة بـ130 مليون سنتيم، وبعض المصاريف الأخرى الطارئة التي قدرت بـ95 مليون سنتيم.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح