المزيد من الأخبار






المصطفى قريشي.. هذه سيناريوهات وتحديات فيروس كورونا قبل 20 أبريل


المصطفى قريشي.. هذه سيناريوهات وتحديات فيروس كورونا قبل 20 أبريل
*المصطفى قريشي
في مستهل القول، لا نملك جميعا سوى أننترحم على جميع موتى فيروس كورونا،ونسأل الله تعالى أن يتقبلهم عندهمن الشهداءوالصالحين،وأن نتوجه بصادقتعازينا لأسر المتوفين، راجين منلله عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان.

كما لا يستقيم الحديث ، إلا بعد تقديم تحية ملؤهاالاحترام وتقدير، لكل من ساهم ، ويساهم ، ويبادر ويجتهد ،ويقف في خندق مواجهة تداعيات هذه الجائحة، معرضا نفسه وسلامتهللخطر بل الموت حماية للوطنوالمواطنين، وأخص بالذكر الأطر الصحية ،والطبية بكل تشكيلاتها(الذين دخلوا في حجر صحي كامل بعيدا عن أسرهم و أبنائهم من أجلنا جميعا)، والأطر التعليمية بمختلف أسلاكها:أساتذة وإداريين وتقنيين بمجهوداتهم للمساهمة في عدم ضياع الزمن التعليمي لأبناء هذا الوطن، ورجال الأمن بمختلف تشكيلاتهم حماية وحرصا على راحة الجميع، وكل المبادرات الإنسانية،والإحسانية والتضامنية التي قامت بها مختلف هيئات المجتمع المدني من مؤسسات ،وأحزاب ،وجمعيات، والتي أبانت عن أصالة هذا الشعب، وتجذر قيم التضامن والتكافل بين مختلف مكوناته.

وسط مخاض عالمي تعيشه البشرية قاطبة ممسكة على قلوبها، راجية، ومنتظرة بارقة أمل تعيد الحياة لسابق عهدها.

مخاض ينبئ بولادة وانبثاق نظام ومنظومة عالمية بأهداف ، ومبادئ وأولويات جديدة، والمغرب جزء لا يتجزأ منها ، حيث تشهد العديد من المدن المغربية ارتفاعا مطردا في حالات ثبوت الإصابة بفيروس كورونا المستجد كوفيد 19، على الرغم من المجهودات الكبيرة والمتنوعة التي تقوم بها مختلف مصالح الدولة ووسائل الإعلام السمعية والبصرية ومواقع التواصل الاجتماعي، للحد من تفشي الظاهرة و الحرص على ضمان احترام فترة الحجر الصحي وتدابير التباعد الاجتماعي، والانضباط لمختلف إجراءات حالة الطوارئ الصحية التي كان الغرض والمنتظر منها أن تظهر بشكل آمان بؤر تفشي الوباء، ومن ثم تحديدها بشكل دقيق قصد التمكن من عزل المصابين ومحاصرة الفيروس وضمان عدمانتقاله إلى بؤر أخرى.

رغم كون المغرب من الدول التي قامت بعدة مبادرات استباقية شجاعة بغلق المجال الجوي، والبري،والبحري وإعلان حالة الطوارئ الصحية واتخاذ مختلف التدابير الأمنية والاقتصادية والإدارية والمهنية الاجتماعية لضبط حركية وتنقل المواطنين وتهيئ مختلف الظروف والمستلزمات الأساسية التي تدخل الطمأنينة على المواطنين، قصد حثهم وتشجيعهم على البقاء في المنازل للحد من تفشي الوباء، إلا أننا نشهد العديد من الممارسات التي تضرب في العمق هذه التدابير الاحترازية والوقائية وتجعلنا أمام مظاهر استهتار واستخفاف.

مظاهر تتجلى في التحايل على هذه التدابير والخروج اليومي من المنازل،لاقتناء أغراض تعد تافهة دون استحضار حجم المخاطرة التي يعرض فيهاالشخص بخروجهنفسه وعائلته والمجتمع لها.

فضلا عنعدم أخذ العديد من المركبات التجارية ومراكز التسوق أو الوكالات، احتياطات احترازية ووقائية، حيث نجد تجمعات بشرية أمام هذه المراكز والتي تشكل بؤراحقيقية لانتشار الوباء.

ناهيكعن جشع العديد من المضاربين والمتاجرين بمآسي المواطنين من خلال احتكار السلع وتخزينها ورفع أثمنها، ممايدفع عدد من المعوزين وضعيفي الحالة إلى التنقل بشكل يومي وبين محلات عديدة،علهم يجدون ما يريدون بثمن مناسب، وهذاعامل خطير يزيد إمكانية تفشي الوباء.

أمام هذه الوضعية المعقدة والمتشابكة والمتضاربة بين التدابير الاحترازية والوقائية التي اتخذت من طرف مختلف الهيئات والمؤسسات والجمعيات والأفراد وبين تواجد عدد كبير من المواطنين خارج الحجر الصحي إما استهتارا وتحايلا على هذه التدابير،أو لجشع بعض المضاربين، وعدم فعالية بعض التدابير المتخذة للحد تنقل وخروج المواطنين، يجعلنا جميعا أمام خيارين لا ثالث لهما إما النجاة جميعا - والخروج من هذه الجائحة بأقل الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية على مستوى الأفراد والدولة. وإما لا قدر الله كما قال "راعي نظرية القطيع" استعدوا لوداع أحبابكم، بل أكثر من ذلك لخسارة اقتصادية واجتماعية فادحة ستبقى تداعياتها ومآسيها لسنوات عدة تؤثر على مستقبل أبناء هذا الوطنجميعا، لأنه لا مجال للنجاة الفردية مهما بلغ دهاء وتحايل وإمكانية البعض فالجائحة تأكل الأخضر واليابس أرواحا واقتصادا ونموا و...كما قال طارق بن زياد" لا مفر.." فالجائحة تحيط بنا من كل جانب، لذلك ومن أجل بسط هذه الثنائية المتناقضة المركبة (الحياة أوالموت)لابد من إعطاء نبذة بسيطة عن الخيارات أو السيناريوهات المتوقعة أو المحتملة للفترة القادمة لما قبل وبعد 20 أبريل:

أفضل السيناريوهات المأمولة:
-التزام الجميع بشكل صارم لعشرةأيام المقبلة بتدابير التباعد الاجتماعي، والحجر الصحي -البقاء في المنازل- والخروج فقط للضرورة القصوى التي لا محيد عنها، وتجنب جميع التجمعات البشرية مهما كانت بسيطة، واتخاذ أقصى درجات الاحتياط، وضرورة التشديد من الإجراءات الزجرية في حق المخالفين وعدم التساهل إطلاقا إلا في الحالات الاجتماعية المستعجلة. أما باقي النقاط التالية تتوقف على نجاح وفعالية هذه الأولى.

-نجاح وفعالية مختلف التدابير الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والصحية والوقائية من الحد من تنقل وخروج المواطنين، وبالتالي تقليص بؤر تفشي الوباء.

-ظهور جل البؤر الوبائية الفردية أو العائلية وضبطها بشكل دقيق ومعالجتها،خاصة مع تزايد مراكز التحاليل الطبية وسرعة ظهور النتائج، وتعزيز الإمكانيات الاستشفائية.

-غلق وفرض الحجر الصحي على عدد من بؤر التفشي أحياء أزقة والمناطق الصغيرة للحد من انتشار الوباء.

-رفع الحجر الصحي بشكل متدرج في المدن التي تشهد تناقصا أو أعدادا قليلة من حالات تفشي الوباء.
-الإبقاء على الحجر الصحي بين المدن، والإغلاق الخارجي للبلاد.

-عودة الحياة تدريجيا لمختلف مناحي الحياة مع التزام أقصى درجات الاحتياط، وبقاء مراكز التجمعات مغلقة –مساجد، مدارس، مرافق التجمعات البشرية الكبرى-، (حتى لا نأمل كثيرا فالمعركة مع الوباء لازالت في بدايتها ويلزم الكثير من التضحية.)

-عودة الحياة الدراسية بعد ذلك بعدة أسابيع إلى حين التأكد من عدم عودة الوباء للتفشي مجددا غالبا – نهاية ماي- بعد وضع تدابير وقائية صارمة من ممرات التعقيم وتعقيم جميع المرافق.

- الخسائر على الاقتصاد الوطني والوضعية الاجتماعية نسبيا يمكن تداركها، وانطلاق عجلة التنمية بأقل الأضرار على الجميع، خاصة مع مختلف التدابير المتخذة من قبيل صندوق تدبير الجائحة، واعتماد الحكومة على خط الائتمان الخاص لتوفير الاعتمادات المناسبة لتقوية الاقتصاد الوطني.

-التمكن من إيجاد لقاح فعال في العلاج وفي الوقاية من الإصابة بهذا الفيروس

أسوأ السيناريوهات المتوقعة لا قدر الله:
- تواصل استهتار عدد من المواطنين والتحايل على تدابير الحجر الصحي، وعدم التوجه إلى المستشفيات في حالة الإحساس بأعراض الوباء، سيؤدي إلى نشر ووصول العدوى إلى مناطق كثيرة وخاصة مناطق تواجد وتوافد المواطنين – مراكز التسوق والمحلات التجارية-، وظهور بؤر عائلية كبيرة ترفع من أعداد المصابين أو الحاملين للفيروس مع عدم ظهور أعراضه عليهم.
-عدم فعالية التدابير والإجراءات المتخذة من طرف الدولة للحد من تنقل وخروج الأفراد.

- ارتفاع عدد المراكز الخاصة بتحليل العينات وارتفاع عدد الأشخاص الذين يتم فحصهم يؤدي إلى ظهور الحالات المصابة بشكل أكثر وبؤر أكبر، أي ظهور موجات كبيرة للإصابة بالفيروس، وتزايد أعداد الحالات الحرجة والخطيرة.

-ظهور بؤر عائلية ومناطقية ذات كثافة سكانية كبيرة سيفاقم من أعداد المصابين ومحدودية إمكانية السيطرة عليه.

-عجز المنظومة الصحية والطبية في الاستجابة والتكفل بكل الحالات بنفس التدابير والإجراءات والسرعة وخاصة مع تزايد أعداد المصابين في وضعية حرجة وبالتالي سيفاقم من أعداد الوفيات.

-استمرار حالة الإغلاق التام للمدن وتشديد تدابير الحجر الصحي، وإغلاق أحياء وشوارع ومنع كامل للحركة.

-تعطل مختلف المرافق والمصالح الحيوية وتعطل الدراسة، مما سيضيع وقت مهما من حياة ومستقبل الأجيال الصاعدة، ومن زمن التنمية للوطن.

-تدهور وتضرر كبير للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية سيفاقم من صعوبة العودة إلى الحياة العادية مجددا، وبالتالي ستطول أكثر وتتشدد تدابير التقشف ونقص الحاجيات الأساسية وضعف القدرة الشرائية وغلاء المعيشة، وصعوبة مواكبة وإقلاع الشركات والمقاولات المتضررة، مما سيزيد من المشاكل الاجتماعية بسبب فقدان عدد كبير من اليد العاملة مصدر رزقها، وبالتالي اللجوء مجددا إلى سياسة الاقتراض والإعانات الخارجية التي سترهن مجددا اقتصاد البلاد وبالتالي تعطيل عملية التنمية المأمولة.

-تضرر بنية الاقتصاد الوطني بشكل كبير يصعب معها تدارك هذه الأضرار في وقت قريب، مما سيؤثر سلبا على مختلف المشاريع والأوراش والإصلاحات التي كان المغرب مقبلا عليها نظرا لتوجيه كل المجهود للحد من الوباء وخاصة من الناحية الصحية والاجتماعية، وبالتالي توقف عجلة التنمية والتي سيتضرر منها الجميع، بل أكثر من ذلك يمكن أن يرهن مستقبل الأجيال القادمة ويؤثر على فرصها في مستقبل زاهر وحياة آمنة.

وخلاصة القول هي أن هناك خيط رفيع – شعرة معاوية- بين النجاة والخراب، فمقارنة بسيطة بين الأسوأ والأحسن تظهر بجلاء حجم الكارثة والدمار الذي يمكن أن يحدث لمختلف مناحي الحياة،والخسائر الفادحة في الأرواح،وعلى مستوى البنية الاقتصادية والأوضاع الاجتماعية.

وبين النجاة وعودة الحياة إلى طبيعتها والاستمرار في تنمية الوطن وبناء مستقبله، تلك الشعرة الفاصلة بين الأحسن والأسوء هي بقاء الجميع في المنازل والتزام تدابير الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، وفعالية التدابير المتخذة من طرف الدولة، حتى ننجو جميعا ونحافظ على وطننا ومستقبلنا ومستقبل أولادنا.
التحديات في خضم معركة الحجر الصحي:
التحدي الجماعي: الدفاع الذاتي أو الحماية الذاتية، أو الوعي الذاتي، حيث لا يمكن للدولة أن تتواجد في كل الأماكن وأن تراقب وتصلإلى كل مخالفي الحجر الصحي، لذا علينا جميعا أن نعمل على نشرالوعي والتحسيس بخطورة خرق الحجر الصحي، ومحاولة منع هذا الخرق بالوسائل المتاحة قانونيا.

تحديات سياسية: على الدولة ممثلة في الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية وجميع هيئات المجتمع بمختلف تلاوينها وتشكيلاتها التكاثف وتوحيد الجهود ونبذ الخلافات والاستغلال السياسوي للظرفية،فالمعركة هي معركة الجميع وسوف ينتصر فيها الوطن.

-ضرورة اشتغال مؤسسة الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية لوضع تدابير اقتصادية واجتماعية من خلال مشاريع أو مقترحات قوانين لتدارك أضرار الجائحة على مختلف الأصعدة.

-تحديات اجتماعية: ضرورة تكاثف جهود التضامن والتآزر والتكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين والمعوزين والفقراء، ومساهمة جميع أغنياء الوطن في دعم صندوق تدبير جائحة كورونا لأنه سيوفر اللوازم الصحية والأدوية وكذا مستلزمات المعيشة للفئات الاجتماعية المتضررة، وسيدعم الاقتصاد الوطني.
تحديات تعليمية: بالرغم من كون التعلم عن بعد ليس بديلا للفصل والقسم والمدرسةوالجامعة، وخاصة في جانبها البيداغوجي، ولكون عدد من الأسر بالعالم القروي أو الفقيرة لم تتمكن من ولوج هذه الخدمات، وعدم إلمام عدد من الأسر بهذه التقنيات الحديثة، لابد من التفكير بشكل جدي في الوسائل الكفيلة بتدارك هذا النقص واستيفاء المواد التعليمية، وابتكار بدائل لإنقاذ السنة الدراسية.

تحديات تقنية تكنولوجية: أظهرت هذه الجائحة حاجتنا إلى رقمنة الإدارة ومختلف مرافقها وتعميمها على مختلف الإدارات والمؤسسات وخاصة المؤسسات التعليمية والصحية والإدارية.

تحديات أمام الجماعات الترابية: توجيه كافة مواردها وإمكانياتها لمحاربة الجائحة ودعم الأسر المعوزة وتوفير الحاجيات والخدمات العمومية الأساسية وتسهيل وتنظيم ومراقبة أماكن تسوق وتواجد المواطنين لقضاء حوائجهم.

تحديات البحث العلمي: توجيه كامل الدعم والإمكانيات لمختلف مؤسسات وهيئات البحث العلمي وخاصة في الجانب الصحي والتعليمي والاقتصادي والاجتماعي.

-تحديات أمام السلطات العامة الوطنية والمحلية: ضرورة تشديد التدابير الاحترازية وعدم التساهل مع خرق حالة الطوارئ، سواء من طرف المواطنين، أو من طرف مقدمي الخدمات من خلال مراقبة الأسعار وجودة المنتوجات ومحاربة الاحتكار.

مسؤوليتنا جمعيا قبل 20 أبريل
البقاء في المنزل.. عدم الخروج إلا للضرورات الملحة والأساسية.. توخي أقصى درجات الوقاية والاحتياط.. تعزيز وتقوية التدابير المتخذة للحد من خروج المواطنين...
عشرة أيام ..."الفرج صبر ساعة"


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح