المزيد من الأخبار






القصة الكاملة لسقوط المفتش "الوهمي" بالناظور.. هكذا وقعت مديرة مستشفى الحسني ومندوبة الصحة في الفخ


القصة الكاملة لسقوط المفتش "الوهمي" بالناظور.. هكذا وقعت مديرة مستشفى الحسني ومندوبة الصحة في الفخ
ناظورسيتي: علي كراجي

لم يكن "م ح"، المتابع في حالة اعتقال بسجن سلوان، يعتقد أن الخطة التي أعدها للإيقاع بمسؤولين في قطاع الصحة بالناظور ستنتهي بوضعه رهن الاعتقال الاحتياطي والمتابعة القضائية، بعدما حالت يقظة مصالح الشرطة القضائية ومديرية مراقبة التراب الوطني، دون إتمام العملية التي بدأها منذ الأسبوع الأول من نونبر المنصرم، في وقت كان قد باشر فيه مهمته المزيفة حين قدم نفسه لمديرة مستشفى الحسني وإداريين آخرين بأنه مفتش تابع لوزارة المالية وقاض بالمجلس الجهوي للحسابات، وبأنه قدم خصيصا لتقصي حقيقة الاختلالات التي يعرفها المركز الاستشفائي الإقليمي، مستغلا بذلك قربه من أحد الموظفين الذي تمكن من الوصول على حسابه إلى مجموعة من المعلومات السرية، بالإضافة إلى استغلاله لمعطيات أخرى تتعلق بسياسات الإدارة المركزية وتجاوزات أدرجت ضمن سؤال وجهه برلماني إلى وزير الصحة.

وتحصلت "ناظورسيتي"، على معلومات مهمة، حول الأفعال التي كان يقوم بها المشتبه فيه، والذي ينتظر إحالته على المحكمة للبت في صك الاتهام الموجه إليه والمتعلق بالتزوير في محررات رسمية واستعمالها في انتحال صفة ينظمها القانون والنصب والاحتيال. إذ يتبين أن تجوله لأسابيع وبكل حرية داخل مرافق مستشفى الحسني ومندوبية الصحة، واستغلال مكاتب وحواسيب هاتين المؤسستين في أفعاله، تأتت له بفضل دهائه وذكائه ودرايته بالشؤون المالية والمحاسباتية والتجارب التي راكمها خلال سنوات عمله بإدارة الضرائب.

والموقوف، يتعلق بموظف تابع للمديرية الإقليمية للمالية، صدر في حقه قرار بالتنقيل إلى شفشاون، لكنه نتيجة علمه بأنه موضوع عدة شكايات تتعلق بإصدار شيكات بنكية بدون رصيد وأخرى بالنصب والاحتيال بالناظور ووجدة، تمكن من إقناع مسؤوليه في إدارته الجديدة بعدم الالتحاق بعمله، حيث كان يرسل شواهد طبية يحصل عليها من مستشفى الحسني بواسطة صديق له، يعتبر أول واحد أسقطه في فخ خطته المثيرة.


وتمكن "م ح"، من الإيقاع بصديقه "ج ع"، الذي يعمل موظفا بمستشفى الحسني، مستغلا بذلك وفقا لما صرح به للشرطة القضائية، حاجته الماسة للمال بسبب مشاكل إدارية تعرض لها في وظيفته، حيث أكد له أنه ونظرا لكفاءته المهنية وخبرته في مجال الضرائب منذ 2009، سيمكنه من الترقية وتحسين وضعيته، شريطة مساعدته في الوصول إلى المعلومات التي يبحث عنها.

واستغل السالف ذكره، بعض المعلومات التي يتوفر عليها حول مستشفى الحسني، حيث صار يبحث في الانترنت ويطلع على كل معطى يتعلق بوزارة الصحة والإصلاحات الهيكلية التي تعتزم القيام بها للنهوض بالقطاع المذكور، مقررا بذلك انتحال صفة مفتش عام للمالية وكذا صفة قاض بمجلس الحسابات للشروع في مهمته التي لم تكتمل بعد توقيفه من طرف الشرطة.

وحسب مصدر "ناظورسيتي"، كان المشتبه فيه، يصبو من خلال هذه الخطة الوقوف على الاختلالات الممكنة عن مسؤولي مستشفى الحسني، حتى يتمكن من ابتزازهم ومطالبتهم بمقابل مادي لشراء صمته، ولهذا كان يتشارك مع صديقه الموظف في كل صغيرة وكبيرة بالإضافة إلى إطار آخر "ا م" حاول إقناعه بأنه سيساعده أيضا.

وأوهم، الموظفين السالف ذكرهما، أنه مقابلة التستر عليه، سيساعدهما في الترقية، عن طريق الضغط على مديرة المستشفى التي تربطهما بها علاقة مضطربة، حيث أقنعهما بتحسين وضعيتهما المالية المتأزمة نتيجة توقيفهما عن العمل لمدة معينة في وقت سابق نتيجة اختفاء مبلغ مالي مهم من صندوق المستشفى وعملهما على تعويضه عن طريق اقتراض المال والحصول على مساعدات تمكنا من خلالها تسديد المال المختلس بعد مرور ستة أشهر.

وبعد حصوله على المعلومات اللازمة التي كان في حاجة إليها لإنجاح خطته، بدأ المشتبه به، يلج رفقة صديقه الموظف إلى أروقة المستشفى، وكان يقترب من أهدافه شيئا فشيئا بعد مرور الأيام، لاسيما بعدما نجاح الجزء الأول من عمليته، حيث صار يجتمع برؤساء عدد من المصالح، من بينهم مديرة المستشفى نادية البوطي التي اتصل بها شخصيا، ومسؤولة الموارد البشرية، مقدما لهما نفسه بأن اسمه "إ" وحل بأمر من المفتشية العامة لوزارة الصحة، منتهزا بذلك علمه المسبق بوجود مسؤول بهذا المنصب في المؤسسة المذكورة.

وبالإضافة إلى انتحاله لصفة مفتش عام في وزارة المالية، أضاف خلال لقائه بمديرة المستشفى ومندوبة الصحة انه قاض بالمجلس الجهوي للحسابات، وأنه سيزور إدارة المستشفى الحسني من أجل القيام بمهام تدخل في إطار المرحلة التحضيرية للجنة أخرى تتألف من قضاة آخرين.

ولتأكيد ذلك، قام المفتش الوهمي بتزوير عدد من الوثائق، بعدما أعد لقاءات مع مسؤولين في المستشفى تمكن من الحصول منهم على معلومات مهمة تهم اختلالات بالمستشفى والصعوبات التي تعترض علمهم.

وهكذا، فقد زار مديرة المستشفى، التي رحبت به حسب تصريحه للشرطة القضائية بمكتبها، وناقش معها برنامج مهمته الوهمية، حتى صارت تعرفه بنفسها عن باقي الأطر التابعين لها، حيث منحوه مكتبا مستقلا داخل قاعة الاجتماعات لاستغلاله في مباشرة مهامه وهناك كان ينادي على رئيس كل قطب على حدة ويستفسرهم عن الصعوبات والعراقيل التي تعترضهم في عملهم بالإضافة إلى معلومات أخرى متعلقة بوظيفتهم ونوع الخلافات بينهم ومسؤوليهم في محاولة لكسب ثقتهم.

وزار أيضا مكتب مندوبة الصحة، مقدما لها نفسه بنفس الطريقة، حيث أكد في تصريحاته للشرطة، أنها رحبت به عارضة عليه مساعدات لتسهيل مأموريته من قبيل المكتب والسكن إلى غير ذلك، وأخبرته أنه ما دام قد حضر لرصد الاختلالات المهنية، فمن واجبه البداية من أول مكتب بباب المؤسسة وكذلك قسم الصفقات.

وللوصول إلى المعلومات التي يبحث عنها، استغل المذكور الخلافات بين عدد من الإداريين، وبوجه خاص التي طفت مؤخرا بين مديرة المستشفى ومندوبة الصحة، وقد ركز في مهمته "الوهمية" على جوانب عدة إضافة إلى استفزاز مسؤولين آخرين بعبارات ومعطيات تجعلهم يخافون منه لكونه على علم بما يحصل.

وفي هذا الإطار، حاول الموقوف خلال جميع أطوار تنفيذ خطته، استغلال العلاقة المتوتر لمديرة المستشفى بمندوبة الصحة، ومسؤولة أخرى تمكن من خلالها الحصول على معلومات تتعلق بصفقة مورد تربطه قرابة بواحدة من ضحاياه.

إلى ذلك، أكد المشتبه به، وفقا للمعلومات التي حصلت عليها "ناظورسيتي"، أن سيارة حجزتها الشرطة كان يتنقل بها مديرة المستشفى هي التي وفرته له لتسهيل تنقلاته، فيما أكد الحارس العام بالمركز نفسه، أن المركبة تعود لرئيس جمعية للتجار في سوق معروف بالناظور.

وقال المشتكى منه، أن هواتف حجزتها الشرطة القضائية، وفرتها له مديرة المستشفى، ضمنها جهاز نقال تابع للإدارة، بالإضافة إلى هاتفين من نوع "أيفون 12 برو ماكس" و "سامسونغ س21 بلوس"، بالإضافة إلى حاجيات أخرى كان يستعملها في حياته اليومية من بينها قنينة "ويسكي" قال أنه حصل عليه من طرف أحد مسؤولي الصحة في الإقليم.

وأكدت مديرة المستشفى، أنها لا تعلم الطريقة التي حصل بها المذكور على الهواتف، مؤكدة أن هاتف "سامسونغ" اقتنته قبل مدة من إحدى الشركات المغربية.

وحجزت الشرطة أيضا، مجموعة من الوثائق الإدارية المتعلقة بالمركز الاستشفائي الحسني إضافة إلى مبلغ مالي، كان بحوزة المشتبه به أثناء توقيفه قبل أسبوعين.

تجدر الإشارة، أن عدد المسؤولين الذين استدعتهم الشرطة القضائية بالناظور، للإدلاء بأقوالهم في القضية وصل إلى خمسة إداريين، من بينهم مديرة المستشفى التي قدمت نفسها كمشتكية، ومجموعة من الأطر الأخرى، اثنان منهم يتابعان في حالة سراح، عززوا أبحاث المحققين بتصريحاتهم حول الوقائع التي شهدها المرفق السالف ذكره، منذ أن حل به المفتش "الوهمي" الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي ضمن ملف يشرف عليه الوكيل العام بمحكمة الاستئناف.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح