المزيد من الأخبار






الرايس بنكيران بين الانجازات الفعلية والرقص السياسي


الرايس بنكيران بين الانجازات الفعلية والرقص السياسي
ناظورسيتي: ياسين كمالي

بين وعود بنكيران وإنجازاته الفعلية، تكمن حفرة عميقة، فلا عجب أن يصاب المغاربة بإحباط يحرضهم على شراء حبل وكفن. ومهما يكن فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ولعل الرحمة الإلهية تهبط علينا قريبا لتزيح عن مقاعدنا هذا القالب المسبوك على هيئة مصباح .

رغم الظروف الجهنمية التي يتقلب على جمرها المغاربة، مازال الرايس بنكيران يشطح وينطح ويقلي السم للكادحين، كأنه يستعد للمشاركة في مهرجان « موازين » رفقة السيد بوعشرين صاحب الكمنجة ، أو لعله يعيش في كوكب آخر ولا علم له بكون الموظف منصوب والكادح مجرور، والشعب كله مرفوع بالمصباح النائب عن الفاعل، أو ربما هو لا يشعر أصلا بما يعانيه المغاربة نتيجة لقراراته القاسية التي ذبحت قدرتهم الشرائية .

فبعد استعراضه لمواهبه الفنية في الدشيرة الجهادية، ها هو يطل علينا من الرشيدية ليمارس الرقص السياسي، ويستمر في استجداء أصوات البسطاء وتنويمهم بخطاباته الفارغة من كل شيء عدا الأمل الكاذب، وعدا تمثيل دور الضحية المحاصرة بتماسيح وهمية، وعفاريت لا يراها إلا من كان ضليعا في علوم الشعوذة. يبدو أنه أضحى مدمنا على دغدغة إبط الناخبين، لذلك أصر على صبغهم بتلك المقولة الحامضة عن كون المغاربة أذكى شعب في العالم، فلو كان الأمر كذلك لما استطاع الجلوس على مقعده الحكومي ليوم واحد. ولو سلمنا بكون المغاربة هم أذكى شعب في العالم ولا عزاء لليابانيين، أليس من العدل أن يكون لهم رئيس حكومة على مستوى ذكائهم العالمي ؟
إضافة إلى تحرشه بأصوات الناخبين، لم ينس السيد بنكيران أن يستجدي عطف القصر عبر كلمات مدهونة بالمديح والمسكنة، سعيا للتمكين حسب تعاليم الإخوان، كأنه يدرك جيدا أن بقاءه على رأس الحكومة مشروط برضا القصر ودعم الملأ الأعلى. فلا حرج عليه إذن في الرقص والضحك والغناء أيضا إذا أحب، لأن الشعوب إذا شاخت وانحنى ظهرها، رقص عليها بائعو الأوهام مثلما شاءوا، واستخدموا قشور الدين كمغناطيس لجذب الأصوات وتنويم الأدمغة.

ويبقى السؤال الكبير معلقا في الفراغ، ماذا أنجز الأخ بنكيران بعد أربع سنوات تقريبا؟ وهل يملك مفاتيح الحقائب فعلا أم أنه مجرد قرعة حمراء في قصعة كسكس؟ علينا بكل صدق أن نعترف له باقتراف تلك المعجزة التي لم تحدث في التاريخ، حيث استطاع لوحده أن يحارب الفساد والمفسدين بسلاح « عفا الله عما سلف » . ثم إنه كان سخيا بشكل حاتمي حين تصدق على أبناء الأرامل بثلاثمائة وخمسين درهم في الشهر، وعلى هذا الأساس سيتضرع المغاربة إلى ربهم عسى أن يحولهم جميعا إلى أرامل، حتى ينالوا الفتات من يد الزعيم البارع في فنون الرقص والتنويم. هذا الزعيم الذي يرتدي ابتسامة لا لون لها ويمن علينا بنعمة الأمطار، كأنها نزلت ترحيبا به ودعما لحزبه الذي ينتعل الدين بوجه أحمر ويمشي به في وحل السياسة .

لاشك أنه سوف يستمر في كرمه الباذخ و يعدنا بالمزيد، فالقادم أحلى مع حزب المصباح. ومن المتوقع أن يموت المغاربة من الفرحة حين يفي بوعده أو بوعيده المنتظر، فيرفع سعر «البوطة» إلى مئة درهم، وعندئذ سنعود إلى الزمن الجميل، زمن أجدادنا الطيبين الذين كانوا يطبخون طعامهم على أعواد الحطب وروث البغال، ويشربون الشاي بلا سكر .

بدلا من الرقص على البسطاء في الدشيرة والرشيدية، نتمنى من رئيس الحكومة أن يرتدي جلباب الجرأة، ويغامر بتنظيم مهرجان خطابي داخل أحزمة البؤس في ضواحي المدن الكبيرة، هناك سيرى حقا كيف يعيش المغاربة، هناك سيرى عويل النساء بدل زغاريدهن، سيرى تأوهات المرضى والموبوءين، هناك سيرى البطالة تنخر في عظام الحاصلين على الشهادات، هناك سيرى شعبا يعاني في صمت ولا يملك إلا الدعاء على الذين إذا وعدوا أخلفوا، وإذا حدثوا كذبوا على عباد الله . فكيف الخلاص إذن ؟

على أية حال، وبعد أن تحدى رئيس الحكومة كل خصومه السياسيين، وأجهز على أحلام البسطاء والكادحين، لم يبق أمامه سوى أن يتحدى بدر هاري شخصيا، لعل الله يشفي صدور قوم صابرين .


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح