
ناظورسيتي: محمد زاهـد
من بين التطورات التي سجلها وشهدها الحقل الإعلامي بالمغرب خلال السنوات الماضية، ظهور العديد من المنابر الإعلامية، بما يميزها من تنوع وسياقات وإكراهات، والتي أصبحت تصنف ضمن ما يعرف ب "الصحافة الجهوية والمحلية".
ومعلوم أن بروز هذا الصنف من الإعلام، يعكس نوعا من التطور والتحول الذي عرفه قطاع الصحافة والإعلام بالدرجة الأولى. كما يبرز من جانب أخر، حاجة المجتمع لهذا النوع وهذا الصنف من الصحافة في ظل التحولات الجارية.
وبطبيعة الحال، وبعد مرور عدة سنوات على بداية نشوء وتشكل الإعلام الجهوي والمحلي، في مختلف تجلياته وبشتى أصنافه، فقد أصبح من الضروري تقييم مسار عقدين من التراكم الذي تحقق ضمن هذا الإطار. تقييم تجربة بما ارتبط بها من أسئلة تتعلق بطبيعة أهمية ووظيفة هذا الصنف من الإعلام، وكذا العوامل التي كانت وراء هذا التحول. إضافة إلى سؤال طبيعة الخصوصية التي تميز ما يعرف ب «الصحافة الجهوية والمحلية» وكذا التحديات والاكراهات المطروحة أمامها..
علاوة على ذلك، هناك أسئلة أخرى مشتركة بين باقي أصناف الإعلام الجهوي والمحلي، خاصة المكتوب منه، وهي أسئلة تهم أساسا الشروط القانونية والمادية القائمة، والرهانات التي يواجهها في ظل التحولات الحالية والتي تسجل على صعيد عدة مستويات، لاسيما في ظل بروز تقنيات الإعلام التي توفرها الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
وعلاقة بالاسم الذي أصبح يطلق على هذا الصنف من الإعلام، فالأمر يعكس في العمق نوع من المتطلبات الإعلامية التي أمسى المجتمع في حاجة إليها في ظل سيادة نوع آخر من الإعلام، يعرف عادة ب "الإعلام الوطني".
وإذا كان الإعلام «الجهوي والمحلي» يحيل على مسألتين: المسألة الأولى ترتبط بطغيان التناول الجهوي والمحلي لمختلف القضايا والملفات التي غالبا ما يكون حضورها على مستوى «الإعلام الوطني» محدودا. أما المسألة الثانية، فهي ترتبط باقتران هذه التجارب الإعلامية بغير الإعلام الممركز/الوطني، من حيث التناول والمقاربة الإعلامية وكذا من حيث الصدور. أي أنه يصدر من الهامش ومن جهات ومناطق مختلفة، حيث يكون قريبا من هذا المجال الجغرافي وقضايا المواطن وهمومه وانشغالاته. كما أنه قريب أيضا من الحدث. إنه، إذن، نوع من «إعلام القرب». ومعلوم أن المجتمع المغربي في أمس الحاجة لهذا النوع من الإعلام.
أما الصنف الثاني الذي يطلق عليه «إعلام وطني»، فهو يطرح إشكالية التسمية. فهل هو «وطني» من الوطنية وما دونه ليس بإعلام وطني، أم أنه وطني من حيث كونه يغطي كامل التراب الوطني وله متابعة وطنية لكل القضايا في مختلف جهات المغرب، لكن في نفس الوقت هو إعلام يرتبط بالمركز أساسا من حيث إصداره وتموقعه؟
من جهة أخرى، واضح أن «الصحافة الجهوية والمحلية» لها أهمية خاصة بحكم خصوصياتها وارتباطها بمجال ومحيط معين وقدرتها على المتابعة والمواكبة لمختلف القضايا والأحداث. لكن من جانب آخر، فهذه الوظيفة والأهمية تقترن بوجود مناخ وشروط مواتية وقادرة على المساهمة في تطوير أداء الإعلام الجهوي، وهو ما يفتقد إليه هذا الأخير.
فهناك ما يرتبط بالشروط المادية والتقنية التي تعد أهم إكراه يواجه هذا الصنف من الإعلام، لاسيما في غياب العديد من وسائل الاشتغال التي توفر إمكانيات العمل الصحفي. من هنا يبقى من الضروري دعم الإعلام الجهوي والمحلي بمختلف الوسائل والإمكانيات وهيكلته ومأسسته وتطويره.
أما ما يرتبط بالشروط البشرية، فتتعلق بالوضعية الاجتماعية للعاملين في حقل الإعلام الجهوي والمحلي. وكذا بغياب معاهد جهوية للتكوين المهني في ميدان الصحافة، وكذا بغياب التأطير والدورات التكوينية التي من المفروض على وزارة الاتصال في علاقتها بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، والمؤسسات الأخرى، القيام بها بشكل دوري ومستمر تماشيا مع التوجهات الجهوية التي يطرحها المغرب في مجالات مختلفة. كما يكتسي تنظيم الحقل الصحافي أهمية قصوى على مستوى تطوير وخلق آفاق واعدة ل «إعلام القرب». إضافة إلى ضرورة الانكباب على معالجة المشاكل التي يتخبط فيها هذا الإعلام وكذا تخصيص دعم خاص له، انطلاقا من منظور واستراتيجية تتوخى تأهيل وتطوير وضمان استمرارية صعبة لإعلام مواطن.
إن قراءة إجمالية لطبيعة شروط وإمكانيات اشتغال أغلب المؤسسات الصحفية والمنابر الإعلامية الجهوية والمحلية، تعكس حقيقة الوضع القائم الذي ينبغي تجاوزه من خلال مجموع متطلبات وحاجيات دعم وتأهيل هذا القطاع بالنظر لدوره ووظيفته وأهميته في هذا الوقت الراهن، وأيضا لما يطرحه من تحديات في المستقبل.
وعلى ذكر المستقبل، وفي ظل الدينامية التي يشهدها الحقل الإعلامي أمام تنامي ما تتيحه الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وعلوم الإتصال من إمكانيات ووسائل وسرعة الانتشار... فقد أصبح من المؤكد أن الإعلام الإلكتروني بكل عناصره وخصوصياته هو الصنف الإعلامي الأكثر انتشاراً والأكثر تأثيراً ومتابعة، لاسيما أنه يجمع بين الأصناف الإعلامية الأخرى: المكتوب، السمعي، البصري... رغم المشاكل والصعوبات المرتبطة بالإعلام الإلكتروني، وخاصة غياب إطار قانون ينظم هذا النوع. إضافة إلى إكراهات أخرى سنتطرق لها في مواضيع أخرى.
من بين التطورات التي سجلها وشهدها الحقل الإعلامي بالمغرب خلال السنوات الماضية، ظهور العديد من المنابر الإعلامية، بما يميزها من تنوع وسياقات وإكراهات، والتي أصبحت تصنف ضمن ما يعرف ب "الصحافة الجهوية والمحلية".
ومعلوم أن بروز هذا الصنف من الإعلام، يعكس نوعا من التطور والتحول الذي عرفه قطاع الصحافة والإعلام بالدرجة الأولى. كما يبرز من جانب أخر، حاجة المجتمع لهذا النوع وهذا الصنف من الصحافة في ظل التحولات الجارية.
وبطبيعة الحال، وبعد مرور عدة سنوات على بداية نشوء وتشكل الإعلام الجهوي والمحلي، في مختلف تجلياته وبشتى أصنافه، فقد أصبح من الضروري تقييم مسار عقدين من التراكم الذي تحقق ضمن هذا الإطار. تقييم تجربة بما ارتبط بها من أسئلة تتعلق بطبيعة أهمية ووظيفة هذا الصنف من الإعلام، وكذا العوامل التي كانت وراء هذا التحول. إضافة إلى سؤال طبيعة الخصوصية التي تميز ما يعرف ب «الصحافة الجهوية والمحلية» وكذا التحديات والاكراهات المطروحة أمامها..
علاوة على ذلك، هناك أسئلة أخرى مشتركة بين باقي أصناف الإعلام الجهوي والمحلي، خاصة المكتوب منه، وهي أسئلة تهم أساسا الشروط القانونية والمادية القائمة، والرهانات التي يواجهها في ظل التحولات الحالية والتي تسجل على صعيد عدة مستويات، لاسيما في ظل بروز تقنيات الإعلام التي توفرها الثورة التكنولوجية والمعلوماتية.
وعلاقة بالاسم الذي أصبح يطلق على هذا الصنف من الإعلام، فالأمر يعكس في العمق نوع من المتطلبات الإعلامية التي أمسى المجتمع في حاجة إليها في ظل سيادة نوع آخر من الإعلام، يعرف عادة ب "الإعلام الوطني".
وإذا كان الإعلام «الجهوي والمحلي» يحيل على مسألتين: المسألة الأولى ترتبط بطغيان التناول الجهوي والمحلي لمختلف القضايا والملفات التي غالبا ما يكون حضورها على مستوى «الإعلام الوطني» محدودا. أما المسألة الثانية، فهي ترتبط باقتران هذه التجارب الإعلامية بغير الإعلام الممركز/الوطني، من حيث التناول والمقاربة الإعلامية وكذا من حيث الصدور. أي أنه يصدر من الهامش ومن جهات ومناطق مختلفة، حيث يكون قريبا من هذا المجال الجغرافي وقضايا المواطن وهمومه وانشغالاته. كما أنه قريب أيضا من الحدث. إنه، إذن، نوع من «إعلام القرب». ومعلوم أن المجتمع المغربي في أمس الحاجة لهذا النوع من الإعلام.
أما الصنف الثاني الذي يطلق عليه «إعلام وطني»، فهو يطرح إشكالية التسمية. فهل هو «وطني» من الوطنية وما دونه ليس بإعلام وطني، أم أنه وطني من حيث كونه يغطي كامل التراب الوطني وله متابعة وطنية لكل القضايا في مختلف جهات المغرب، لكن في نفس الوقت هو إعلام يرتبط بالمركز أساسا من حيث إصداره وتموقعه؟
من جهة أخرى، واضح أن «الصحافة الجهوية والمحلية» لها أهمية خاصة بحكم خصوصياتها وارتباطها بمجال ومحيط معين وقدرتها على المتابعة والمواكبة لمختلف القضايا والأحداث. لكن من جانب آخر، فهذه الوظيفة والأهمية تقترن بوجود مناخ وشروط مواتية وقادرة على المساهمة في تطوير أداء الإعلام الجهوي، وهو ما يفتقد إليه هذا الأخير.
فهناك ما يرتبط بالشروط المادية والتقنية التي تعد أهم إكراه يواجه هذا الصنف من الإعلام، لاسيما في غياب العديد من وسائل الاشتغال التي توفر إمكانيات العمل الصحفي. من هنا يبقى من الضروري دعم الإعلام الجهوي والمحلي بمختلف الوسائل والإمكانيات وهيكلته ومأسسته وتطويره.
أما ما يرتبط بالشروط البشرية، فتتعلق بالوضعية الاجتماعية للعاملين في حقل الإعلام الجهوي والمحلي. وكذا بغياب معاهد جهوية للتكوين المهني في ميدان الصحافة، وكذا بغياب التأطير والدورات التكوينية التي من المفروض على وزارة الاتصال في علاقتها بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، والمؤسسات الأخرى، القيام بها بشكل دوري ومستمر تماشيا مع التوجهات الجهوية التي يطرحها المغرب في مجالات مختلفة. كما يكتسي تنظيم الحقل الصحافي أهمية قصوى على مستوى تطوير وخلق آفاق واعدة ل «إعلام القرب». إضافة إلى ضرورة الانكباب على معالجة المشاكل التي يتخبط فيها هذا الإعلام وكذا تخصيص دعم خاص له، انطلاقا من منظور واستراتيجية تتوخى تأهيل وتطوير وضمان استمرارية صعبة لإعلام مواطن.
إن قراءة إجمالية لطبيعة شروط وإمكانيات اشتغال أغلب المؤسسات الصحفية والمنابر الإعلامية الجهوية والمحلية، تعكس حقيقة الوضع القائم الذي ينبغي تجاوزه من خلال مجموع متطلبات وحاجيات دعم وتأهيل هذا القطاع بالنظر لدوره ووظيفته وأهميته في هذا الوقت الراهن، وأيضا لما يطرحه من تحديات في المستقبل.
وعلى ذكر المستقبل، وفي ظل الدينامية التي يشهدها الحقل الإعلامي أمام تنامي ما تتيحه الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وعلوم الإتصال من إمكانيات ووسائل وسرعة الانتشار... فقد أصبح من المؤكد أن الإعلام الإلكتروني بكل عناصره وخصوصياته هو الصنف الإعلامي الأكثر انتشاراً والأكثر تأثيراً ومتابعة، لاسيما أنه يجمع بين الأصناف الإعلامية الأخرى: المكتوب، السمعي، البصري... رغم المشاكل والصعوبات المرتبطة بالإعلام الإلكتروني، وخاصة غياب إطار قانون ينظم هذا النوع. إضافة إلى إكراهات أخرى سنتطرق لها في مواضيع أخرى.