المزيد من الأخبار






إذا الرّيف سُئل بأيّ ذنب "قُتِل".. في حيثيات وملابسات مشروع "التقطيع الجهوي" الجديد


إذا الرّيف سُئل بأيّ ذنب "قُتِل".. في حيثيات وملابسات مشروع "التقطيع الجهوي" الجديد
ناظورسيتي: محمّد زاهــد

تداول خلال اليومين الأخيرين على صعيد المهتمين والمتتبعين للشأن الجهوي مشروع التقطيع الجهوي الجديد الذي قدّم مسودته وزير الداخلية محمد حصاد للأحزاب السياسية قبل عرضه على المجلس الحكومي والمصادقة عليه في انتظار إحالته على المجلس الوزاري والبرلمان، وهو ذات المشروع التي جاء في صيغة غير الصيغة التي اقترحتها اللجنة الاستشارية للجهوية وفاجئ جل المتتبعين بالنظر للتغييرات الطارئة عليه.

المشروع الذي كان قد خلف ردود فعل عديدة بعض تجدد النقاش حوله وتكثيف بعض الندوات واللقاءات بخصوص طبيعة التقسيم المقترح( علما أن أقاليم الناظور والدريوش والحسيمة تبعا هي الأقاليم والمناطق التي شهدث أكثر اللقاءات حول هذا الموضوع والتي تم التأكيد من خلالها على ضرورة ضم هذه الاقاليم في جهة واحدة تسمى بالريف الكبير إلى جانب أقاليم الشمال وتازة )، أصبح من المؤكد أنه الصيغة النهائية التي سيتم إعتمادها، اللهم إذا حدثت مستجدات وطوارئ يمكن أن تساهم في إدخال تعديلات طفيفة عليه لكن دون المساس بجوهر المقاربة المعتمدة، لاسيما إذا علمنا أن هذا الملف يعرف تداخل ما هو أمني بما هو حزبي وتحكمي أكثر من الاعتبارات الثقافية والاقتصادية والمجاليّة.

الناظور والدريوش.. ضياع حلم "الريف الكبير"

عديدة هي التساؤلات والاستفهامات التي طرحها جل المتتبعون لمشروع "الجهوية المتقدمة" بعد الإطلاع على نسخة المشروع كما نشر في موقع الأمانة العامة للحكومة. تساؤلات نابعة أساسا من تضمين المسودّة لتقسيم جاء مخالفا لتطلعات المترافعين من أجل إقرار جهة الريف تجمع بين مختلف أطرافها، لاسيما وأن المشروع الجديد نصّ على ضم إقليم الحسيمة إلى جهة طنجة- تطوان- الحسيمة. فيما تم إبقاء الناظور والدريوش ضمن قائمة الأقاليم التي تشكل المجال الترابي لجهة الشرق. كما تم إلغاء تسمية جهة الريف- الشرق.

من جهة أخرى، فقد طفت تأويلات كثيرة تتعلق بدواعي وحيثيات هذا التقسيم الفجائي. كما تجدد النقاش حول إمكانية تدخل حزب الأصالة والمعاصرة بشكل خفي في إخراج هذه "الهندسة" الترابية بطريقة تتماشى ورهاناته الانتخابية المستقبليّة، وهو الرأي الذي يستند على الخرجة السابقة لقيادي الحزب المذكور محمد بودرا "هدّد" فيها من الخروج إلى الشارع إذا ما تم اعتماد التقسيم الجهوي الذي كان مقترحا. كما يستند هذا الرأي القائل بإمكانية تدخل "البام" على سكوت الحزب وعدم توقيع برلمانييه إلى جانب برلمانيي المنطقة على الرسالة الموجهة لرئيس الحكومة في شأن ذات الموضوع.

تأويلات رد عليها محمد بودرا نافيا أن يكون حزبه على صلة بالموضوع لكون التقطيع الجهوي ليس في يد أحد. كما أكد تمسكه بتصوره الداعي إلى اعتماد جهة واحدة من طنجة إلى السعيدية.

أما التساؤل الثاني الذي طرح على ضوء تأكد الفصل بين إقليمي الناظور والدريوش وإقليم الحسيمة، فيتعلق بمدى قدرة النخب السياسية على التعبير عن تطلعات الساكنة ومدى دورها في صياغة القرارات. إضافة إلى مدى أهليتها السياسية وقدرتها على الدفاع عن مصالح المنطقة، لاسيما على مستوى الناظور.

الحسيمة.. هل انتصرت "أطروحة" المغرب المتوسطي"؟

يبدو أن تجميع أقاليم طنجة وتطوان والحسيمة والشاون وأزيلا في جهة واحدة هو اعتماد منطقي ويستجيب لتكامل عناصر وأبعاد إحقاق جهوية فعالة.

لكن الغير مستساغ هو فصل الحسيمة عن أطراف أخرى، خصوصا الناظور والدريوش، كان من المفترض أن تنضمّ لجهة واحدة فيما يمكن أن يشكل نموذجاً لتقسيم يتجاوز الأنماط التي تتحكم فيها الاعتبارات الأمنية والانتخابية..

ورغم تأجيل المجلس الحكومي المنعقد يوم 22 يناير الجاري البث في مناقشة مشروع مرسوم رقم 40-15-2 الذي يقضي بتحديد عدد الجهات وتسمياتها ومراكزها والعمالات والأقاليم المكونة لها، والذي تقدم به السيد وزير الداخلية، وذلك على خلفية بعض التحركات التي قام بها حوالي 10 برلمانيين ينتمون لمنطقة الريف والرافضون لنموذج هذا التقسيم الذي يفصل بين أقاليم متكاملة، إلاّ أن ما أثاره الأمر جعل عدة أسئلة تطرح في انتظار الحسم النهائي في الأمر. أم أن المسألة قد حسمت بشكل نهائي وتدخلت فيها اعتبارات أكبر من أن يتم تغيير التقسيم الجهوي وعمالاته وأقاليمه.

تازة.. الجزء الضائع على أعتاب فاس ومكناس

يعد إقليم تازة من أقاليم الريف التي كان من المفترض أن يتم ضمها إلى جهة واحدة إلى جانب كل من الدريوش والناظور والحسيمة، إلاّ أن مسودة مشروع التقطيع الجهوي الذي تقدم به وزير الداخليّة فصلت هذا الإقليم على بقية أطراف الريف الكبير، حيث تم ضمها إلى جهة فاس مكناس بعد أن كانت تنتمي لجهة الحسيمة تاونات جرسيف وفق التقسيم الجهوي الجاري به العمل لحد الساعة.

على ضوء ما سبق، يبدو أن "الجهوية الموسعة" التي أكد الخطاب الرسمي أنها ورش يتوخى "بناء جهات قوية ومتضامنة ومساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية" تبعا لما جاء في المذكرة التقديميّة لمشروع المرسوم رقم 40-15-2 القاضي بتحديد عدد الجهات وتسميتها ومراكزها والأقاليم المكونة لها، يبدو أن هاجس التحديدات الأمنية والهواجس الانتخابية أصبحت أكثر تحكما في التقطيع الجهوي مقارنة مع الاعتبارات الأخرى التي لم يتم الحديث عنها، كالمعطى الثقافي والسوسيومجالي والتاريخي، بدليل تقسيم أقاليم ومناطق تجمعها نفس هذه الاعتبارات ومع ذلك تم ضمنها إلى 3 جهات مختلفة.

ويبقى سؤال ما ستحمله الأيام القادمة من مستجدات هو الحاسم في أمر الولادة العسيرة والمخاض الصعب لجهوية غير واضحة المعالم.

إذا الرّيف سُئل بأيّ ذنب "قُتِل".. في حيثيات وملابسات مشروع "التقطيع الجهوي" الجديد


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح