المزيد من الأخبار






"ألعاب شعبية مغربية من الريف" إصدار جديد للباحث في التراث الأمازيغي محمد بودشيش


"ألعاب شعبية مغربية من الريف" إصدار جديد للباحث في التراث الأمازيغي محمد بودشيش
سعيد بلغربي

صدر مؤخرا ( شتنبر 2021م) عن مطبعة الطالب بوجدة (المغرب) كتاب جديد للكاتب والباحث في التراث الشعبي بالريف ذ. محمد بودشيش تحت عنوان: "ألعاب شعبية مغربية من الريف"، يقع الكتاب في 223 صفحة، من تقديم د. جمال الدين الخضيري، تزينه لوحة فنية لسامية بودشيش.

يحوي الكتاب بين طياته بحثا تراثيا قيما يتعلق بسبعة وأربعين لعبة، قسمها الباحث محمد بودشيش في عمومها إلى ستة أصناف، منها ألعاب جماعية وأخرى تتعلق بالمناسبات وألعاب مرتبطة بالمهارات والمغامرات ثم ألعاب للكسب وأخرى تنافسية وألعاب ذهنية. وهي نماذج لألعاب شعبية كانت تمارس إلى وقت قريب بالريف بشمال المغرب وخاصة في المجال الترابي لقبيلة أيت سعيد / أمجاو، هذه الألعاب التي كانت تجرى بين فئات مجتمعية مختلفة من أطفال، ويافعين، ونساء، وكبار السن... بذل من خلالها الباحث مجهودا كبيرا في جمعها وتدوينها والتعليق عليها وتحليل بعض جوانبها انطلاق من مجموعة من المعطيات الأنتروبولوجية واللغوية.

ومن بين الألعاب المعروضة بالكتاب نجد: (فولعلع، كركز، حابو قشّار، أتسايرهاه، تولاّ، أرقايمون، أقلّوز..)، وهي ألعاب كانت تمارس وفق مجموعة من الضوابط والقوانين المتوارثة، كما أنها تعتبر مصدرا غنيا بمعجم من المصطلحات الأمازيغية والأجنبية الغامضة والمبهمة والتي استطاع الباحث بودشيش شرحها وتبسيطها في متن الهوامش، يقول د. جمال الدين الخضيري في مقدمة الكتاب:" وبدون هذه الإحالات يصعب مواكبة المتن، والحقيقة أن هناك قاموسا متميزا وظفه الباحث في هذا العمل، ويحسب له هذا التفرد وهذا الإنجاز".



يتضح جليا من خلال المؤلف أن كل لعبة من هذه النماذج لها سياقها الزماني والمكاني الذي تمارس فيه، وذلك وفق سياق ثقافي واجتماعي وديني. ألعاب تسعى إلى تنمية مهارات وقدرات الفرد بدنيا وذهنيا، وكذلك تنمية روح التخيل والتفكير لدى فئات مختلفة من المجتمع، كبث روح الحماسة والتسلية والمرح، وكما ساهت بشكل كبير في نشر قيم أخلاقية سليمة تنبني على روح المنافسة الشريفة وتنمية الملكات الإيجابية لممارسيها مثل سرعة البديهة وتنمية قيم الخير في المجتمع، والتي تنم عن عبقريته في الابتكار وفي صناعة الفرجة بامكانياته البسيطة المتاحة في الطبيعة. كما أنها جاءت كصورة واضحة عن غنى ثروتنا الثقافية وتنوع إنتاجها الحضاري في أبعاده المختلفة.

إضافة إلى دورها الترفيهي وخاصة في وقت كانت فيه وسائل التسلية منعدمة. وهي ألعاب لم تصمد في وجه التطبيقات والبرامج المصاحبة للتطور التكنولوجي الحديث، فبدأت تختفي تدريجيا من حياتنا اليومية.

يمكن القول بأن الكتاب جاء لينفض غبار النسيان عن جزء مهم من ثقافتنا الأمازيغية اللامادية، التي نأسف بأنها تتعرض للانقراض دون توثيقها بشكل واضح. وهو موروث شعبي يحوي بين طياته تراكمات شعوب استوطنت المنطقة عبر التاريخ (الإغريق، الرومان، العرب، الإسبان..)، وهي إتجاهات ساهمت بلا شك في التأثير على "مؤسسة اللعب" بالريف، وذلك من خلال ما تحمله من قيم تربوية هائلة جاءت لبناء الإنسان الأمازيغي ثقافيا وأخلاقيا وقيميا..

وفي الختام، جاء البحث كوثيقة مكتوبة استطاع من خلالها الباحث رسم مجموعة من الألعاب التي تبين أن المخيال الجمعي الريفي كان في أوج نشاطه الإبداعي. إلاّ أن الكتاب يفتقد إلى التوثيق والإيضاح البصري الذي يقرب القارئ إلى مجموعة من المعطيات التي يمكن تفسيرها عن طريق الصور والرسومات التوضيحية.

241760776_251662570181538_381742236148623462_n.jpg


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح