المزيد من الأخبار






أحـلام مـنـدثـرة


أحـلام مـنـدثـرة
قـلـم جـمـال أزضـوض

في صبايا قلت يوما لوالدي وبراءة مرسومة على محياي و نحن على مائدة الافطار: متى سأشرب من كأسك الكبير هذا؟. ضحك رحمه الله ضحكة طويلة كلفته عدة شهقات و مثلها زفرات فاستطرد قائلا وهو يمسك قهقهته: عندما تكبر. و منذ ذلك الحين وهمي الوحيد هو أن أصير كبيرا.

هأنذا قد كبرت و حققت حلمي الذي بات صغيرا مقارنة مع أحلامي الانية، فعلمت أن ما كان قد همني في ماضيَ ليس هو المبتغى، فبدأت أحلم بأن أدرس بجد و كد و أصير موظفا بأي قطاع. اجتزت مرحلة الابتدائي بسلام ثم كمثلها مرحلة الاعدادية ثم مرحلة الثانوية التي ستجل لي عثرتين في حياتي نتيجة اندثار أحلامي، سنتين من حياتي لم أحلم فيها قط كان كل همي هو اللهو و العلاقات العابرة.

لا زلت أذكر 'عبد المؤمن' مقتصد ثانوية حسان بن ثابت السابق رحمه الله. الذي وقف الى جانبي كثيرا بعد وفاة والدي رحمهم الله جميعا، أخبرني يوما وهو يبشرني بنبأ قبول طلبي للعودة الى الدراسة بعد طردي منها: " والدك رحمه الله كان دائما يحرص على تعليمك و يريدك في درجة عالية تشرفك و تشرف العائلة فعليك أن تعمل بجد لتحقق أمنية والدك".

بقي صدى كلامه رحمه الله يتردد في أذني طيلة السنتين الاخيرتين و بفضل الله سبحانه توفقت و لم أٌعد الكَرة مرة أخرى، و استفدت من أخطائي، و امتثلت لنصيحته، فحصلت على شهادة الباكالوريا "حلم كل تلميذ مغربي". لأدخل بعد ذلك في الحيرة المغربية المشتركة، و لأعاني كالكثير من مَنهم مثلي من ضعف التوجيه.

حلمي الأن حٌلمان، أحلم أن أصبح رجل تعليم لكني أحب مهنة الصحافة. تختلط علي الأمور بعد كل استفاقة من نومي، لا عطلة مدرسية لي هذه السنة أظن أن اتخاذ قرار لتسلك طريقا ما أصعب من تشييده. أحلم رغم أني أعلم أن أحلامي ستندثر يوما ما لأني في وطن لا يبادلني الاحترام و التقدير. و أعلم أنه لن يكافئني على حبي له لأنه مثل صديقتي القديمة، التي كانت دائما ما تطلب مني أن أحبها بدون مقابل فتركتها. لكني لا أظنني أستطيع التخلي عن مرتع صبايا.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح